من الصين.. أخو أوباما غير الشقيق يسرد رحلته لاكتشاف الذات

نشأ في كينيا واكتسب لكنته الأميركية من مدارس دولية وتفنن في الهرب من وسائل الإعلام

TT

ربما كانت هي الابتسامة المريحة. وربما كانت هي الأعين، التي أظهرت شعوره بالثقة في قدراته. عندما مشي مارك أوكوث أوباما ندساندجو إلى داخل الغرفة، كانت أوجه الشبه بينه وبين الرئيس أوباما الذي يشترك معه في الأب واضحة وإن كان من الصعب تحديدها بالضبط. كان الأب، باراك أوباما الأب، له حضور طاغ، بشخصية الجذابة وصوته الجهير ويميله إلى الأشياء المفاجئة المتغطرسة. وتبين أن الأبناء يميلون إلى الاستغراق في التفكير ولا يخشون من الشك في النفس. ومن ناحية الطول، نجد أن التشابه مفاجئ جدا. بالكاد يعرف أوباما والده، الذي ترك الوطن عندما كان أوباما الصغير في الثانية من عمره. ولكن، نشأ ندساندجو، الذي يبلغ من العمر 43 عاما في كينيا واكتسب لكنته الأميركية من مدارس دولية، في كنف شخص قال إنه أصبح يكرهه. ويقول:«ضربني والدي ووالدتي، وهذا شيء لا يقوم به، كان رجلا ذكيا، ولكن مثلما اعتادت أن تقول لي والدتي كان فاشلا اجتماعيا». وعلى مدار العقد الماضي، وبينما كانت الحياة المهنية السياسية لأوباما تصعد به إلى قمة الدولة الأكثر نفوذا في العالم، كانت حياة ندساندجو تتداعى، ولكن بعد ذلك بدأت الأشياء تجتمع من جديد. وبعد أن خسر وظيفته في «لوسنت»، شركة أجهزة الاتصالات، غادر الولايات المتحدة في عام 2002 لبدء حياة جديدة في الصين. وتعلم اللغة الإنجليزية، وكان يعطي دروسا في العزف على البيانو لأيتام وساعد صديقا على افتتاح سلسلة من مطاعم للحوم المشوية. وفي العام الماضي، تزوج من امرأة صينية. ويبدو أن الرئيس أكثر ارتباطا مع أقاربه من جهة والدته. ويقول أصدقاء إنه يعرف أخوه غير الشقيق الذي سافر إلى واشنطن مطلع العام الحالي، ولكن ليست له علاقة قوية معه. وحتى الآن، يتجنب ندساندجو الصحافة، ويعيش في شينزين، التي كانت في السابق قرية صيد بالقرب من هونغ كونغ وهي الآن مدينة بها ثمانية ملايين من الوافدين الجدد. ويقول أصدقاء إنه لم يتحدث يوما عن صلته بالرئيس. ويقول:«لم يكن يعنيني شيء في اسم أوباما». ولكن قرر ندساندجو أن يعلن عن نفسه، بعد أن كتب رواية تحكي سيرته الذاتية تحت عنوان «من نيروبي إلى شينزين: قصة حب في الشرق»، وهي تعكس رحلاته الهائمة والصراع من أجل هويته العرقية وطلبه للقبول داخل الصين الحديثة والصراع من أجل فهم أبيه. وقال في مقابلة الأسبوع الماضي، الخطوة الأولى في حملة متواضعة للإعلان عن الكتاب والتي بلغت ذروتها يوم الأربعاء بعقد مؤتمر صحافي هنا:«أردت أن أعثر على شيء أفضل بخصوصه».

وتعكس رحلة السيد ندساندجو رحلة الرئيس، الذي تفصِّل مذكراته «أحلام من أبي: قصة عرق وإرث»، رحلته الخاصة للوصول إلى سلام مع والده، الذي كان راعي ماعز في كينيا ومضى ليحصل على درجة عملية من هارفارد ولكنه ترك أوباما وأمه في هاواي. وبصورة مجملة، كان لدى أوباما الأب ثمانية أطفال من أربعة نساء قبل أن يموت عام 1982 في حادث تصادم سيارة عن عمر بلغ 46 عاما. وفي نهاية المذكرات، يبكي أوباما أمام قبر أبيه. وكتب: «شعرت في النهاية أن الدائرة تتم، وأن الألم الذي كنت أشعر به هو ألم والدي».ويجد ندساندجو نهايته في ابتكار مذكرات والده، التي تعطي بطل الرواية فهما في الأشياء المفاجئة التي كان يقوم بها والده. ويعرف كل من الولدين القليل عن نشأة الآخر، ورفض ندساندجو أن يملأ خانات فارغة عن العلاقة بينهما. وقال إن التفاصيل ستكون في سيرة ذاتية صحيحة، قال إنه جار العمل فيها.

وقال إن انتخاب أوباما كان بمثابة لحظة تحفيز، وساعد ذلك على استكمال كتابه وأجبره على مواجهة قضايا كانت تطارده. وقال: «العواطف والاتجاهات التي كانت هنا على مدى أعوام عدة وكانت تتقلب خلال أسابيع قليلة».

ويصف أوباما في كتابه لقاءه الأول مع السيد ندساندجو، وفيها عبر كثيرا عن احتقاره لأبيه والتخلف في كينيا. وينقل عنه أوباما قوله:«ترى أني منفصل عن جذوري بصورة ما، حسنا أنت على حق».

وكما هو الحال مع أخيه غير الشقيق، يكافح السيد ندساندجو في مواجهة عدة قضايا ذات صلة بالهوية العرقية، فأمه روث ندساندجو يهودية أميركية ولدت روث نيدساند الذي قابل أوباما الأب خلال الوقت الذي قضاه في كامبريدج وبعد ذلك تبعته إلى أفريقيا. وكان للسيدة ندساندجو التي ما زالت تعيش في نيروبي ولدان. ومات الآخر في حادث دراجة بخارية. ويقول السيد ندساندجو إن الامتزاج في العرق لم يكن شيئا سهلا في كينيا أو أميركا أو الصين. ويضيف: «أرى أني كنت دائما شخصا دخيلا إلى حد ما». وبعد المدرسة العليا انتقل السيد ندساندجو إلى الولايات المتحدة وحصل على درجات علمية في علم الفيزياء من براون وستانفورد وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة إموري. وعكف على تعلم العزف الكلاسيكي على البيانو، واستلهم ذلك من جدته، وهي مهاجرة لتوانية كانت تحب الفنون وخلف ذلك أثرا فيه. ويقول:«الشيء الذي جعلني مستمرا هو النساء القويات في حياتي».

وعلى الرغم من قراره بنشر كتاب، يقول السيد ندساندجو إنه ظل يخشى أن يفقد خصوصيته. وقبل الموافقة على إجراء مقابلة معه، اشترط أن يحصل على الأسئلة مقدما وأن تتجنب القضايا السياسية والشخصية.

ويقول هارلي سيدين، وهو صديق يدير غرفة التجارة الأميركية في جنوب الصين والذي ساعد على التخطيط للإعلان عن الكتاب: «إنه حساس جدا جدا، ودائما ما يكن يخشى أن يهين أوباما».ويقول السيد ندساندجو إنه مع اقتراب نهاية السباق الرئاسي حلم بكابوس عن أخيه غير الشقيق. وبعد أسبوع، وبعد حث زوجته، استقل طائرة وذهب إلى الولايات المتحدة. ويضيف أن الرجلين حيا بعضهما بعضا بعناق طويل، وأعطى ندساندجو له قطة خشبية مزخرفة كان قد رسمها. وترجمتها تقريبا «على الرغم من أننا بعيدون أشعر بالقرب منك». وقال إنه خطط لتقديم الرئيس لزوجته الجديدة عندما يزور الصين الشهر الجاري. وبعد المقابلة، مشى السيد ندساندجو تجاه جانب طريق مزدحم، وقد بدا جميلا بسترته الفضفاضة والحلق الذهبي والشال الذي وضعه حول رأسه الحلق. وطلبت مجموعة من الفتيات التقاط صورة معه. ولم يبد أن أحدا تعرف عليه حتى سأله رجلان نرويجيان عما إذا كان أخا غير شقيق للرئيس الأميركي. فقال «لسنا أخوة غير أشقاء، إنه أخي».

* خدمة «نيويورك تايمز»