مسلحون يقتلون جنديا سعوديا على الحدود مع اليمن ويصيبون 11.. والحوثيون يتبنون الهجوم

أمير جازان: لن نسمح لأي كان بتدنيس أراضينا * تعليق الدراسة في 12 مدرسة * إقامة مراكز إيواء لأهالي القرى الواقعة في أماكن خطرة

جثة تركي القحطاني محمولة من زملاء له بعد الصلاة عليه أمس (الفرنسية)
TT

أعلنت السعودية وعلى لسان مصدر مسؤول «أنه تم رصد تواجد مسلحين تسللوا أول من أمس إلى موقع «جبل دخان» داخل الأراضي السعودية بالقرب من مركز خلد الحدودي مع اليمن في قطاع الخوبة في منطقة جازان (جنوب غرب البلاد). وذكر المصدر أن المتسللين أطلقوا النار على دوريات حرس الحدود من أسلحة مختلفة، ونتج عن ذلك استشهاد رجل أمن وإصابة 11 آخرين. في حين أكد المصدر أن الموقف ما زال محل المتابعة».

من جانب آخر، أعلن المكتب الإعلامي للحوثيين في اليمن مسؤوليته عن الحادث في بيان أصدره أمس، زاعما تمكنه من الاستيلاء على جبل دخان الواقع على الشريط الحدودي بين السعودية واليمن، ويعد من أشهر مناطق التهريب والتسلل بين السعودية واليمن ولا يبعد سوى كيلو مترات معدودة عن منطقة الملاحيط اليمنية التي شهدت اندلاع مواجهات الحرب السادسة بين حركة التمرد الحوثي والجيش اليمني.

وكانت منطقة جبل دخان قد شهدت يوم أمس تحليقا للطيران الحربي السعودي وسط توافد إمدادات عسكرية إلى المنطقة تمركزت عند قرية العين الحارة والتي لا تبعد عن الشريط الحدودي سوى عشرة كيلو مترات حيث ذكر شهود عيان أن قوات عسكرية تمركزت في منطقة وادي خمران.

وتوعد الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان بعد أن تقدم أمس المصلين على تركي القحطاني، الذي قتل في الهجوم، بالتصدي لمن يهاجم الأراضي السعودية.

وقال الأمير محمد في تصريحات للصحافيين، إن بلاده لن تسمح لأي كان «أن يدنس أراضيها بمثل هذا العمل الجبان». وشدد على أن السعودية تسعى للسلام ليس على المستوى الداخلي فقط، وإنما على الصعيد العالمي أيضاً، إلا أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوز الخطوط الحمراء، والعبث بأمن واستقرار الشعب العربي السعودي».

واعتبر الأمير محمد بن ناصر، ما حدث في موقع جبل الدخان الحدودي «عملا من أعمال الفئات الباغية في بلدها وبين أهلها، والتي امتدت يد إجرامها وخبثها إلى داخل الأراضي السعودية، ونحن مهما كان ومهما حدث فإننا ندعو لدولة اليمن الشقيقة بدوام الاستقرار والأمن، وأن يعينهم على استتبابه في شمال البلاد أو جنوبها».

ووصف أمير منطقة جازان حادثة الاعتداء على الموقع الحدودي السعودي بأنها «من الأمور العابرة»، مؤكداً أن الأوضاع في منطقة الحدث «أصبحت قيد السيطرة الكاملة، وستتم معالجتها ومعاقبة المتسببين فيها». موضحاً أن المصابين من رجال الأمن يتلقون علاجهم حالياً، وتخضع حالاتهم الصحية للمتابعة المستمرة.

وأكد جاهزية الجهات الأمنية لتنفيذ جميع الخطط والتدابير الأمنية اللازمة في مثل هذه الظروف، بتعاون وتضافر الجهود بين مختلف الجهات الحكومية والأمنية، مشيراً إلى أن تلك الجهات باشرت اتخاذ التدابير الكفيلة بحفظ أمن واستقرار الوطن والمواطن، ومنها إقامة مراكز إيواء للسكان في القرى الواقعة في أماكن خطرة بالحدود السعودية ـ اليمنية بما يضمن سلامتهم وعدم تعرضهم لأي خطر.

على جانب آخر ذكر محمد الرياني مدير الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بجازان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تطورات الأوضاع الأمنية أجبرت الإدارة على إيقاف الدراسة في 12 مدرسة تتبع عشر منها لقطاع أحد المسارحة والحرث حيث تقع منطقة المواجهات بينما تتبع مدرسة واحدة لقطاع صامطة التعليمي (جنوب جازان) وأخرى لقطاع العارض شرقي المنطقة. وأضاف الرياني أن توقف الدراسة في هذه المدارس بدأ يوم أمس، مشيرا إلى أن عودة العملية التعليمية في تلك المدارس مرتبطة بالوضع الأمني، مؤكدا أن إدارة التعليم قد تلجأ في حال استمرار الوضع الأمني إلى خطة بديلة تتعلق بدمجهم مع المدارس الواقعة في المناطق الداخلية. وعلى صعيد آخر ذكر جبريل القبي المتحدث في صحة جازان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن رجل الأمن الذي قتل خلال المواجهات هو وكيل رقيب تركي القحطاني من قوات حرس الحدود وقد تم أداء الصلاة عليه يوم أمس بعد أن تم تسليم جثته إلى ذويه في مستشفى أحد المسارحة العام بتواجد مدير صحة جازان الدكتور محسن طبيقي الذي نقل لذوي المتوفى تعازي وزير الصحة السعودي. وأضاف القبي أن الحالات التي استقبلتها صحة جازان هي إحدى عشرة حالة تراوحت إصاباتها بين الطفيفة والمتوسطة تم استقبالها في مستشفى صامطة العام، موضحا أن حالتين خضعت لعمليات جراحية لاستخراج الشظايا والأعيرة النارية بينما غادرت ثلاث حالات المستشفى فور وصولها.

فيما كشفت مصادر أخرى عن وجود حالة ترقد في العناية المركزة بمستشفى صامطة. وذكرت المصادر أن حالته حرجة جدا بعد أن أصيب بطلق ناري في منطقة الصدر أدى إلى تضرر الكبد والبنكرياس.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المصابين هم علي محمد شراحيلي، يحيى محمد حدادي، سعد موسى حكمي، سامي علواني، أيمن العبدلي، علي الجوزي، عبد الله سالم العمشاني، محمد العازمي، عبد الله قصادي، محمد علي مجرشي، سلطان حمزي إضافة إلى الجندي نبيل الرياني وجميعهم من أفراد حرس الحدود. «الشرق الأوسط» تحدثت إلى عدد من أقارب وذوي المصابين الذين أشاروا إلى أن الإصابات تراوحت بين الطلقات النارية التي تعرضوا لها من قبل المسلحين إضافة إلى سقوط بعضهم أثناء عمليات المواجهة نظرا للطبيعة الجبلية للمنطقة.

وأكدت مصادر مطلعة أن رجال حرس الحدود فوجئوا في ظهيرة يوم الثلاثاء بهجوم عدد كبير من المسلحين المجهولين على دوريات لسلاح الحدود في جبل دخان داخل الحدود السعودية وقاموا بإطلاق النار بشكل مكثف على رجال الأمن المتواجدين في المنطقة بما أدى إلى خسائر بشرية وتعطيل لعدد من المركبات التابعة لحرس الحدود.

وأضافت المصادر أن حالات إصابة أخرى نتجت عن سقوط رجال الأمن في أودية وشعاب جبل دخان أثناء حركتهم وهو الأمر الذي أدى إلى تأخر إسعاف البعض. وقال قريب لعدد من المصابين (فضل عدم الكشف عن اسمه) إن أقاربه أصيبوا بطلقات في القدم والكتف والبطن، مشيرا إلى أن أحدهم يرقد في العناية المركزة. وعلى صعيد آخر بدأت السلطات السعودية عمليات إجلاء للمواطنين القاطنين في القرى المجاورة لجبل دخان، حيث قام الدفاع المدني بنصب مخيم لاستقبال النازحين. وبين محمد هزازي وهو مواطن من مدينة الخوبة التابعة لمنطقة جازان أن المخيم تم نصبه بجوار موقع الدفاع المدني حيث يتم تسجيل النازحين وأسرهم وإنزالهم. وأشار إلى ارتفاع نسبة الإشغال في الشقق السكنية والفنادق إلى نحو 100 في المائة في محافظتي أحد المسارحة وصامطة وسط توافد عدد أكبر من العائلات والأهالي من المنطقة الحدودية بعد أن طلبت منهم السلطات السعودية مغادرة منازلهم، موضحا أن قرى الغاوية والقرى المجاورة لجبل دخان قد خلت تماما من القاطنين.

وذكر شهود عيان وقاطنون في منطقة الخوبة الحدودية أن أهالي القرى الحدودية قد غادروها بعد نشوب المناوشات. وقال جميل هزازي وهو مواطن يقطن منطقة الخوبة إن عددا من القاطنين في القرى المجاورة لجبل دخان قد تركوا منازلهم وانتقلوا إلى السكن في القرى الداخلية البعيدة عن الشريط الحدودي. في حين ترددت أنباء عن تحويل رحلات الطيران المدني القادمة إلى مطار الملك عبد الله بجازان فقد أعلن مدير المطار المهندس راشد الزهراني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن المطار قد استقبل الرحلات القادمة إليه والمغادرة منه حسب ما هو جدول له صباح يوم أمس.

وحول إذا ما كان المطار سيستمر في استقبال الرحلات المجدولة في فترة المساء امتنع الزهراني عن الإجابة عن هذا التساؤل. وشهدت منطقة الخوبة والقرى المجاورة لها سقوط قذائف حربية بالخطأ منذ اندلاع المواجهات بين الحوثيين والقوات اليمنية، تنوعت بين قذائف مدفعية وقصف للطيران الحربي. وكانت وكالة الأنباء السعودية نقلت عن مصدر سعودي مسؤول قوله إنه تم رصد تواجد لمسلحين قاموا بالتسلل إلى موقع جبل دخان داخل الأراضي السعودية بالقرب من مركز خلد الحدودي في قطاع الخوبة في منطقة جازان، وقد قام هؤلاء المتسللون بإطلاق النار على دوريات حرس الحدود من أسلحة مختلفة، ونتج عن ذلك استشهاد رجل أمن وإصابة أحد عشر آخرين. ولا يزال الموقف محل المتابعة.

والمملكة إذ تعلن عن ذلك لتؤكد أنها سوف تقوم بما يقتضي واجب الحفاظ على أمن الوطن وحماية حدوده وردع هؤلاء المتسللين وأمثالهم من أي جهة كانوا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.