السعودية تكتفي ذاتيا من البنزين وتتجه إلى تصدير نصف مليون برميل الشهر المقبل

بسبب دخول «مصفاة رابغ» طور الإنتاج

إحدى محطات الوقود في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف متعاملون في قطاع النفط والطاقة، أمس، عن أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، سوف تتحول لأول مرة من مستورد جزئي للبنزين إلى مصدّر له، ابتداء من الشهر المقبل، يناير (كانون الثاني)، حيث تشير توقعات إلى أن يبلغ حجم شحنات البنزين المصدرة نحو 500 ألف برميل يوميا.

وذكر التقرير الصادر من شركة «تريس داتا إنترناشيونال»، التي تعنى بأسعار الطاقة والمعادن، أن استيراد السعودية من البنزين قد توقف في شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأرجع اكتفاء السعودية من البنزين إلى أن إدخال تقنيات حديثة في «مجمع رابغ الصناعي»، رفعت كميات إنتاج البنزين من النفط الثقيل الذي تعتمد عليه المصافي المحلية.

وتبلغ استثمارات «مجمع رابغ للتكرير والبتروكيماويات» (بترورابغ) 10.3 مليار دولار، وفي العادة تستورد السعودية كل شهر بين 60 و70 ألف برميل يوميا من البنزين.

وأشار تقرير «تريس داتا إنترناشيونال» إلى أنه من غير المتوقع أن تستورد السعودية أي كميات من البنزين خلال شهر ديسمبر الحالي، وذلك بسبب استقرار الطلب وارتفاع حجم الإنتاج من قبل مصافي البترول المحلية، مبينا أن السعودية كانت قد استوردت ما يقارب 17 ألف برميل يوميا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا أن دخول «مجمع رابغ الصناعي» في خط الإنتاج أسهم بشكل كبير في تعويض النقص المؤقت في الفترة الماضية، بحسب ما ذكرته «تريس داتا إنترناشيونال».

وأكدت أن دخول المجمع الصناعي العملاق الذي تكلف إنشاؤه قرابة 10 مليارات دولار في خط الإنتاج، هو جزء من استراتيجية وطنية لتأكيد الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية، مع تنامي الطلب المحلي على الوقود.

وقال طارق قيس الصقير، محلل اقتصاديات الطاقة لدى «تريس داتا إنترناشيونال»: «إن وجود وحدات معقدة ومتقدمة للتكسير الكربوني في (مجمع رابغ الصناعي)، أسهم في تحويل برميل النفط الثقيل إلى المعدلات المطلوبة من البنزين، نتيجة تصدير أغلب إنتاج السعودية من النفط الخفيف لتعزيز العوائد من عمليات التصدير، حيث إن سعر النفط الخفيف يزيد على سعر النفط الثقيل بنحو 3 دولارات، في الوقت الحالي».

وأضاف: «لذا فإن تكرير النفط الثقيل للحصول على البنزين محليا هو لرفع معدلات الربحية ولتأكيد الدعم الحكومي لأسعار الوقود المحلي».

وذكرت «تريس داتا إنترناشيونال» في تقريرها، أن المصافي المحلية قادرة على تصدير 500 ألف برميل يوميا بعد دخول «مصفاة رابغ» خط الإنتاج، كاشفة عن وجود مفاوضات لمناقشة إمكانية التصدير في يناير المقبل، مما يعكس قدرة صناعة التكرير السعودية على الاستجابة للطلب المتنامي للوقود محليا ودوليا.

وتعرض التقرير إلى أنواع النفط المستخرجة في السعودية، حيث ذكر أن النفط الخفيف يمثل 20 في المائة من الإنتاج العالمي من النفط فقط، ولذلك فإن الطلب على ذلك النوع مرتفع بسبب قدرته على تحقيق معدلات تحويل أكبر للمنتجات البترولية، مقارنة بالنفط المتوسط والثقيل، الأمر الذي يمنع الصناعات النفطية من النمو دون المبادرة إلى تطوير منشآتها لاستيعاب النفط الثقيل. وأضاف التقرير أنه من الملاحظ الاستثمار في وحدات التكسير الحراري والتكسير الهيدروجيني في المشاريع السعودية الجديدة، وهو السبب الرئيسي في تحديد قدرة المصافي على تلبية الطلب المحلي.

ويعتقد الصقير أن وقف استيراد البنزين مرتبط بقدرة المصافي المحلية على الموازنة بين نمو الطلب المحلي على البنزين، وبين رسم تطلعاتها للربحية عند إنتاج مواد أخرى من النفط، خصوصا أن استيراد البنزين لا يشكل قلقا في الصناعة النفطية بل يعد خيارا مؤقتا لتحقيق ربحية أعلى في منتجات أخرى للمصافي البترولية، لافتا إلى أن دخول «مصفاة رابغ» عالج هذه المسألة برمتها.

وتشير بيانات «تريس داتا إنترناشيونال» إلى أن الطلب المحلي من النفط مرشح للارتفاع بنحو 9 في المائة في نهاية عام 2011، وإذا بقيت معدلات النمو الحالية على وضعها فقد يتضاعف الطلب المحلي من 2.2 مليون برميل يوميا إلى 4.4 مليون برميل يوميا في 2020.