كلينتون تقدم اجتماعها مع نتنياهو إلى مساء اليوم.. وستذكره بالإحراجات الإسرائيلية للسياسات الأميركية

أبو مازن: نتنياهو القديم لم يتغير

TT

تعقد وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لقاء مميزا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حال وصولها إلى إسرائيل مساء اليوم. وحسب مصادر سياسية مطلعة فإنها تحمل طلبا من الرئيس باراك أوباما، أن يدرك نتنياهو «إلحاحية المرحلة»، ويفهم أن السياسية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة تسبب حرجا للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط والعالم.

وتسبق كلينتون لقاءها مع نتنياهو، الذي كان مقررا ليوم غد، بلقاء مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي وصلها مساء أمس قادما من المغرب، حيث كان يشارك في اجتماعات الملتقى الدولي حول القدس. وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن كلينتون طلبت لقاء أبو مازن في أبوظبي قبل لقائها مع نتنياهو. وجرت العادة أن يأتي لقاء المسؤولين الأميركيين مع أبو مازن وبقية المسؤولين الفلسطينيين بعد لقاءاتهم مع المسؤولين الإسرائيليين. ولكن كلينتون لم تنتظر عودة أبو مازن اليوم أو فجر غد، إلى الأراضي الفلسطينية واقترحت اللقاء به في أبوظبي التي ستصلها قادمة من باكستان.

وكان مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، قد مهد لزيارة كلينتون خلال اجتماعه أمس مع كل من نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك. ولكن الناطقين الإسرائيليين تجاهلوا ما دار في اللقاءين حول الموضوع الفلسطيني، واهتموا في الإشارة إلى الموضوع الإيراني فقط. وأبرزوا تصريحات نتنياهو بأن نص الاتفاق الذي أعده الغرب للتفاهم مع إيران إيجابي.

وفي الموضوع الفلسطيني ذكرت مصادر سياسية غير رسمية أن نتنياهو قال لميتشل إن المطلوب الآن هو ممارسة الضغط على أبو مازن حتى يوافق على استئناف المفاوضات. وقال: «أنتم تعرفون أننا نوافق على استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وهو الذي يمتنع عن ذلك».

ويرفض الفلسطينيون، كما قال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، العودة إلى طاولة المفاوضات طالما استمر نتنياهو في البناء الاستيطاني سواء في القدس المحتلة أو في الضفة الغربية، وكذلك طالما استمر في رفض استئناف المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها مع سلفه إيهود أولمرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وكانت مصادر إسرائيلية قد تحدثت، أول من أمس، عن اقتراح أميركي جديد يقضي بالتوجه إلى مفاوضات مرحلية، حول إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. ولذلك، قال نتنياهو لدى استقباله ميتشل أن إسرائيل مستعدة للدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين أيضا حول تسوية مؤقتة. ولكن الفلسطينيين رفضوا هذا الاقتراح قبل أن يسمعوه، وأكدوا أن التسوية يجب أن تكون شاملة للخروج بحل دائم للصراع، يقوم على أساس دولة فلسطينية عاصمتها القدس في حدود 1967.

ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس، على لسان شخصيات إسرائيلية التقت مؤخرا مع أبو مازن، ورئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، وياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية، أنهم يائسون تماما من إمكانية نجاح الجهود الأميركية في استئناف المفاوضات. وقالوا إن نتنياهو القديم بمواقفه المتطرفة لم يتغير، وكل ما يفعله هو تضليل العالم والأميركيين لكسب الوقت، وأنهم، أي الفلسطينيين، لن يشاركوه هذه اللعبة.

وعندما قال له الضيوف الإسرائيليون إن نتنياهو براغماتي وسيتغير، وإن عليه أن يتحلى بالصبر، أجاب أبو مازن: «أسمع هذه الكلمة كثيرا، ولكنني لا أرى أنه تغير، ولا أرى هذه البراغماتية. وحتى إذا كان ما تقولونه صحيحا، فإن الوقت الذي بين أيدينا قليل. ولا يحتمل الانتظار. كل ما لدينا هو مسألة أسابيع قليلة. وآمل أن تستطيع الوزيرة كلينتون أن تحدث انفراجا خلالها».

وأشار أبو مازن إلى ما تقوم به إسرائيل من تصعيد في الاستيطان وفي الاعتداءات على المصلين في الأقصى، وقال إنه واثق من أن هذا كله من صنع نتنياهو. وأكد أن هذا التصعيد سيؤدي بشكل حتمي إلى تدهور أمني كبير وخطير في المنطقة.

ورد الوفد الإسرائيلي أن أبو مازن أشاد برئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت. وقال إنه رغم عدوانه على لبنان وقطاع غزة، أبدى رغبة حقيقية في التوصل للأم. وأجرى معه مفاوضات عميقة تناولا فيها كل القضايا بكل صراحة. وكاد ينهي الملف تماما معه، باتفاق سلام كامل، لولا أن الانتخابات الإسرائيلية جاءت برئيس حكومة مكانه.

ورد نتنياهو على تصريحات أبو مازن قائلا إن أقواله ترتد عليه لأنه يرفض مجرد الحديث مع إسرائيل. وبدلا من أن يتفرغ لموضوع السلام، أغرق نفسه في معركة انتخابية لن تتيح لأحد أن يتحدث عن السلام. وهذا كله يدل على أنه غير جاد في التوجه إلى العلمية السلمية.

من جهتها، انتقدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، د. حنان عشراوي، سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط، وقالت إنه تراجع أمام ضغوط الإسرائيليين. وأعربت عن شكوكها في أن تستطيع كلينتون أن تؤثر على سياسة التعنت الرفضية الإسرائيلية. وقالت: «مع ميتشل فهمنا أن الرئيس أوباما شخصيا مهتم بالقضية، ولكن تسليم الملف إلى وزيرة الخارجية، قد يعني أنه انخفض درجة، وأن الرئيس لم يعد يضعه في رأس سلم الاهتمام وهذا مزعج».