الكويت: لم ندع أطرافا أجنبية.. والقمة ستبحث تعديات المتسللين على السعودية

الشيخ صباح يتمنى إطلاق الاتحاد النقدي.. والشيخ محمد الصباح يؤكد: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أزمة دبي

صحافيون يتابعون عملهم في تغطية قمة الكويت أمس (أ. ب)
TT

أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح عشية انعقاد القمة الخليجية اليوم في الكويت أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعتبر إحدى أهم المنظمات الإقليمية التي تنطلق في عملها من أهداف وغايات مشتركة هدفها تحقيق مزيد من الأمن والاستقرار والرفاه لدول وشعوب العالم.

وأضاف الشيخ صباح في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية أن «الأهمية المتزايدة لدول مجلس التعاون في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والموارد الطبيعية الضخمة التي حباها الله بها وفاعلية دول مجلس التعاون في تحريك وتنشيط الاقتصاد العالمي أوجد رغبة من جميع المنظمات الدولية والإقليمية للتعاون مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

وأشاد بدور مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تحقيق الأمن والاستقرار السياسي للمنطقة التي كانت لسنوات طويلة عرضة للتهديدات الخارجية، مشيرا إلى أن «مجلس التعاون كان متناغما مع أهدافه وعكس تطلعات شعوبه في كل ما تعرضت له المنطقة من أحداث خطيرة مثل الحرب العراقية الإيرانية، وأسهم في التوصل إلى قرار صادر من مجلس الأمن لوقف تلك الحرب».

وتوقف أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أمام «الموقف الصلب لدول مجلس التعاون تجاه الاحتلال العراقي لدولة الكويت وتعامله الجريء والموحد في أخذ المبادرة بالدفاع عن الكويت ووحدتها وسلامتها وشرعيتها، ما كان له الفضل الأكبر في تحرير الكويت».

وعن جدول أعمال القمة، تمنى الشيخ صباح أن يعلن خلال قمة الكويت عن إطلاق «مسيرة الاتحاد النقدي في قمة الكويت نحو الوصول إلى عملة خليجية موحدة».

وبيّن الشيخ صباح أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية بشكل عاد بالنفع على الدول الأعضاء في تلك المنظمات الإقليمية ومجلس التعاون معا، معتبرا أن أبرز أوجه التعاون تمثلت في الحوار مع الاتحاد الأوروبي الذي ابتدأ مع النواة الأولى لإنشاء مجلس التعاون الخليجي، ثم تبع ذلك حوارات أخرى مع المجموعات الاقتصادية والدول ذات الثقل الاقتصادي إضافة إلى عدد من المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وأشار إلى أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون يعقدون وبصورة دورية اجتماعات تنسيقية تبحث فيها جميع مجالات التعاون وتنسيق المواقف تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالمية مع وزراء خارجية المجموعات الإقليمية الأخرى مثل مجموعة أميركا اللاتينية، والاتحاد الإفريقي ومجموعة الآسيان، والاتحاد الأوروبي، وكذلك مع دول رئيسية في العالم مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا الاتحادية.

وذكر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أن موقف دول المجلس استمر متوحدا تجاه التحديات التي واجهت ولا تزال دول المنطقة مثل مواجهة الإرهاب، والتطرف والعمل المتناغم بين حكومات وشعوب دول مجلس التعاون في التنسيق بين دولها لتحقيق أقصى درجات الاستقرار الأمني والسياسي الذي يمثل البيئة الضرورية للتنمية الاقتصادية، كما أن دور دول مجلس التعاون في عملية تحقيق السلام في الشرق الأوسط وضمان الانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي المحتلة وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف كان واضحا من خلال طرح مبادرة السلام العربية التي اعتمدتها القمة العربية في بيروت والدور المستمر لدول مجلس التعاون في تحقيق التوافق بين الأشقاء في فلسطين للتغلب على الانقسامات التي برزت مؤخرا على الساحة الفلسطينية.

وشدد الشيخ صباح الأحمد على أن دول المجلس ما زالت مطالبة بالاستعداد للتحديات المستجدة لا سيما مع المتغيرات السياسية والاقتصادية التي يشهدها عالمنا اليوم وكذلك مواجهة وتلبية طموحات ورغبة الشارع الخليجي الذي بات يطمح إلى المزيد من الخطوات الملموسة التي توفر له الأمن والاستقرار والرفاهية، مبينا أن هذا يأتي على الرغم من النجاح المسجل لمجلس التعاون الخليجي ودول المجلس.

واقتصاديا، أجاب الشيخ صباح على سؤال متعلق بالاتفاقيات الاقتصادية بين الدول الأعضاء قائلا إن أحد أهم أهداف قيام مجلس التعاون هو تحقيق الإنجازات التي تمسّ حياة مواطني دول المجلس اليومية بما يوفر له الوصول إلى مرحلة المواطنة الخليجية في كل مجالات التعاون بين دوله ويحقق له آماله وتطلعاته في التنمية والبناء، وقد مثلت الاتفاقية الاقتصادية والتعديلات التي أدخلت عليها عبر الثلاثين سنة الماضية استراتيجية اقتصادية واضحة نحو ترابط وانفتاح اقتصاديات دولنا على بعضها البعض وعلى العالم الخارجي، وقد أنجزنا الكثير من هذه الخطوات الرئيسة نحو هذا الاتجاه فهناك اتفاقية الاتحاد الجمركي واتفاقيات حرية انتقال رؤوس الأموال والعمالة الوطنية واتفاقية حق التملك العقاري وتملك الأسهم والسندات وتأسيس الشركات، كل هذا يمثل خطوات أساسية، كما أن اتفاقيات التجارة الحرة الموحدة لدول المجلس مع الشركاء التجاريين الرئيسيين سواء دول أو تكتلات سياسية واقتصادية هي توجهات تعزز من موقعنا التجاري والاقتصادي في العالم، وقد تُوّجت هذه الجهود نحو إنشاء سوق خليجية مشتركة بإعلان اتفاقية الاتحاد النقدي في قمة مسقط العام الماضي، ونأمل أن نعلن عن انطلاق مسيرة الاتحاد النقدي في قمة الكويت نحو الوصول إلى عملة خليجية موحدة.

أما على الصعيد التنموي فقد ذكر الشيخ صباح الأحمد أن المحور التنموي والاقتصادي هو ركيزة أساسية بين دولنا في هذا اللقاء، وأساس وصلب هذا المحور هو الإنسان، فالتنمية التي نسعى إليها هي التنمية بالإنسان ومن أجل الإنسان، لذا تجدون أنه على مدار الثلاثين سنة الماضية اتخذنا الكثير من القرارات في الجانب التنموي خصوصا في مجال التعليم والصحة والاقتصاد والتجارة التي تصبّ في صالح تحقيق أهداف هذه الركيزة، ورغم ما تحقق من إنجاز في هذه المجالات، إلا أن الطريق ما زال طويلا أمامنا ونحن نمشي بخطى واثقة وصحيحة في الاتجاه الصحيح إن شاء الله، كما تعمل دول المجلس جاهدة لتعزيز روابط البنية التحتية بين دول المجلس والمثال لذلك هو ما سيتم يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي وهو إطلاق الربط الكهربائي.

واقتصاديا، رأى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أن «تأثير الأزمة الاقتصادية على مبيعات النفط الخام كان محدودا نسبيا، متوقعا أن يعود ازدياد الطلب نظرا إلى تحسن اقتصاديات الدول المؤثرة على الاستهلاك مثل شرق آسيا وشبه القارة الهندية، ونرى أنه بتماسك دول (أوبك) في تحديد سقف الإنتاج والالتزام به سيكون ذلك صمام الأمان لاقتصاديات دول (أوبك) عموما ودول المجلس بشكل خاص، خصوصا ونحن نسعى إلى تحقيق سعر عادل لبرميل النفط بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية في بلداننا المصدرة للنفط ومتطلبات النمو في الاقتصادي العالمي».

من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم أن ما حققه مجلس التعاون لدول الخليج العربية من إنجازات يفوق بسنوات ضوئية ما حققته منظمات إقليمية أخرى ومنها جامعة الدول العربية.

وحول توجيه الكويت دعوات إلى أطراف خارج مجلس التعاون لحضور القمة، أكد الشيخ محمد بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الكويتية أن «هذا تجمع خليجي خاص بأهلنا وأشقائنا، ولم تجر العادة على دعوة أحد من الخارج، ودعوة الدول الأخرى لبعض الأطراف حين استضافت القمة كانت استثناء وليست قاعدة، ونحن من حيث المبدأ نتمنى دائما أن تكون اجتماعات المجلس محصورة على قادتها، لا سيما أن كل تلك الاجتماعات مغلقة وتقتصر على القادة، بما يمكنهم من الحديث بأريحية وبسقف عال من الصراحة والمكاشفة، وهذا ما يميز دول المجلس، لذلك نرى أن دعوة عناصر أو شخصيات من خارج المجلس يمكن أن تعطي الاجتماعات مظهرا إعلاميا أكثر من عمليا، ونحن نجتمع لإنجاز العمل، لذلك ننظر إلى أنها ستكون أكثر فاعلية عندما تكون مقتصرة على دول المجلس».

وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم إلى أن «قمة الكويت ستشهد انطلاقة الاتحاد النقدي الخليجي، وهي الاتفاقية التي صادقت عليها أربع دول خليجية بعد قرار قمة مسقط بإنشاء الاتحاد النقدي الخليجي، رغم أن سلطنة عمان ارتأت لظرف خاص بها ألا تلتحق بالاتحاد النقدي، كما وافقت دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث المبدأ، ولكنها لاعتبارات معنية قررت تأجيل التحاقها بالاتحاد».

وأشار الشيخ محمد إلى وجود «خلاف إجرائي لدى الإمارات يتعلق بموقع البنك المركزي الخليجي، لكن ليس ثمة خلاف على فكرة الاتحاد النقدي، لذلك نأمل أن تنضم جميع دول المجلس مع مرور الوقت إلى هذه العربة الخيرة التي ستؤدي في النهاية للوصول إلى عملة خليجية موحدة».

وحول أبرز الملفات السياسية التي ستبحثها القمة الخليجية قال الشيخ الدكتور محمد صباح السالم إن الملف السياسي الذي ستتناوله قمة الكويت يتضمن ما واجهته السعودية أخيرا من تعديات على أراضيها وتسلل الحوثيين، ولا توجد ملفات في معزل عن أخرى، ولدينا مرئيات، فمجلس التعاون في النهاية ليس تجمعا بل هو تحالف، ونحتاج لأن نرى إلى أي مدى يمكن لهذا التحالف الصمود، لذا ننظر إلى أمن هذه المنظومة الإقليمية في المدى القصير والمتوسط والبعيد، فهناك مخاطر قائمة وماثلة أمامنا، ومنها قضية الاختراقات الحدودية على المملكة العربية السعودية، كما أن مبعوثا من الرئيس اليمني سيحمل رسالة إلى قادة مجلس التعاون، وسيتم استقباله، وسيكون محل ترحيب لدينا أن نعرض المرئيات اليمنية كذلك خلال مداولاتنا، وعلى المدى القصير قد يحتاج الأمر إلى إجراءات أمنية عسكرية لتعزيز المواجهة، لكن في المدى المتوسط فإن التحدي لا يتمثل فقط في اختراقات حدودية وعمليات إرهابية أو ما شابه ذلك.

وأضاف «أما الملف النووي الإيراني فهذا أمر آخر، ويتعلق بوضع إيران كدولة في علاقتها مع المجتمع الدولي، فهناك استحقاقات دولية ممثلة في قرارات مجلس الأمن واشتراطات وشروط واجب تنفيذها من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية، والكويت جار لإيران، وفي زيارتنا الأخيرة إلى طهران التقينا بمجموعة من المسؤولين الإيرانيين، من بينهم رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، الذي ذكر لنا أن هناك محاولات لتخويف دول المنطقة من البرنامج النووي الإيراني بالقول إنه مصمم على إنتاج أسلحة دمار شامل، أو أنه من الممكن أن يكون البرنامج خطرا على البيئة، وقد رد الجانب الكويتي على لاريجاني بالإشارة إلى أن دولة الكويت «تعد أقرب تجمع سكني بشري لمفاعل بوشهر النووي، وأقرب للمفاعل من أي مدينة إيرانية، لذا فإن قلقنا وخوفنا مشروع من هذا الجانب».

وكشف وزير الخارجية الكويتي أن بلاده طرحت على القيادة الإيرانية في زيارة رئيس الوزراء الكويتي لطهران موضوع التجاذبات السعودية الإيرانية «فزيارتنا لطهران كانت قبل الحج بأيام معدودة، وكنا نتمنى أن تكون هناك رسالة طمأنينة واطمئنان من إيران إلى الجيران وإلى السعودية، بأن إيران تعمل على عدم إثارة أي أمر يفرق المسلمين، وبالفعل أعطونا وعدا ونقلنا هذا الأمر إلى أشقائنا بالمملكة، ولله الحمد أتى موسم الحج ومر من دون أن تكون هناك أي اضطرابات، لكن طبعا يقلقنا أن يكون هناك نوع من التراشق الإعلامي، فنحن لا يمكن إلا أن نكون في خندق واحد مع المملكة العربية السعودية».

وشكك الشيخ محمد في اتهامات طهران للرياض حول اختطاف خبير نووي إيراني في موسم الحج، مؤكدا أن «السعودية أرض الحرمين الشريفين ومفتوحة لجميع المسلمين، وقضية الاختطاف كلمة كبيرة جدا، وأن المملكة فتحت أراضيها لأقسى أعدائها لأداء الشعائر الدينية، فهل من الممكن أن تقوم المملكة بعمل عدائي لشخص يأتي إليها لأداء فريضته الدينية؟ أشك في هذا الكلام، وأتمنى من الإخوة في إيران التوقف عن هذه الاتهامات، وأن تكون الرسالة هي رسالة طمأنينة».

وحول العلاقة بين الكويت والعراق وملف الديون الكويتية والخليجية المستحقة على العراق، أشار الشيخ محمد إلى أن «الكويت لم تكن في يوم من الأيام ضد إسقاط القروض، بل على العكس، وكل ما قلناه وببساطة أن هذه القروض مرت بطلب من قبل الحكومة العراقية السابقة، وعرض الطلب أمام البرلمان الكويتي، وتم التصويت عليه من قبل ممثلي الشعب في جلسة برلمانية علنية، وتم منح العراق هذه الأموال بهذه الآلية، وكل ما قلناه إن الطريقة والآلية والقناة التي تم بها منح القروض للعراق، من خلالها أيضا يتم التعامل مع المطالبة بإسقاط هذه القروض لا أكثر ولا أقل، أما التعويضات فهي قرارات مجلس الأمن».

وأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي لن تقف مكتوفة الأيدي في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إمارة دبي، مشيرا إلى أنه «لن يكون من العدالة أن نضع الإصبع على دبي فقط، فجميعنا تأثر بهذه الأزمة الاقتصادية، وعلينا تحصين مجتمعاتنا واقتصادياتنا من أزمات مقبلة وصدمات خارجية كبيرة». كما قال إن «دبي وحدة مهمة من دولة الإمارات، ولا أعتقد أن هناك دولة من دول الخليج لن تتجاوب إيجابيا مع ما تطلبه الإمارات».