مصادر استخباراتية: عالم الذرة الإيراني المختفي زود المفتشين الدوليين بأسرار نووية إيرانية

كذبت الرواية الإيرانية حول اختفائه.. وأشارت إلى أن عميري تخلى عن بلاده بتنسيق مع «سي.آي.إيه»

TT

ذكرت تقارير صحافية بريطانية، أمس، أن العالم النووي الإيراني الذي اختفى قبل 6 أشهر كشف أسرار البرنامج النووي لبلاده لمفتشي الأسلحة الدوليين الذين زاروا منشأة قم أخيرا. وقالت المصادر إن شهرام عميري التقى بالمفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة بمطار فرانكفورت قبيل ساعات من توجههم لتفتيش منشأة تخصيب اليورانيوم.

وكانت إيران اتهمت الولايات المتحدة بخطف عميري، كما أشارت إلى تورط السعودية، التي كان يزورها لأداء العمرة. وقالت واشنطن إنها لا تملك معلومات، فيما نفت السعودية هذه المزاعم، وقالت إن المملكة «تستقبل مليون معتمر وحاج إيراني سنويا، وإنهم مثل بقية الدول يخضعون لإشراف بعثات دولهم الرسمية التي تشرف على تسكينهم ومواصلاتهم». وقالت إن «السعودية بحثت عن عميري بعد المعلومات عن اختفائه، ولم تستدل عليه».

وعميري عالم في الذرة كان يعمل في منشأة قم المحصنة والمبنية تحت الأرض، كما أنه مرتبط بجامعة طهران التي اعتبرها الاتحاد الأوروبي في العام الماضي جزءا من برنامج الأسلحة النووية الذي يتبناه نظام الحكم الإيراني. وأوضحت صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية، أمس، نقلا عن مصادر استخباراتية فرنسية، أن لقاء عميري بمفتشي الوكالة تم في أكتوبر (تشرين الأول) خلال اجتماع سري عقد في مطار فرانكفورت قبيل ساعات من مغادرتهم إلى إيران للقيام بعملية تفتيش في منشأة تخصيب اليورانيوم السرية في قم. وأنه مثل أمرا مهما لوكالة الطاقة الذرية لأنه أمد المفتشين بمعلومات مهمة باعتبار أنه «شاهد من أهلها» قبل رحلتهم التي وصفتها الصحيفة بأنها شديدة الحساسية. وأوضحت الصحيفة أنه على النقيض من المزاعم الإيرانية فإن موقعا فرنسيا للتحليل الاستخباراتي ذكر أن عميري تخلى عن بلاده بعد عملية استخباراتية دولية نسقتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه).

وذكرت أن «الوكالة اتصلت العام الماضي بعميري خلال زيارته لفرانكفورت في إطار عمله البحثي»، موضحة أن رجل أعمال ألمانيا قام بدور الوساطة وأنه جرى اتصال نهائي عندما سافر عميري إلى النمسا لمساعدة مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبعد ذلك بوقت قصير توجه العالم الإيراني إلى السعودية لأداء مناسك العمرة.

وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون قد أطلعوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود منشأة تخصيب في قم في سبتمبر (أيلول)، لكن الاجتماع الذي عقد مع عميري في أكتوبر (تشرين الأول) زود المفتشين بمعلومات وثيقة قبل الزيارة بالغة الحساسية إلى المنشأة، حسب الصحيفة البريطانية. وقد ربطت إيران مصير ثلاثة من الأميركيين الذين دخلوا حدودها سيرا والمعتقلين منذ يوليو (تموز) الماضي بقائمة من المواطنين الإيرانيين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة ويبدو أنها تقترح نوعا من التبادل في المحادثات التي تتم عبر وسيط سويسري. وعلى الصعيد الرسمي تقول الولايات المتحدة إنها لا تملك معلومات بشأن مكان تواجد عميري، لكن يعتقد أن العالم موجود في أوروبا في ظل حماية وكالة استخبارات غربية في عملية تقودها وكالة الاستخبارات المركزية، حيث يمكن الحصول على معلومات منه من قبل الخبراء الذين يريدون التأكد من أنه ليس جاسوسا. وتقول الصحيفة إنه بعد أربعة أشهر من اختفاء عميري زار غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني ونيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي، واشنطن حيث أطلعهما الرئيس أوباما على إنشاء إيران منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض بالقرب من مدينة قم. وأوضح مصدر مقرب من وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية لصحيفة «صنداي تليغراف» أن أجهزة الاستخبارات الغربية تحاول جمع معلومات عن الموقع منذ ثلاث سنوات.

لكن المعلومات السرية التي قدمها عميري حول العمل في داخل المنشأة، خاصة الإجراءات الأمنية، بدت مفيدة للغاية، وقال المصدر «يعتبر عميري مصدر المعلومات الأولية عن الموقع وسيكون ذلك الموضوع الرئيس للمناقشة. وقد كان الاجتماع سريا لدرجة أن المفتشين الذين التقوا عميري لم يكونوا يعرفون اسمه ناهيك عن خلفيته. وقدم إليهم على أنه مصدر موثوق به بشأن منشأة قم». ويصف العملاء الفرنسيون الذين حضروا الاجتماع مع عميري في مطار فرانكفورت بأنه من ألمع العلماء النوويين بين جيله ويعشق الأسلوب الغربي ويجيد اللغة الإنجليزية. وقال المصدر «سيكون مصدرا ثريا للمعلومات. وإلا لماذا عرض الإيرانيون على المفتشين الأربعة كل شيء ما لم يكونوا يعلمون كل شيء بشأن ذلك؟» وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قد أطلقت في عام 2005 برنامجا سريا تحت اسم «استنزاف العقول» يهدف إلى تقويض قدرات إيران النووية عبر إقناع كبار المسؤولين عن البرنامج بالهرب من إيران. ولعل أكبر انقلاب سابق كان في فرار الجنرال بالحرس الثوري علي رضا أصغري ونائب وزير الدفاع خلال رحلة إلى تركيا في عام 2007.