براون يدعو إلى تضافر الجهود للتغلب على التمرد و«القاعدة» في أفغانستان

التقى كرزاي في قاعدة قندهار الجوية مقر قيادة قوات «الناتو»

غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني يصافح جنودا وضباطا بريطانيين خلال زيارته لقاعدة قندهار العسكرية أمس (أ.ب)
TT

التقى رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بالرئيس الأفغاني حميد كرزاي في قاعدة جوية أفغانية أمس بهدف إصلاح العلاقة بينهما التي تضررت، في الوقت الذي تزداد فيه الحرب الأفغانية دموية وتراجعا في الشعبية. ودعا براون إلى تضافر الجهود للتغلب على التمرد و«القاعدة» في أفغانستان. وقام براون بزيارة لم يعلن عنها من قبل لقاعدة قندهار الجوية مقر قيادة قوات حلف شمال الأطلسي في جنوب أفغانستان، وقال إن الأشهر القليلة المقبلة في الحرب ستكون حاسمة. وفي إظهار للوحدة، شهد الزعيمان استعراضا عسكريا للقوات الأفغانية وتلك التابعة لحلف الأطلسي في القاعدة، وشددا على أن علاقتهما لا تزال دافئة بعد تبادلهما الانتقاد علنا على تراجع مكانة كرزاي في الغرب. وسئل عن تصريحاته الحادة بشأن براون الأسبوع الماضي فقال كرزاي للصحافيين: «أجده رجلا مبجلا للغاية. أنا سعيد وأتشرف بالفعل بأن أصفه بالصديق. تجمعه بي علاقة بإمكاني أن أصفها بأنها جديرة بالثقة للغاية». وقال براون إنه وكرزاي تربطهما علاقة قوية. «نحن نتحدث هاتفيا بانتظام». وعلى الرغم من تراجع شعبية الحرب في بريطانيا، فإن براون كان أبرز القادة الغربيين انتقادا لحكومة كرزاي الذي فاز بفترة رئاسة أخرى في انتخابات أجريت في أغسطس (آب) وشابها تزوير واسع النطاق. ورد الزعيم الأفغاني في مقابلة الأسبوع الماضي بقوله إن تعليقات براون مؤسفة للغاية ومفتعلة جدا وغاية في الإهانة. ويحاول القادة الغربيون الموازنة بين توبيخ كرزاي لما يرونه ضعف قدرته على القيادة وتساهله مع الفساد، وبين عدم الإفراط في تقويض شرعيته وإضعاف تأييده حربهم لحماية حكومته.

وقتل هذا العام 100 جندي لبريطانيا في أشرس قتال في سنوات الحرب الثماني، مما أذكي المعارضة في بريطانيا لمشاركة القوات. وتضغط حالة الشك العام في المهمة على براون الذي يواجه معركة شاقة للفوز بانتخابات من المقرر أن تجرى في يونيو (حزيران). وكان براون اضطر للدفاع عن نفسه ضد الانتقادات بأنه لم يفسر جيدا سبب مشاركة بريطانيا في الحرب وحرم الجيش من الأموال اللازمة لشراء طائرات الهليكوبتر والمركبات المدرعة. وأضاف براون للصحافيين في قندهار: «ما نحتاجه هو إظهار أن هناك إصرارا على مواجهة طالبان وإضعافها وهناك أيضا إصرار من جانب الحكومة الأفغانية على لعب دور أكبر في المستقبل بالنسبة لما سيتعين فعله». وبراون مؤيد قوي لاستراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما الجديدة لمكافحة التمرد التي تشمل إرسال 30 ألف جندي أميركي إضافي والإسراع بتدريب القوات الأفغانية وبدء الانسحاب بحلول منتصف 2011. ومع تعهد بريطانيا بإرسال 500 جندي إضافي ليصل إجمالي قواتها في أفغانستان إلى 9500 جندي تكون القوة البريطانية أكبر قوة بين حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي.

ويأمل براون في أن تتمكن قوة أفغانية مدربة من السيطرة تدريجيا على الأمن مما يسمح للقوات البريطانية والقوات الغربية الأخرى بالقيام بدور أقل أهمية. وشكا القادة البريطانيون، والأميركيون بالأخص، من نقص القوات الأفغانية في هلمند، أكثر الأقاليم الأفغانية عنفا، الذي تفوق فيه قوة بريطانية وأخرى تماثلها في الحجم من مشاة البحرية الأميركية القوات الأفغانية في العدد.

وأبلغ وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وردك «رويترز» أمس أن أفغانستان ترسل حاليا ما بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف جندي إضافي إلى هلمند وإقليم قندهار المجاور. وقال براون إن كرزاي تعهد بإرسال عشرة آلاف جندي أفغاني إلى هلمند نصفهم سيتلقون تدريبا على يد القوات البريطانية. واعترف براون بأن هذا العام كان عاما صعبا، لكنه قال إن لديه ثقة أكبر في المستقبل لأن القوات الجديدة تصل إلى أفغانستان وبريطانيا تضيف طائرات هليكوبتر ومركبات مضادة للألغام.

إلى ذلك قال مسؤول كبير في الحكومة الألمانية إن الحكومة لا ترى أن في ألمانيا أغلبية سياسية تؤيد إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان من دون التزامات مدنية أقوى وإنها تريد أن تقدم الولايات المتحدة أولا مزيدا من التفاصيل بشأن استراتيجيتها. وتدرس ألمانيا ما إذا كان ينبغي لها أن تزيد حجم قوتها المؤلفة من نحو 4400 جندي في أفغانستان وهي ثالث أكبر بعثة في حلف شمال الأطلسي في الوقت الذي تريد فيه الولايات المتحدة أن ترسل برلين وحلفاؤها الآخرون ما يصل إلى سبعة آلاف جندي إضافي. وتعتزم برلين اتخاذ قرار بشأن حجم قواتها بعد مؤتمر يعقد في لندن الشهر المقبل، لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الرأي العام يعارض إرسال مزيد من الجنود. وقال كريستيان شميت وزير الدولة الألماني للشؤون الدفاعية لـ«رويترز» في وقت متأخر من مساء أول من أمس على هامش مؤتمر في المنامة: «لا أعتقد أننا سنود أن نسعى لأغلبية في بلادنا لالتزام أمني أقوى من دون التزام أقوى في القطاع المدني». وتلقي ضربة جوية أمرت بها ألمانيا في أفغانستان في سبتمبر (أيلول) وتقول كابول إنها قتلت 30 مدنيا و69 من طالبان بظلالها على قرار ألمانيا بشأن مستويات القوات. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الشهر أنه يعتزم إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان لوقف العنف الذي بلغ أدمى مراحله منذ الإطاحة بطالبان عام 2001. ولم يستبعد شميت أن ترسل ألمانيا مزيدا من القوات لأفغانستان لكنه قال إنها بحاجة لمزيد من المعلومات من الولايات المتحدة لتتخذ قرارا بشأن إسهامها.