«الشرق الأوسط» في جولة داخل بورصة نيويورك

وسطاء: الحذر سمة تعاملات المستثمرين في الوقت الحالي

جيف ومارك الوسيطان المتخصصان في صالة التداول الرئيسية والوسيطة كارول ميرفي خلفها صالة التداول الرئيسية («الشرق الأوسط»)
TT

ربما فقدت بورصة نيويورك الحيوية غير العادية التي اتسمت بها في كل صورة، أو تغطية إعلامية يظهر فيها المضاربون يصرخون، ملوحين بالإشارات لتنفيذ عملية في ثوان معدودة قبل ضياع الفرصة. وذلك نظرا إلى قلة العدد العامل بالبورصة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الأنظمة الكمبيوترية الجديدة التي تعمل بها أنظمة أكبر سوق مالية في الولايات المتحدة في الوقت الحالي. وأجمعت آراء بعض العاملين في بورصة نيويورك، على أن التذبذب الحادة والمفاجآت غير المتوقعة لم تعد موجودة في السوق، وأن التعامل الحذر هو مذهب أغلب المستثمرين في الوقت الحالي. وجاء ذلك أثناء جولة لـ«الشرق الأوسط» في صالات التداول في بورصة نيويورك، تحدثت فيها مع كارول ميرفي، التي تعمل وسيطة مالية في «غلوبال دايركت اكويتيز»، أوضحت فيها تفاصيل عملها اليومي في البورصة الذي يبدأ الساعة الثامنة صباحا، بساعة ونصف الساعة قبل بدء التداول. وركزت على أهمية حضورها للعمل في ذلك التوقيت لجس نبض السوق قبل افتتاح التداول، ومعرفة اتجاه المؤشر العام بعد الافتتاح مباشرة، نظرا للأنباء المتوفرة من الليلة السابقة التي قد يكون لها تأثير على الأداء العام. وأوضحت ميرفي أن عملها يرتكز على مراقبة حركة الأسهم طوال اليوم، والتحرك بالبيع أو الشراء نظرا للحركة التي تراها وفقا لعدة برامج على شاشات الكومبيوتر، تتقدم بها للمتخصصين الذين يرتدون السترات الزرقاء أو السوداء وهم الذين ينفذون عمليات البيع أو الشراء، وفقا لطلبات الوسطاء. وقالت «ربما ترى صالة التداول فارغة إلى حد كبير، على غير ما تعود عليه أي زائر للبورصة، وذلك لانخفاض عدد العاملين من 8 آلاف إلى 1800 فقط يعملون في صالة التداول الرئيسية». وتحدثت أيضا مشيرة إلى مدى التصاق أي مستثمر بالأسهم بعد تجربته الأولى، مفيدة أن قوانين العمل في سوق الأسهم تغيرت كثيرا في الوقت الحالي مقارنة بأيام الأزمة، خاصة بعد يوم خاص ذكرته وهو يوم انهيار بنك «ليمان براذرز». وتطرقت إلى شائعات الأخبار الداخلية، مؤكدة أنها ربما كانت موجودة من قبل، ولكن لم يعتمد عليها كليا، وقالت «الأنباء الداخلية ليست بأمر حقيقي، المسمى ممنوع في أي من أرجاء صالات التداول، ولا أعتقد أن له أساسا من الصحة». وشرحت الموقف الحالي بالنسبة للشركات المدرجة، موضحة أن أكثر من 3.5 تريليون دولار ما زالت خارج السوق في شكل سيولة يمسك عليها مستثمرون دون الدخول في استثمارات، ترجع إلى حالة عدم اليقينية التي يعيشها المستثمر والسوق. وقالت «ما أراه في الوقت الحالي أن المستثمرين يدخلون السوق ليجنوا القليل من الأرباح ثم يخرجون بسرعة، هذا هو الموقف السائد، ولكن التوقعات تشير إلى عودة كاملة في الربع الثالث من العام المقبل». في حين تحدث مارك وجيف، وهما وسيطان متخصصان يرتديان شارات بأرقام مميزة، تعمل كتحقيق شخصية لمنفذ العملية، يعملان في صالة التداول الرئيسية عن أجهزة كمبيوتر متطورة، تمكنهما من تنفيذ عمليات البيع والشراء بسرعة فائقة على غير ما كان الوضع من ذي قبل. وهما المسؤولان عن تنفيذ عمليات البيع والشراء إلكترونيا للوسطاء، مشيرين إلى أنه خلال الربعين الأول والثاني من العام المقبل، ستكون نهاية عملية تطهير البنوك من الأصول السامة، ليعود النمو مرة أخرى في الربع الثالث. وقال مارك، الوسيط المتخصص في «كيلوغ ترايدينغ» «الوسطاء الماليون يحفزون رفع نقاط المؤشر العام للسوق بنسب تتفاوت ما بين 1 و1.5 في المائة كلما استطاعوا للابتعاد عن اللون الأحمر. ومن الصعب تخيل الوضع في الربعين المقبلين، لكن ما يمكن قوله وهو الأبرز حاليا أن اتجاهات العديد من المستثمرين تقف عند حدود المغامرات التي اعتدنا رؤيتها من قبل». واستأنفت «الشرق الأوسط» جولتها في صالات التداول الجانبية من بورصة نيويورك، في غرف التداول الزرقاء وامتدادها، والتي يتم تداول المنتجات بها، ويظهر فيها جو من الاضطراب والتوتر على عكس صالة التداول الرئيسية. ومع تراجع العقود الآجلة للنفط ازداد الجو توترا في الغرفة الزرقاء، بينما كان يتم التداول في أغلب أجزائها عن طريق مستثمرين أفراد. وتقع البورصة في حي مانهاتن المالي بمدينة نيويورك، وهي أكبر سوق لتبادل الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأميركية من حيث تعاملاتها بالدولار وثاني أكبر بورصة من حيث عدد الشركات المدرجة حيث اجتازها سوق نازداك عام 1990. ويعزى تاريخ البورصة إلى عام 1729 بتوقيع 24 وسيطا ماليا اتفاقات بشأن سن قوانين للتعاملات المالية في الشارع الذي عرف بوول ستريت بعد ذلك، ثم تم الانتقال إلى ما سمي بالجراج، والذي يتم العمل به إلى الآن.