جدة: الحمض النووي يعرّف بجثتين مجهولتين.. والصحة تسلم 7 ضحايا لذويهم

الدفاع المدني يبدأ مسحا ميدانيا في 5 بحيرات.. والأمانة تدرس ملف سيول ثول.. والأرصاد تتوقع هطول أمطار

البحث عن المفقودين ما زال مستمرا بعد كارثة سيول جدة («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن بلوغ عدد الجثث التي تم تسليمها إلى ذويهم من خلال بعض المستشفيات دون علم الدفاع المدني نحو 7 ضحايا، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتم العثور على قوائم جديدة ممن تم تسليمهم عن طريق جهات معنية أخرى.

وتتزامن هذه الأنباء، مع تحركات تجريها جهات حكومية مختلفة في مدينة جدة كتداعيات لكارثة سيول جدة، حيث بدأ الدفاع المدني بمسح ميداني في بحريات شرق المدينة، في حين تدرس «أمانة جدة» ملف تصريف سيول ثول، في وقت تتوقع هيئة الأرصاد والبيئة هطول أمطار جديدة.

وأوضح العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة، أن القائمة التي بعثت بها الشؤون الصحية تم رفعها إلى الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة، مشيرا إلى أنه تم التأكيد على ضرورة حصر الوفيات بشكل دقيق.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»:«ستتم إضافة أسماء الضحايا إلى قائمة الدفاع المدني الأساسية، إلا أنه من المحتمل وجود حالات أخرى تم تسليمها إلى ذويهم من قبل الشرطة أو المستشفيات الخاصة، لا سيما أن معظم الناس لم يحرصوا على تقديم المعلومات لدينا إلا بعد صدور الأمر الملكي بخصوص التعويض».

وأشار القرني إلى أن قائمة حصر أسماء الضحايا ما زالت مفتوحة لحين التأكد من عدم وجود حالات إضافية، مؤكدا أنه سيتم الإفصاح عن الإجابة النهائية حول قوائم الضحايا الذين تم تسليمهم لذويهم دون علم الدفاع المدني خلال اليومين القادمين. وأفصح القرني عن أن وجود 5 مفقودين على قيد الحياة كان له ردود فعل إيجابية، عدا عن بدء الأدلة الجنائية في استقبال ذوي المفقودين منذ يوم أمس لأخذ تحليل الحمض النووي DNA، لا سيما أنه من المحتمل العثور على أسماء المفقودين ضمن الجثث الموجودة، مبينا أن تلك الخطوة من شأنها أن تحدد آلية البحث وتقليل أعداد المفقودين. وفي هذا الصدد، ألمحت مصادر مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» إلى توافق جثتين مجهولتين مع عينتين من ذوي مفقودين تقدموا يوم أمس لإجراء فحص الحمض النووي DNA، الأمر الذي يعطي مؤشرا بانخفاض عدد المفقودين المعلن عنهم ليصل إلى 41 بعد أن كانوا 43 مفقودا.

وهنا، أعلن العميد القرني عن وجود نحو 24 جثة مجهولة حتى الآن، والتي تم أخذ عينات من حمضها النووي منذ العثور عليها، غير أن مدة التحليل لذوي المفقودين ستستغرق ما يقارب الأسبوع وفق آلية محددة تتمثل في أخذ عينة الحمض النووي من الوالدين أو الإخوان لصغار السن، فيما يتم أخذها من الأبناء أو الإخوان للكبار، بينما يعتمد على أبناء العمومة إذا لم يتوفر للمفقود أحد من عائلته.

وحول بدء تعويض المتضررين، أفاد مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة، أن لجنة التعويضات بدأت في العمل الميداني والوقوف على الأضرار والتقديرات، وذلك تمهيدا لبدء صرف التعويض وفق آلية عملها.

وأردف قائلا: تم إبقاء ثماني لجان ميدانية في مواقع ثابتة بأحياء معينة لاستقبال الجهات التي لم يتوفر لها الحصر خلال الفترة الماضية، وذلك نظرا لشبه اكتمال أعمال لجان الحصر.

وأعلنت الجهات الأمنية السعودية عن «ثبات» عدد ضحايا كارثة جدة على نحو 120 قتيلا، عدا عن بلوغ عدد الأسر التي تم إيواؤها ما يقارب سبعة آلاف و388 والتي يصل عدد أفرادها إلى 25 ألفا و313 فردا. وبالعودة إلى مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة الذي أكد بدء البحث في البحيرات الخمس التي تم تحديدها من قبل الدفاع المدني والمتكونة نتيجة الأمطار الغزيرة في عدة مواقع شرق جدة، تتمثل في حي الحرازات والصواعد وكيلو11 إضافة إلى قويزة والجامعة.

وأضاف: يتم البحث حاليا عن الجثث بواسطة 100 غواص مقسمين على 11 مجموعة، مشيرا إلى أن بعض البحيرات يتجاوز امتدادها مئات الأمتار، فيما يبلغ عمقها نحو ثلاثة أمتار بالبحيرة الواقعة في حي (كيلو 11).

إلى ذلك، حصرت أمانة محافظة جدة نحو ألف و150 موقعا تم معالجتها لتجمعات مياه المطار التي شهدتها محافظة جدة الفترة الماضية، منها 296 موقعا لمبان تحت الإنشاء و64 مبنى سكنيا و25 حوشا و7 حدائق و758 حوشا.

من ناحيته، أكد الدكتور هاني بن محمد أبو رأس وكيل أمين جدة للخدمات، على ضرورة تضافر كافة الجهود للقضاء على بؤر توالد البعوض الناقل لحمى الضنك، وذلك من أجل خفض أعداد المصابين بالمرض، مشيرا إلى استمرار الجهود المبذولة في معالجة مواقع تجمعات الأمطار التي تم حصرها في أعقاب السيول التي شهدتها محافظة جدة.

من جانبه، كشف المهندس محمود بن محمد ولي كنسارة مساعد وكيل الأمين للخدمات والمشرف العام على إدارة الأزمات، عن مكافحة تواجد بعوضة «الأيديس إيجيبتاي» في التجمعات المائية في الشوارع والمستنقعات وأماكن تجمع النفايات وفي المباني تحت الإنشاء والإطارات الموجود تحت وحدات التكييف وأحواض تربة الزهور وإطارات السيارات القديمة والمهملة وفي المياه الراكدة بالمسابح المغلقة وخزانات المياه المكشوفة داخل المنازل. وقال: «منذ بدء هطول الأمطار وحتى الآن، تم رش العديد من المواقع التي بلغت ألفا و150 موقعا، تمثلت في 296 مبنى تحت الإنشاء شمل مبنيين ضمن نطاق بلدية البلد ومبنى ببلدية خزام و3 بالجامعة و10 بالعزيزية و16 بالمطار و66 في بريمان و17 بجدة الجديدة و19 بأبحر و86 بالجنوب و37 بأم السلم و38 بذهبان، إلى جانب مبنى ببلدية ثول الفرعية».

وذكر أن عدد المباني السكنية التي تم معالجتها بلغت ما يقارب 64 مبنى سكنيا منها 15 ببلدية البلد ومبنى بخزام و4 بالعزيزية ومبنى في بلدية جدة الجديدة و12 بالجنوب و31 بأم السلم، و25 حوشا تركز منها 16 ضمن نطاق بلدية جدة الجديدة و8 في بلدية المطار وحوشا ضمن نطاق بلدية الشرفية.

وأضاف كنسارة أنه تمت معالجة 7 حدائق شملت حديقة في كل من بلديات البلد وخزام والجامعة وجدة الجديدة وأم السلم وحديقتين في بلدية الجنوب، عدا عن معالجة نحو 758 برحة منها 89 في بلدية البلد و47 في خزام و18 في الشرفية و55 في الجامعة و38 في العزيزية و40 في المطار و110 في بريمان و32 في جدة الجديدة و87 بأبحر و90 بالجنوب و93 بأم السلم و32 بذهبان و12 بعسفان و15 ضمن نطاق بلدية ثول الفرعية.

وأشار المشرف العام على إدارة الأزمات إلى أن المختبر الحشري في أمانة جدة يقوم بجهود كبيرة في العديد من المجالات، منها ما يتعلق بالتقييم الحيوي للمبيدات ومتابعة تقييم أعمال المكافحة داخل المنازل التي يحتمل تواجد إصابة بها والمناطق المحيطة بها، موضحا أن التعاون والتنسيق المتكامل بين جميع الجهات المعنية لمواجهة حمى الضنك هو الركيزة الأساسية لمحاصرته والقضاء عليه نهائيا.

إلى ذلك، أوضح المهندس مطر المالكي رئيس بلدية الجامعة الفرعية، أنه تم تكثيف العمل الأول من أمس في جميع أنحاء حي غليل وبترومين الذي يعد من أكبر الأحياء المتضررة، وذلك باستخدام أكثر من 140 معدة منها 51 شيولا صغيرا و42 قلابا صغيرا وشيولان كبيران، إضافة إلى 205 عمال من قبل شركة النظافة التابعة للأمانة. وأضاف المالكي أن أمانة العاصمة المقدسة دعمت أمانة جدة بـ16 جرافة صغيرة و7 قلابات كبيرة، و4 شيولات كبيرة، فضلا عن معدات الدفاع المدني والذي شارك في رفع الأضرار عن الحي بـ14 قلابا، و3 شيولات.

وأشار المالكي إلى أنه تم رفع الدمارات والمخالفات من معظم أنحاء الحي وفتح عدد كبير من شوارعه خاصة الشوارع الرئيسية، موضحا أن العمل يجري في جميع أنحاء الحي، ومن المتوقع الانتهاء من كافة الأعمال خلال يومين.

وأكد المالكي أنه تجري متابعة أعمال الرش أولا بأول بمعدل ثلاث مرات يوميا في الصباح والمساء ومنتصف اليوم، إلى جانب متابعة أي موقع يتم تنظيفه من قبل شركة النظافة بالرش بالكلور والضغط العالي والرش الضبابي.

من جانبها توقعت الأرصاد السعودية نشاطا في الرياح السطحية على مناطق شمال شرقي المملكة تمتد إلى الأجزاء الجنوبية الشرقية لتشمل منطقة شرورة، يصحبها انخفاض في درجات الحرارة مع رؤية غير جيدة فترة الظهيرة كما تظهر تشكيلات من السحب الرعدية الممطرة على المرتفعات الجنوبية الغربية للمملكة في أبها والباحة، فيما لا تزال السماء غائمة جزئيا إلى غائمة على شرق المملكة قد تهطل منها أمطار ولا يستبعد تكون الضباب على تلك المناطق.

إلى ذلك أعلنت لجنة أهالي جدة للتكافل التي أطلقتها الغرفة التجارية الصناعية بالتعاون مع 9 جمعيات خيرية عن تغطيتها للمناطق المنكوبة في جدة حتى نهاية يوم أمس ـ الأحد ـ بأكثر من 50 سلة إغاثية، في إطار جهودها الرامية إلى إزالة الآثار التي خلفتها الأمطار وأدت إلى مقتل 120 شخصا، إضافة إلى آلاف المنازل المهدومة في قويزة وشرق جدة.

وفي السياق ذاته، أنهت بلدية ثول الفرعية عملية شفط تجمعات المياه الناتجة عن السيول والأمطار، وسحب تجمعات المياه من الشوارع الرئيسية والساحات العامة والأحياء السكنية وبعض الجهات الحكومية التي تجمعت المياه في مبانيها.

وأوضح المهندس مرعي المغربي رئيس بلدية ثول الفرعية، أنه تم شفط تجمعات المياه من مبنى المباحث العامة، وشارع السوق، والكورنيش، ومدخل ثول، وبعض الأحياء المتفرقة، وميدان البلدية عن طريق الصهاريج ومواتير الشفط، مشيرا إلى أنه جرى رش المستنقعات بالمبيدات لتطهيرها عقب الانتهاء من سحب المياه.

وقال المغربي إن مسارات السيول بضاحية ثول تقع على محورين يتمثلان في وادي الوسامي الذي يضم منشآت الجامعة والواقع شمال ضاحية ثول مباشرة ويصب في البحر، إلى جانب وادي أبو كراثة في الجزء الجنوبي من الضاحية ومصبه بالبحر ويقع بنفس منطقة الكورنيش الجديد. ولفت المغربي إلى أنه تقدم بفكرة تخطيطية لثول توضح مسارات السيول وبعض الحلول المقترحة لدرء خطرها، وامتصاص مد مياه البحر، موضحا أنه تم عرض الخطة على بعض المسؤولين بالجامعة ومندوبي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المشرفين على استشاري دراسة مجاري السيول الذي تم تكليفه لذلك. وذكر المغربي أنه ستتم دراسة الحل الأنسب لعمل مجاري السيول، متوقعا أن تنفذ الجامعة حلولا جذرية لموضوع السيول بثول في القريب العاجل.

وقال: «نشاط في الرياح السطحية على مناطق شمال شرقي المملكة تمتد إلى الأجزاء الجنوبية الشرقية لتشمل منطقة شرورة، يصحب ذلك انخفاض في درجات الحرارة مع رؤية غير جيدة فترة الظهيرة، كما تظهر تشكيلات من السحب الرعدية الممطرة على المرتفعات الجنوبية الغربية للمملكة (أبها، الباحة) ولا تزال السماء غائمة جزئيا إلى غائمة على شرق المملكة قد تهطل منها أمطار ولا يستبعد تكون الضباب على تلك المناطق».

وأشار المغربي إلى أنه تم تعميد شركات الحفر التي كانت تنقل مواد التربة إلى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بأن يكون حفرهم على مسار محدد ليكون المسار مستقبلا مجرى لتوجيه السيول إلى نقطة واحدة وهي العبارة الرئيسية أسفل طريق جدة ـ ينبع السريع، ومن ثم طلب الفرع من استشاري الجامعة تكملة هذا المجرى إلى البحر، مؤكدا إنشاء الأمانة محطة لإدارة مراقبة الناقلات بهدف الإشراف على تنفيذ ذلك المقترح. وأكد المغربي أنه تم ردم الحفرة الكبيرة الواقعة شرق الجامعة مباشرة بالنفايات الخرسانية المستخرجة من مشروع الجامعة كي لا تتجمع بها مياه الأمطار، وبالتالي تلافي الآثار البيئية والكارثية المحتملة على الجامعة والضاحية.

وأفاد المغربي بأنه تمت إحاطة مجرى السيل جنوب ثول بشبك حماية له من التعديات وبالتالي التنسيق مع استشاري الأمانة المكلف بتخطيط ثول لاعتماد هذا الموقع كمجرى سيل تجمع إليه باقي المجاري الفرعية جنوب ثول، بحيث لا يبقى سوى أن تنفذ الشركات المنفذة للكورنيش الجديد بثول توصيل هذا المجرى إلى البحر.