أزمة دبي.. ومأزق التصنيفات الائتمانية!

سعود الأحمد

TT

عن حدود مخاطر تداعيات أزمة «دبي» على اقتصاد إمارة دبي واقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وهل سيطال تأثيرها الأسواق والاقتصادات الخليجية.. نسمع ونشاهد ونقرأ آراء مبنية على تكهنات واجتهادات شخصية، بعضها يستند إلى تصريحات لخبراء ومتخصصين وبعضها عن ممثلي جهات رسمية. لكنها آراء ينقصها فهم معاني ما ينشر ويبث على لسان أصحاب الرأي والقرار. لكن الذي يبدو أن حلقات أزمة «دبي» وتأثيرها لم تكتمل بعد، للحكم بمدى تأثيرها على اقتصاد دبي واقتصاد دولة الإمارات، والأسواق والاقتصادات الخليجية. وستبدأ الصورة تتضح بشكل جلي بعد أن تستكمل الشركات المتعثرة إجراءات إعلان إفلاسها. وهو ما سيظهر لنا أن موجات الضربة التي يتحدث عنها البعض ما زالت في بداياتها. وأن الحديث عن أرقام خسائر إمارة دبي وتبعاتها على اقتصاد دولة الإمارات ودول الخليج العربية، حديث سابق لأوانه. فالذي نسمع عنه أرقام مهولة من الديون، حيث تتحدث بعض المصادر الدولية عن أن حجم الانكشاف المصرفي الدولي في الإمارات يبلغ 130 مليار دولار. وأن بعضا من الشركات الإماراتية الكبرى، تعاني من أزمة خانقة جراء نقص السيولة، إلى الحد الذي أعجزها عن سداد ديونها المستحقة، واضطرها إلى إعادة الهيكلة وبيع أصول مهمة مثلما حدث لفندق «دبليو أوتيل» الواقع في مانهاتن. والذي نعلمه أن وكالات التصنيف والبنوك والمنظمين يصارعون لتقييم آثار أزمة «دبي» المالية. لكن إعلان مثل هذه الحوادث يظل بمثابة سبب كاف للقناعة بأن إمارة دبي تعاني من أزمة سيولة.

وفي تقديري أن «دبي» وقعت في أكثر من مأزق، ومن ذلك المأزق القانوني الذي وقعت فيه بعض الشركات الكبرى في دبي، بأن توسعت كثيرا في الاقتراض طويل الأمد (منها ما يستحق بعام 2036)، وألزمت نفسها بشرط استحقاق الديون (أو ما يسمى بشرط تعجيل السداد)، إذا نقص تصنيف هذه الشركات المقترضة عن مستوى (A). ما أوقع حكومة دبي في حرج شديد عندما عنّ لوكالة التصنيف الدولية (ستاندرد آند بورز) في مطلع الشهر الحالي أن تعيد تصنيفاتها لبعض الأوراق الصادرة عن شركات دبي الكبرى. وهو التعديل الذي أدى إلى تقديم موعد السداد إلى 14 كانون الأول (ديسمبر) 2009. هذا وإن كانت هناك محاولات لتتنازل المؤسسات المالية عن هذا الشرط. وكان تقرير في صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية قال إن الدائنين الثلاثة الذين يحوزون أداة التوريق التي تستحق في عام 2036 يبدون استعدادا للتنازل عن شرط تعجيل السداد الذي يصبح ساريا بعد خفض التصنيفات الائتمانية.

وفي الختام.. فإن المخرج لإمارة دبي من أزمتها، سيكون في أحد خيارين: كلاهما ذو طابع سياسي أكثر منه اقتصادي. هما: إما بتوفير سيولة عن طريق تدخل حكومة أبوظبي بتحويل أموال من صندوق أبوظبي السيادي بشراء أو تمويل حالة عجز السيولة الطارئة التي تعاني منها شركات دبي الكبرى. أو يتم طرح الموضوع في اجتماع قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يبدأ فعالياته هذا اليوم بمدينة الكويت. وإن كان موضوع دبي لم يُعلن عن طرحه ضمن أجندة جدول الأعمال. ويعالج كما عولجت أزمة الرهن العقاري التي بدأت بأميركا. ويؤكد هذا الموقف على حتمية ترابط دول الخليج العربية ووقوفها إلى جانب بعضها في الأزمات.