قمة الكويت الخليجية: سيطرة للملفات الأمنية والاقتصادية.. وقلق من عدم الاتفاق على المرشح البحريني للأمانة العامة

وزراء الخارجية يعدون مشروع البيان الختامي.. وقادة مجلس التعاون يتوافدون اليوم

TT

تنطلق اليوم في الكويت قمة مجلس التعاون الخليجي في نسختها الثلاثين، والتي تهيمن عليها ملفات اقتصادية وأمنية مهمة، يأتي من أبرزها اقتصاديا الإطلاق الرسمي للاتحاد النقدي، الذي سيتوج بعملة خليجية مشتركة، فيما سيكون الموضوع الطاغي أمنيا الوضع الإقليمي وتأثيرات الملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى رغبة دول الخليج العربية في اتخاذ موقف موحد من الهجمات التي يقوم بها المتسللون الحوثيون على الحدود مع السعودية.

لكن أكثر ما يقلق أجواء القمة الخليجية، هو عدم اتفاق دول المجلس الست، حتى يوم أمس، على ترشيح البحرين لوزير إعلامها السابق محمد المطوع كأمين عام لمجلس التعاون، خلفا للأمين الحالي القطري عبد الرحمن العطية. وتسلمت المنامة ردودا رسمية بالموافقة على ترشيح المطوع من أربع دول خليجية، هي السعودية والكويت والإمارات وعمان، إلا أن الدوحة لم تقبل بترشيح المطوع حتى الآن، حيث لم ترسل ردها بالموافقة على ترشيح المطوع من عدمه حتى يوم أمس.

ويخشى مراقبون من حدوث مفاجآت في الإصرار القطري على التمديد للأمين العام لمجلس التعاون، وهو ما سيفتح بابا للاختلاف بين كل من البحرين وقطر، باعتبار أن المنامة تقول إنها تنازلت سابقا عن دورها في الترشيح لهذا المنصب لصالح قطر، وأنه آن الأوان لأن تتسلم البحرين سدة الأمانة العامة لمجلس التعاون.

وبحسب المادة التاسعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون، فإن قرارات المجلس الأعلى تصدر في المسائل الموضوعية بإجماع الدول الأعضاء الحاضرة المشتركة في التصويت، بينما تصدر قراراته في المسائل الإجرائية بالأغلبية.

وتشهد أجواء القمة حديثا عن سعي كويتي رسمي لإعادة الإمارات العربية المتحدة وعمان للاتحاد النقدي، والذي انسحب منه البلدان في وقت سابق، غير أن أي رد فعل رسمي من قبل الإمارات وعمان لم يظهر على هذه المحاولات الكويتية، والتي يقول مراقبون إنها قد تواجه الكثير من العراقيل.

ويصل قادة دول المجلس الخمس صباح اليوم تباعا إلى العاصمة الكويتية، قبل أن تفتتح القمة رسميا بجلسة افتتاحية عصر هذا اليوم، ثم تتحول الجلسة إلى جلسة مغلقة، يلتئم بها القادة مع وزيرين من كل وفد رسمي، على أن تختتم القمة بجلسة ثانية صباح غد، ثم يغادر قادة الخليج متجهين إلى دولهم. والتقى المجلس الوزاري، الذي يضم وزراء الخارجية الخليجيين، في اجتماع مساء أمس للتحضير النهائي لجدول أعمال القمة، والذي سيناقشه القادة خلال يومي القمة، وكذلك البيان الختامي للقمة، علما بأن اللجان التحضيرية المصاحبة لاجتماعات المجلس الوزاري يكون لها دور كبير في التوافق على القرارات التي ستصدر في نهاية أعمال القمة.

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الدكتور محمد الصباح في افتتاح الاجتماع، إن القمة الثلاثين لمجلس التعاون تنعقد «ومجلسنا محاط بمستجدات أمنية خطيرة، وتداعيات اقتصادية كبيرة، تمسه مسا مباشرا وتقع في مدى تأثيرهما بتفاوت لا يستثني أيا من أركانه، مما يستوجب تداعينا لتدارس مسبباتها واستجلاء واقعها واستشفافه بما يكفل التعامل الأمثل فيحفظ لكياننا منعته استقرارا ونموا وتأثيرا». وبحسب الشيخ الصباح فإن تشعب التحديات وتفرعها «لتستوجب منا وحدة التصور بالتوازي مع مرونة التحرك تنسيقا وتشاورا إنفاذا للاستراتيجية واحتواء للمواقف وصدا للمخاطر، على أن لا تثبط تلك المشاغل من هممنا الأكيدة في رؤية الأهداف المشتركة المرسومة لمواطني المجلس، واقعا زاهرا معاشا تنشغل فيه البيئة الخليجية بتنمية مكوناتها موروثا وفكرا وتطلعات وفقا لمتطلبات العصر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وذلك في محيط آمن مستقر ومتآلف بعون من الله وفضله».

كما اجتمع أمس وزراء المال والاقتصاد الخليجيون، لوضع لمساتهم النهائية على جدول أعمال القمة، فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي، حيث طالب وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي خلال افتتاح الاجتماع بالتحوط للأزمة المالية العالمية، التي قال عنها إنها لا تزال تلقي بظلالها على اقتصاديات دول المجلس «رغم التدابير العملية التي اتخذتها الدول الأعضاء للحد من آثار هذه الأزمة، الأمر الذي يتطلب من الجميع العمل والجهد المضاعف للحد من آثارها على تلك الاقتصاديات».

ووفقا للوزير الكويتي فإن المؤشرات الاقتصادية العالمية في النصف الثاني من العام الجاري، «تدعو الجميع إلى العمل معا لتجنب أي تداعيات إضافية لتلك الأزمة»، مشيرا إلى ضرورة أن يحسم وزراء المالية والاقتصاد في اجتماعاتهم الحالية الموضوعات التي تشكل عائقا أمام مشاريع التكامل الاقتصادي والخروج بتصور جماعي حولها دعما لمسيرة العمل الخليجي المشترك.

وبخلاف الإطلاق الرسمي للاتحاد النقدي الخليجي، سيكون أمام القمة الخليجية في دورتها بالكويت، تدشين مشروع الربط الكهربائي بين دول المجلس، الذي سيوجد القناة التي يمكن من خلالها تبادل الطاقة الكهربائية على أسس ثابتة من المصالح المشتركة بين دول مجلس التعاون، كما ستبحث القمة أيضا السوق الخليجية المشتركة.

وقال وزير المالية الكويتي إن المشاريع المشتركة التي تم تنفيذها بين دول المجلس حققت «نجاحات ملموسة بسبب تكاتف الجهود والرغبة الصادقة في الإنجاز ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما تم تحقيقه في مجال الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي بالإضافة إلى الربط الكهربائي الخليجي، والذي من المنتظر أن يتم تدشينه على يد قادتنا حفظهم الله في هذه القمة المباركة». وأشار الشمالي إلى المشاريع المشتركة الجاري تنفيذها في دول التعاون، «وفى مقدمتها مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون باعتباره أحد أهم المشاريع المشتركة الكبرى بين دول المجلس والتي ستنعكس آثاره الإيجابية على حركة انتقال الأفراد والسلع وزيادة حجم التبادل التجاري».

وطالبت الكويت، على لسان وزير ماليتها، بحسم بعض الموضوعات التي لا تزال تشكل عائقا أمام مشاريع التكامل الاقتصادي والمعروضة على جدول الأعمال، ومن أبرزها آلية التحصيل المشترك للإيرادات الجمركية وموضوع الحماية الجمركية والوكيل المحلي، والانتهاء من الفترة الانتقالية المحددة بحيث يتم التطبيق الكامل لهذا الاتحاد بدءا من مطلع العام المقبل 2010، بالإضافة إلى التطبيق الكامل لقرارات السوق الخليجية المشتركة. وقال وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي إن دول الخليج اتفقت خلال اجتماع وزراء المالية والاقتصاد بدول مجلس التعاون الخليجي على تفعيل اتفاقية الاتحاد النقدي بين دول المجلس.

وأضاف الشمالي في تصريحات صحافية إثر اختتام الاجتماع أنه تمت مناقشة موضوع العملة الخليجية الموحدة «وتم الاتفاق على تفعيل الاتحاد النقدي بين دول المجلس».

ووفقا للشمالي فإن الاجتماع المشترك بين وزراء المال والاقتصاد ووزراء الخارجية يبحث موضوع البنك المركزي الخليجي، غير أن الوزير الكويتي لم يوضح ما بنود مناقشة البنك المركزي، وما إذا كان ذلك يعني عودة محتملة للإمارات إلى الاتحاد النقدي الخليجي. وأوضح أن الاجتماع تناول موضوعين أساسيين أولهما يتعلق بالاتحاد الجمركي والعملة، فيما يتعلق الآخر بموضوع تدريب الدول المهتمة بالتدريب.

وفي ما يخص موضوع هيئة السكك الحديدية بين دول مجلس التعاون الخليجي قال إن هناك تساؤلات حول الموضوع بشأن إمكانية استخدام نفس خطوط السرعات المختلفة بين دول المجلس مبينا أن دراسات ستقدم إلى الاجتماع المقبل وزراء المالية والاقتصاد «لمعرفة التكلفة المالية الحقيقية التي سيوضع على أساسها مشروع هيئة السكك الحديدية، وكلفنا الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بإعداد كل ما يتعلق بهيئة السكك الحديد». وحول موضوع الأزمة المالية في دبي قال الشمالي: «لم يناقش الاجتماع هذا الموضوع» مستدركا: «لكن استعرض الأمور المالية والاقتصادية في دول المجلس». وأشار إلى أن قمة الكويت ستحتفل اليوم بتدشين مشروع الربط الكهربائي بين دول المجلس.