البصرة: العشوائيون يحولون الأحياء السكنية إلى مراع لقطعان مواشيهم

حيواناتهم تلتهم زهور وشجيرات حدائق الدور في الأحياء النظيفة

قطيع من الأغنام في حي سكني بالبصرة («الشرق الأوسط»)
TT

لم يكتفِ سكان البيوت العشوائية في محافظة البصرة، التي باتت كالدمامل المشوِّهة لجمال الأحياء السكنية، بتلوث المناطق والأنهار والتجاوز على شبكات الكهرباء والماء، بل تعدى ذلك إلى تربية قطعان المواشي من أغنام وأبقار سائبة في الشوارع، تلتهم زهور وشجيرات حدائق البيوت إن أغفل أحدهم إحكام إغلاق أبواب بيته الخارجية.

وشكا عدد من سكان الأحياء النظيفة لـ«الشرق الأوسط» من عدم وجود جهة حكومية أو منظمة إنسانية تحد من هذه الظواهر التي حولت الشوارع والساحات والبيوت إلى مراعٍ، وتعرضهم لتهديد الرعاة حال طرد قطعانهم من المناطق السكنية، مؤكدين أن حدائق بيوتهم تستباح بدخول عشرات من الأغنام تلتهم الأخضر واليابس عند نسيانهم إغلاقها. كما أعربوا عن مخاوفهم من استفحال تجاوزاتهم بعد أن اطمأنوا على عدم رفع تجاوزاتهم على أراضي الدولة بناء على توجيه من رئيس الوزراء نوري المالكي قبيل انتخابات مجالس المحافظات الماضية.

وقال عبد الخالق المنصوري (رجل أعمال يسكن منطقة الجبيلة): «عندما فتحت الباب الخارجي للبيت وأخرجت سيارتي من الكراج، وعلى غفلة هجم قطيع كبير من الأغنام إلى داخل حديقة المنزل وأدى إلى إتلاف معظمها، ولم أستطع إخراجها إلا بشق الأنفس وأمام أنظار الراعي الذي تباطأ بإخراج قطيعة وهو يردد بشكل عدواني: أين تذهب الحيوانات؟ إنها جائعة»، مشيرا إلى أن «هذا الموقف يتكرر دائما في البيوت القريبة منه».

وأفاد عماد قاسم (مهندس) أن لديه حوض ماء أمام داره الذي قيد التشييد يستخدمه العمال في البناء، وكثيرا ما يأتي الرعاة إلى الحوض لإرواء حيواناتهم منه، وهذا شيء مقبول إلى حد ما، ولكنهم يستغلون عدم وجود الحارس أو أحد العمال فيجعلون من الحوض حماما لغسل الأغنام مما يجعل المياه فيه على درجة كبيرة من القذارة، فاضطر إلى تأجير عمال لتفريغه وتنظيفه وملئه من جديد.

كذلك يفاجأ سائقو السيارات بإشارات رجال المرور بإيقاف حركة الشارع كي يمر قطيع أو أكثر في الشوارع الرئيسية، ويرى العقيد رياض العيداني مسؤول شعبة الإعلام في دائرة المرور أن «هذه الظاهرة غير حضارية وتسيء إلى معالم المدينة، وقد انتشرت خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت للنظر». وأضاف أن «مسؤولية الحد منها ينبغي أن تكون تضامنية في تطبيق القوانين النافذة، والتي تحرم تربية الحيوانات داخل الأحياء السكنية ابتداء من المجالس المحلية ومجلس المحافظة ودوائر البيئة والصحة والبيطرة والبلدية». ولم تغب هذه الظاهرة عن دائرة البلدية خلال عمليات تشجير الجزر الوسطية للشوارع والساحات العامة حين وضعت أسيجة حامية لها، واكتفت بغرس الأشجار التي لا تتناولها الحيوانات لمذاقها المر.

صاحب حسين حوّل قطعة الأرض المجاورة لبيته العشوائي في محلة الهادي إلى زريبة لقطيع أغنامه المكون من 73 رأس غنم، وقال: «أخرج بها مبكرا أطوف الشوارع ومكبات النفايات في عدد من الأحياء لعدم قدرتي على توفير كامل العلف لها، وعند العودة في المساء أقدم لها أشياء قليله من النخالة والخبز اليابس الذي تتسوقه امرأتي من الفائض لدى العوائل وبأسعار زهيدة». وأضاف: «لا يوجد لدي عمل آخر سوى تربية الحيوانات وبيع من يكبر من الحملان بمبالغ توفر لعائلتي لقمة الخبز»، مرددا: «لا أحد يبالي بالفقير، فالكل يغني على ليلاه».

وحذر علاء حاجم (طالب جامعي) من مخاطر هذه الطبقة الاجتماعية التي يسودها التذمر من بؤس العيش والفقر والإهمال وغياب العدالة الاجتماعية، متوقعا «تمردهم على السلطات المحلية ومطالبتهم بحصصهم من ثروات البلد».