الحريري في انتظار «إجابات» عون.. وتأليف الحكومة إلى مزيد من التأخير

زهرا لـ«الشرق الأوسط»: الأجواء التفاؤلية بيع أوهام

TT

لم تصل بعد «الإجابات» المنتظرة إلى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من المعارضة على العرض الذي قدمه إلى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وبالتالي لم تصدر مراسيم الحكومة الجديدة التي يبدو أنها تعثرت بمزيد من العقبات التي ستؤخر عملية الولادة أياما إضافية. وغاب اللقاء النيابي الأسبوعي عن مجلس النواب، أمس، كما غاب اللقاء الأسبوعي عن القصر الجمهوري بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري، استعيض عنه باللقاءات الجانبية البعيدة عن الإعلام لإزالة ما تبقى من عقبات أمام تأليف الحكومة العتيدة. وتترقب الأوساط النيابية جلسة انتخاب أعضاء اللجان النيابية التي سيكون مصيرها كما مصير لقاء الأربعاء. وسيتكرر هذا المشهد في ظل الجهر الذي أطلقته الأمانة العامة لقوى «14 آذار» أنها لن تسمح بتشكيل اللجان النيابية قبل تأليف الحكومة وقبل نيلها الثقة. وهذا ما أكده لـ «الشرق الأوسط» نائب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا أن «لا تشريع في ظل غياب الحكومة ولا جلسات للمجلس قبل تأليف الحكومة وأن هذا ما درج عليه العرف وأصبح من المسلمات وإن جلّ ما يطلبه بري هو التمني بانتخاب أعضاء اللجان النيابية لإطلاق الورشة التشريعية للمجلس». وأضاف «صحيح أن هناك توافقا على التوزيع الطائفي للجان النيابية أعضاء ورؤساء، لكن التوزيع السياسي لا يزال يرتبط بالتوزيع السياسي للحكومة».

وسأل «ماذا أعطى تكتل التغيير والإصلاح الذي يترأسه النائب ميشال عون لتسهيل تشكيل الحكومة مقابل التنازل عن رئاسة لجنة المال والموازنة لهذا التكتل وإسنادها إلى أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان؟».

وحول مصير تأليف الحكومة، قال «إشاعة الأجواء التفاؤلية بإمكان تأليف الحكومة هي في الأساس بيع أوهام ولم تقترب إلى الحقيقة». وأضاف «أنا أصرّ على أن وضع العقد في تأليف الحكومة في ملعب العماد ميشال عون ومطالبه المتقلبة هو مجرد مخرج مقبول لعدم تبيان العقدة الحالية التي يمكن أن لا نضعها إلا عند حزب الله وتاليا عند المصلحة الإيرانية في خضم المفاوضات حول الملف النووي الإيراني للاحتفاظ بأوراق إيران الإقليمية ومن أهمها الورقة اللبنانية، ودور حزب الله عمليا يستفيد من مواقف العماد عون للتأثير، لكنه لا يمارس هذا التأثير لأن بذلك فقط يتحقق الجمود السياسي في لبنان والذي هو لب الورقة الإيرانية دون أن يتحمل مباشرة مسؤولية هذا الجمود».

بدوره، عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب عباس هاشم قال لـ«الشرق الأوسط» «المعارضة قدمت الكثير من التنازلات لمصلحة قيام حكومة الوفاق الوطني، وقد ارتفعت أن تعمد قبول المبدأ عند التزام المعايير الموحدة، بمعنى أوضح أن المداورة في الحقائب تكون بين الموالاة والمعارضة على أساس النِسب والتناسب لكن يبدو أن حلفاء الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري لا يبدون أي مرونة في سبيل تحقيق الوفاق وتسهيل مهمة الرئيس الحريري ويركِّزون في مقاربتهم للحكومة في طريقة هزيمة العماد ميشال عون، بينما المطلوب في المقاربة أن نعمل على نقاط مشتركة، وليس إلى تسجيل نقاط فارغة سوى في الشكل».

أضاف هاشم «من هنا نرى أن التباين بين الرئيس المكلف وحلفائه قد بان على السطح بمقولة الرئيس المكلف أن حلفاءه وقفوا بجانب والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو يناشدهم اليوم الوقوف بجانبه لتسهيل مهمته». وأمام هذه المعادلة يضيف هاشم «نرى أن الارتباط هو سيد الموقف، بينما اللحظة تحتاج إلى قرار جريء يتولى بموجبه الرئيس المكلف إعادة أو استعادة زمام الأمور بشكل جاد وخارج نطاق مزاجية البعض الذي أقل ما يقال فيه أنه خارج منطق الائتلاف والوفاق. لذا فإن ولادة الحكومة ترتبط بهذا القرار الجريء الذي نأمل من الرئيس المكلف في ألا يتأخر في اتخاذه لأن مصلحة الوطن هي فوق مصالح كل الأفرقاء».

واتهم نائب رئيس مجلس النواب، فريد مكاري، المعارضة بتعطيل ولادة الحكومة، آملا أن «يشفى البلد من هذه الوعكة الصحية بعدما أصابه فيروس التعطيل الذي يعطل البلد منذ أربع أو خمس سنوات. متمنيا أن تتألف الحكومة وأن ينتقل البلد من مرحلة الوعكة إلى مرحلة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي لأن فيه مصلحة لجميع سكان البلد». وقال مكاري، القريب من الرئيس المكلف «الرئيس بري من المتحمسين لتأليف الحكومة. مرت فترة التزم فيها الصمت لأنه كان منزعجا، ولا يرغب في التعبير عن انزعاجه. هناك تفاؤل في البلد، لكني من الناس الذين يعتبرون دائما أن هبّة ساخنة وهبّة باردة في موضوع التفاؤل مضرة بصحة تأليف الحكومة». واعتبر أن «إمكان تأليف الحكومة قريب جدا وخلال أيام، لكن تأليفها يتطلب أكثر من طرف، وهناك طرف يقدم تنازلات وهو مقتنع أن فيها مصلحة البلد، وأنا أعتبر أن هذه التنازلات انتصار له وليست خضوعا، وهناك أطراف أخرى تستغل هذا الموقف لمزيد من الطلبات، إما بناء لمصلحة خارجية أو لمصلحة شخصية، وتعتبر أن هذا انتصار لها». وعن انتخاب اللجان اليوم، قال «القاعدة واضحة، إذا تألفت الحكومة هناك انتخاب لجان، والعكس صحيح». واعتبر أن من يعطل تشكيل الحكومة هو من خسر الانتخابات ولا يتقبل النتيجة وليس مستعدا أن يتعاون في تأليف الحكومة».