أصحاب الحقوق اللبنانيون في العراق يعاودون تحريك تعويضاتهم البالغة 176 مليون دولار

خسائرهم ضاعت 19 سنة بين بغداد وبيروت ونيويورك

TT

عاود أصحاب الحقوق اللبنانيون في العراق بعد مرور 19 عاما على تكبدهم خسائر قدرت بـ 176 مليون دولار، تحريك قضيتهم بعد أن باءت كل جهودهم السابقة بالفشل سواء مع السلطات العراقية الجديدة، أو مع سلطات الوصاية والاحتلال (الأمم المتحدة والولايات المتحدة) أو مع الحكومات اللبنانية، واستحالة إنشاء لجنة عراقية ـ لبنانية مشتركة لدرس الملف وتسويته بما يضمن حقوق أصحاب العلاقة، ويبلغ عددهم 125 شركة لبنانية. وجاء التحريك الجديد عبر وضع الملف بين يدي رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، ومن ثم التحرك في الداخل وفي العراق.

ولكي نفهم حقيقة «الحقوق» اللبنانية في العراق لا بد من العودة إلى عام 1990 تاريخ غزو العراق للكويت، حيث شنت الولايات المتحدة، بعد هذا الغزو، وبدعم من 34 دولة والأمم المتحدة، هجوما على العراق بين العامين 1990 و1991 أتى على كل مقوماته الاقتصادية والاجتماعية. وفي موازاة ذلك، وضعت الولايات المتحدة عقوبات على العراق أقرها مجلس الأمن الدولي في 6 أغسطس (آب) 1990 (وهو تاريخ إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما) وكان أن ولد القرار 661 الذي ينص في ما ينص على امتناع الدول عن استيراد كل السلع الأساسية والبضائع العراقية، أو الكويتية المنشأ المصدرة من هذين البلدين بعد تاريخ هذا القرار. كما ينص القرار على ضرورة امتناع كل الدول عن وضع أي أموال أو موارد مالية أو اقتصادية في متناول الحكومة العراقية أو كل مؤسسة تجارية، صناعية أو خدماتية قائمة في العراق أو الكويت، وعلى منع رعاياها وكل مقيم على أرضها من وضع مثل هذه الأموال والموارد في متناول الحكومة العراقية والمؤسسات المستهدفة، وبالتالي منع تحويل أي أموال إلى أشخاص فعليين ومعنويين موجودين في العراق والكويت، باستثناء المدفوعات الموجهة حصرا للاستخدام الطبي أو الإنساني، والغذائي إذا بررته اعتبارات ذات طابع إنساني.

وفي 16 يوليو (تموز) 2002 وجه القائد العام الأميركي السابق رمزي كلارك رسالة إلى أعضاء مجلس الأمن، يؤكد لهم فيها أن هذه العقوبات كانت السبب المباشر لوفاة أكثر من مليون شخص. ومع بلوغ هذا الوضع الإنساني حدا كارثيا كان من الطبيعي أن تطال شظايا هذا الوضع الشركات اللبنانية ذات الحقوق تشير التقديرات إلى أنها تبلغ 176 مليون دولار.

وبعد القرار 661 في السادس من أغسطس (آب) 1990 والحظر الاقتصادي المفروض من الولايات المتحدة، أقدم البنك المركزي العراقي (بنك الرافدين) وفرعه اللبناني على تجميد أصول اللبنانيين في العراق. ثم جاء الاجتياح الأميركي عام 2003 ليضيف صعوبات جديدة، بحيث لم تفض العقود الموقعة بين الشركات اللبنانية وبعض الفئات العراقية إلى دفع المتوجبات على هذه الأخيرة، حتى ولو كانت بعض المشاريع قيد التسليم. مع الإشارة إلى أن بعض الشركات اللبنانية التزمت بما عليها في ما خص الاتفاقات الموقعة مع الأمم المتحدة، لكن الدوائر العراقية لم تفتح الاعتمادات الموعودة. أضف إلى ذلك أن عمليات تدفق البضائع بقيت من دون تسديد.

وبعد زوال الخطر اعترف الفرع اللبناني لبنك الرافدين العراقي في عام 2004 ببعض الاستحقاقات المتوجبة للشركات اللبنانية من خلال رسالة وجهها إلى البنك الأم مع وعد بتعويض الخسائر، «لكن البنك المركزي اللبناني لم يتابع الملف مع بنك الرافدين»، بحسب رئيس لجنة أصحاب الحقوق عبد الودود النصولي، الذي اعتبر أن خير دليل على لامبالاة السلطات اللبنانية هو حصول المواطنين الأردنيين والسوريين من أصحاب الحقوق على حقوقهم من خلال إقرار مشروع قانون يقضي بتجميد أصول العراقيين في البلدين وتوزيع المستحقات منها على أصحاب الحقوق. وقد قدمت اللجنة اللبنانية مشروعا مماثلا إلى البنك المركزي، ومجلس الوزراء، والفئات المعنية، لكن المشروع اصطدم بالرفض.

ومما أضاف إلى الملف تعقيدات جديدة اتخاذ «نادي باريس» في عام 2008 قرارا يقضي بإعفاء العراق من 80% من ديونه. «وقد اتخذ هذا القرار، كما يقول نصولي، من دون استشارة الجهات اللبنانية، وعلى الأخص الجهة اللبنانية صاحبة الحقوق. وفي أعقاب هذا الإعفاء طلب وزير المال العراقي من شركة «ارنست انديونغ» درس ملفات الدين العام، فتبين لها أن 9.75% من الـ 20% المتبقية في طور التسديد، فيبقى 10.25% لتوزيعها على كل المتضررين من أصحاب الحقوق، ولكن من رفض هذا الاتفاق لم يتسلم قرشا واحدا، في الوقت الذي اعتبرت الأمم المتحدة أنه يعود للسلطات العراقية الاهتمام بالخسائر التي لحقت باللبنانيين».