شكل المساواة بين المرأة والرجل كما رسمها أطفال الدول النامية في معرض بالرباط

تحت عنوان «كان هناك فتى وفتاة بدونهما معا ما كان العالم ليبقى»

لوحة من معرض الأطفال حول المساواة بين المرأة والرجل المقام حاليا في دار الفنون بالرباط («الشرق الأوسط»)
TT

أبان أطفال ينتمون إلى عدد من دول العالم الثالث عن تصوراتهم لقضية المساواة بين المرأة والرجل، انطلاقا من رؤيتهم الشخصية. رؤية يمتزج فيها الحلم بالأمل والتطلع لعلاقة إنسانية وعائلية واجتماعية تقوم على الاحترام المتبادل بين الطرفين. تجلى ذلك بكيفية ملموسة في المعرض التشكيلي الذي نظم في رواق دار الفنون بالرباط، ويستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر المقبل. المعرض نظمته مؤسسة أومنيوم شمال أفريقيا (أونا) والاتحاد الأوروبي، تحت عنوان «كان هناك فتى وفتاة، بدونهما معا ما كان العالم ليبقى».

والفكرة في الأصل، كما قال انيكو لاندابيري، ممثل البعثة الأوروبية بالعاصمة المغربية، قامت على مسابقة للرسم أطلقتها المفوضية الأوروبية من أجل إفساح المجال أمام أطفال الدول النامية للإفصاح عن تصوراتهم للشكل الذي ينبغي أن تكون عليه المساواة بين الرجل والمرأة في مجتمعات تسعى للحاق بالركب الحديث، وذلك من خلال تقاسم المسؤوليات والحقوق والواجبات.

وأضاف لاندابيري، أثناء حفل افتتاح المعرض، أن مشاركة الأطفال في المسابقة أبانت عن مواهب في الرسم، جسدت ما يراود أحاسيس أصحابها من مشاعر حول مسألة المساواة بين المرأة والرجل، على الرغم من صغر أعمارهم المتراوحة بين ثماني وعشر سنوات، وكانت استجابتهم واسعة، وبلغ عدد الذين أمسكوا ريشاتهم، وتفاعلوا مع الموضوع، وصبوا ألوانهم المبهجة على الورق 25000 طفل من 55 بلدا. ومن بين تلك الرسومات التي تدفقت على بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، تم انتقاء عشرات الرسوم المعروضة في مدينة الرباط، التي اختيرت لاحتضان هذه التظاهرة الثقافية والفنية، بحضور الأطفال الثلاثة الفائزين، وهم كاميليا من المكسيك، ولينا من المغرب، ومحمد من بوركينا فاسو. وكان لافتا للانتباه حرصهم جميعا على ارتداء أزيائهم الوطنية، للدلالة على تمسكهم بهويتهم الأصلية.

ولم تحمل توقيعات الأطفال على الرسومات سوى أسمائهم الشخصية، مرفوقة بالإشارة إلى أعمارهم، وكأن ما يهمهم فقط هو التعبير عن فكرة محددة، يدعو إلى التأمل في خربشاتهم التي لا تخلو من معنى، رغم بساطة التعبير العفوي والطفولي.

لينا (8 سنوات) من المغرب، صاغت رؤيتها للمساواة بين الرجل والمرأة، في لوحة تمثل الطرفين مساهمين في كل شيء على قدم المساواة، مع تعاليق صغيرة مصاحبة للرسم، بخطوط مرتعشة، تقول: «الرجال = النساء»، «المدرسة للجميع»، «نفس العمل نفس الراتب»، «مسؤوليات مشتركة».

أما عبد المالك، طفل جزائري عمره عشر سنوات، فعبر عن المساواة من خلال رسمه لرجل يخاطب امرأة، بينما تشابكت أيديهما كقوتين متساوتين: «أنت اليد الثانية في تشييد هذا العالم،» فتجيبه هي: «يدي في يدك لنبني معا عالما سعيدا». ومن تونس تفتق خيال سيرين (ثماني سنوات) عن رسم يجمع بين رجل وامرأة يسيران في طريق طويل، ويحملان معا ما يشبه سلة بينهما بالتساوي، تحيل الكلمات المصاحبة لهما في خطوهما على أن «الحياة، مسؤوليات وواجبات». فيما اختصرت دريانا (عشر سنوات) من أوكرانيا، المساواة بين الجنسين في رسم يمثل صبيا وصبية جالسين فوق أرجوحة، في ظل شجرة خضراء تحت أشعة الشمس، التي تغمرهما معا بأشعتها، وكتبت دريانا هذا التعليق فوق رأسيهما: «الشمس تشرق للجميع، ونحن متساويان فوق الأرجوحة». وقال محمد غرالدي، القادم من بوركينا فاسو، وأحد الفائزين في مسابقة الرسم، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاحتفاء الذي حظي به، والذي جعل منظمي المعرض يستدعونه لحفل الاستقبال من بلده، من شأنه أن يزرع في نفسه ثقة كبيرة في أن يواصل مشواره على درب الرسم، ليصبح في المستقبل رساما متفرغا.

وخلال حفل افتتاح المعرض تناثرت الطاولات في هذا الفضاء، وفوقها انغمس بعض الأطفال في الرسم بأقلامهم الملونة، بهمة وحماس ونشاط، غير آبهين بأضواء كاميرات التلفزيون التي كانت مسلطة عليهم، كرسامين كبار، أصبح لهم كعب عال، بعد أن صالوا وجالوا في عالم التشكيل.