المتطرفون في حكومة نتنياهو يدافعون عن تجميد الاستيطان أمام اليمين المتشدد

قالوا إنه جاء لإرضاء الأميركيين.. وبيلين يعتبره ضربة قاضية لأبو مازن وسلطته

TT

إزاء هجوم قادة اليمين المتطرف والمستوطنين على قرار الحكومة الإسرائيلية تجميد الاستيطان بشكل جزئي في الضفة الغربية، دافع وزراء اليمين المتطرف عن القرار مؤكدين أنه جاء لإرضاء الإدارة الأميركية وليس الفلسطينيين. وقال وزير الدولة، بيني بيغن، إن البناء سيستمر في القدس وفي ألوف الوحدات السكنية في الضفة الغربية. بينما اعتبره اليسار قرارا مدمرا للعملية السلمية. وقال يوسي بيلين، أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، إنه يشكل ضربة قاضية للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس (أبو مازن).

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن الليلة قبل الماضية عن تجميد البناء للأفراد في المستوطنات لمدة عشرة شهور «من أجل خدمة مصالح مختلفة لإسرائيل ومن أجل دفع عملية السلام إلى الأمام». وأكد أن البناء في القدس سيستمر من دون أي قيود، وكذلك البناء في المشاريع التي بدأ العمل فيها (2500 وحدة سكنية) إضافة إلى 455 وحدة أقرتها حكومته قبل ثلاثة شهور وإضافة إلى استمرار البناء في المباني العامة (دور عبادة ومدارس ومؤسسات جماهيرية). ولكن رغم موقف وزرائهم بالحكومة، فقد خرج المتطرفون من حزب الليكود الحاكم وأحزاب اليمين الأخرى بحملة احتجاج صاخبة، كما لو أن كارثة حلت على الاستيطان. وعقد رؤساء المستوطنات من حزب الليكود ومعهم عدد من النواب المتطرفين اجتماعا طارئا لهم، فور إعلان نتنياهو، وقرروا إطلاق حملة لمحاربته. وقال النائب داني دنون، إن وزير الدفاع، إيهود باراك، بات أكثر الأشخاص تأثيرا على نتنياهو ويقوده لدفع إسرائيل إلى هاوية حرب أهلية. واتهمهما ببيع أرض الضفة الغربية للفلسطينيين، مثلما باع أرييل شارون قطاع غزة في خطة الفصل. وقالت نائبة أخرى في الليكود، تسيبي حوتوبيلي، إن نتنياهو انحرف عن مبادئ الليكود، وأن الليكود الحقيقي هو في هذا التجمع الذي يرفض التنازل عن المشروع الاستيطاني. وقال داني ديان، رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية، إن نتنياهو خان المبادئ التي حملها والقيم التي ترعرع عليها. وذكره بأنه كان قد هاجم حكومة اسحق رابين على تخفيضها ميزانية الاستيطان، وقال إن هذا التخفيض هو بداية التفريط بالضفة الغربية. وأكد دنون أن المستوطنين لن يستطيعوا التعايش مع هذا القرار. وقرر قادة الاستيطان إلغاء الاجتماع المقرر مع باراك، ليوم أمس، للبحث في احتياجات المستوطنات، قائلين إن باراك بدأ في محاصرة المستوطنات وقطع التمويل عنها قبل قرار الحكومة. وأعلن النائب عن حزب «البيت اليهودي»، زبولون أورليف، أن حزبه سيعيد النظر في وجوده في الائتلاف الحكومي «لأن الحكومة بقرارها تجميد البناء في الضفة الغربية إنما تميز بين الضفة وبين القدس، وهذه بداية للتنازل عن الضفة الغربية لصالح الفلسطينيين، فإذا حصل سيغري الفلسطينيين لممارسة المزيد من الضغوط فيتنازل عن القدس». وفي اليمين الأكثر تطرفا من حزب الاتحاد القومي، دعا باروخ مارزل، إلى الإطاحة بنتنياهو «الذي يسير على طريقة شارون الإجرامية». وقال ايتان بن جبير، من قادة المستوطنين في الخليل، إن الوقت قد حان لإلقاء نتنياهو في مزبلة التاريخ سوية مع سابقيه، إيهود أولمرت، وشارون. وقال الرباي يعقوب يوسيف، نجل الحاخام عوفاديا يوسيف، إن نتنياهو يبرهن على أنه عنصري يميز ضد المستوطنين لصالح العرب، حيث يسمح للفلسطينيين بأن يبنوا بلا تراخيص ويحرم ذلك على اليهود.

لكن هذه الحملة اليمينية جوبهت بحملة دفاع عن القرار قادها الوزراء المتطرفون الذين صوتوا إلى جانب القرار. فقال وزير الخارجية، أفيغدور لبرمان، إن هناك مصلحة عليا في إسرائيل أن تحسن صورتها في العالم. واعتبر وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، أن القرار جاء إثر دراسة معمقة لمصالح إسرائيل السياسية والوطنية وليس فيه خسارة لإسرائيل. وقال وزير الدولة، بيني بيغن، إن القرار لم يأت بجديد ومن الخطأ اعتباره تجميدا للاستيطان، إنما هو تعليق مؤقت. وحذر رئيس مجلس الأمن القومي السابق، الجنرال غيورا آيلاند، من أن يؤدي القرار إلى إضعاف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس. وقال: «في الوقت الذي نفاوض فيه حركة حماس على صفقة تبادل أسرى ونقويها في صفوف الفلسطينيين، يأتي قرار التجميد الجزئي للاستيطان بلا أي فوائد للسلطة، بل إنه يحرجها بين الفلسطينيين ويظهرها عاجزة عن تحقيق أي شيء من إسرائيل».

ورفض الوزير لبرمان هذا الادعاء بأن حكومته تقوي حماس وتضعف فتح وقال: «إن مؤتمر فتح أثبت أن هذه الحركة لا تقل سوءا عن حماس». وزعم أن الكرة أصبحت الآن في الملعب الفلسطيني وهو غير معني بأي رد فعل للفلسطينيين.

وقال يوسي بيلين، رئيس مبادرة جنيف وأحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، إن الحكومة الإسرائيلية اتخذت قرارا هداما لعملية السلام. والادعاء في اليمين أنه جاء لتقوية أبو مازن هو نكتة سخيفة، لأن القرار في الواقع يشكل ضربة قاضية للسلطة الفلسطينية ورئيسها. واتهم بيلين الولايات المتحدة بالوقوف وراء نتنياهو. ووصف قرارها بأنه غبي وصفيق. وقال إنه لا يوجد بديل لاستئناف المفاوضات سوى تجميد الاستيطان بالكامل.

وهاجم النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي رئيس الحركة العربية للتغيير، أحمد الطيبي، الولايات المتحدة على امتداحها خطة نتنياهو لتقليص الاستيطان، وقال في بيان له: «إن هذه مسرحية أميركية إسرائيلية فاشلة. فالنص الذي تلاه نتنياهو وتزامنه مع تصريح جورج ميتشل المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، يبينان وجود تنسيق بين الطرفين، وأنه أمر متفق عليه, والمشهد معد مسبقا». وأضاف الطيبي أن استثناء مدينة القدس من قرار تجميد الاستيطان لم يكن صدفة، فيوجد حاليا مخطط في بلدية القدس ووزارة الإسكان ببناء 15 ألف وحدة سكنية في القدس المحتلة».