السعودية تناشد الأطراف الصوماليين إعلاء المصلحة العليا فوق خلافاتهم

دعتهم للاتفاق على حكومة وحدة.. وإظهار عزمهم على مواجهة الإرهاب والقرصنة البحرية

TT

ناشدت السعودية أمس، جميع الأطراف في الصومال، إعلاء المصلحة العليا لاستقرار البلاد، فوق كل خلافاتهم السياسية، والاتفاق على حكومة وحدة وطنية قادرة على إرساء قواعد الأمن والسلام في هذا البلد الذي تطحنه الحروب الأهلية منذ ما يزيد على 20 عاما.

وطالبت الرياض، في كلمة ألقاها الدكتور عادل بن سراج مرداد رئيس الإدارة العامة للشؤون الإسلامية بالخارجية السعودية، الأطراف الصومالية، بأن يظهروا للعالم عزمهم على مواجهة التحديات المحيطة بهم، كمكافحة ظاهرة الإرهاب، وما أفرزته من ظواهر كالقرصنة التي باتت مهددة لأمن وسلامة التجارة والملاحة الدولية.

وجاء هذا الموقف من الحكومة السعودية، خلال مشاركتها في اجتماع مجموعة الاتصال الدولية، والمخصصة لمناقشة الأزمة التي تعصف بالصومال، وتداعياتها المتصاعدة، وما أسفرت عنه من سقوط المئات من القتلى والجرحى، فضلا عن تدمير البنية التحتية.

وأوضح عادل مرداد، أن السعودية «تأمل أن يكون في عقد هذا الاجتماع ما يطمئن الإخوة الصوماليين باستمرار الدول الإسلامية والمجتمع الدولي ومؤسساته على مواصلة دعمهم والوقوف بجانبهم حتى يتمكنوا من تجاوز هذه المحنة». وأضاف أن ذلك يأتي «من خلال التركيز على البحث الجاد في سبيل تقديم الدعم الكامل للشعب الصومالي وتنسيق المواقف الإسلامية والدولية لإيجاد الحلول الناجعة للأزمة بما يضمن سيادة الصومال وسلامة أراضيه الإقليمية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع أطياف شعبه حتى يعم الأمن والاستقرار في ربوع الصومال».

وأشارت السعودية، إلى أن ما يتعرض له الصومال، من تنامي القبلية، وانعدام السلطة المركزية، وتفشي الأمراض والأوبئة، «هو نتاج 20 عاما للأحوال السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية المتردية» في ذلك البلد. وشددت الرياض، على بذل جهود حثيثة على المستويين الإقليمي والدولي للتعامل مع المسألة الصومالية، والسعي للتواصل إلى سلام واستقرار دائم في الصومال من خلال حث الشرعية الصومالية خاصة في ظل انتخاب الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد وتنفيذ الاتفاقات التي تمت في هذا الشأن.

إلى ذلك، أعلن البروفسور إكمال الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، عن افتتاح مكتب تمثيلي للمنظمة في العاصمة الصومالية «مقديشو»، وذلك في مطلع العام المقبل، للمساعدة في إعمار الصومال، وتنفيذاً لجميع الالتزامات التي قطعتها المنظمة، لدعم الصومال ومساعدته في الخروج من أزمته.

وأضاف أوغلو «أن إدارة الشؤون الإنسانية في المنظمة ستبدأ قريباً بتنفيذ مشروعات إنسانية بكلفة 50 مليون دولار»، مشيراً إلى أن هذه المشروعات تتعلق بمجال مكافحة الفقر، والإغاثة، ودعم المشروعات الصغيرة، وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في الدول الأعضاء.

وتأتي تصريحات أوغلو خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح أعمال الاجتماع السادس عشر لمجموعة الاتصال الدولية المعنية بالملف الصومالي، التي تستضيفها للمرة الأولى منظمة المؤتمر الإسلامي بمقرها في مدينة جدة، وسط حضور دبلوماسي واسع النطاق يتقدمه أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة في الصومال، ومشاركة وفد صومالي رفيع المستوى يترأسه عمر عبد الرشيد علي شارماركي. ويأتي هذا الاجتماع في أعقاب التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة الصومالية والتي راح ضحيتها عدد من المواطنين الصوماليين من بينهم 3 وزراء في الحكومة الانتقالية، إضافة إلى صحافيين وطلاب وأساتذة جامعيين، وسقوط أكثر من 50 جريحاً.

وقال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع كل من عمر عبد الرشيد علي شارماركي رئيس الحكومة الانتقالية الصومالية، وأحمد ولد عبد الله المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إن «منظمة المؤتمر الإسلامي وعلى كل مستوياتها تشعر بمسؤولية كبيرة تجاه هذا البلد المسلم، وهي تعمل مع المجتمع الدولي على مساعدة الصوماليين للخروج من أزمتهم، وتشكيل حكومة مركزية تمثل جميع أطياف المجتمع الصومالي، وأن هذا الاجتماع الذي يأتي بالتنسيق مع مجموعة الاتصال الدولية في جدة هو تأسيس شراكة دولية من شأنها تعزيز أفق المصالحة الداخلية في الصومال».

وأضاف أن «المنظمة تسعى من خلال هذا الاجتماع إلى إيصال رسالة واضحة أن العنف والإرهاب الذي يشهده الصومال لا يمت بصلة للدين الإسلامي». وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول مدى تفعيل دور المنظمة في الانخراط في مشروع المصالحة الداخلية في الصومال، قال أوغلو «لا شك أن هذا الاجتماع هو خطوة مهمة في هذا الاتجاه، ويمثل حافزاً كبيرا للاستمرار في وضع حد للعنف الجاري في البلاد، حيث أن المنظمة ومنذ عام 2006 كانت تقوم بدورها في دعم المصالحة في الصومال، إلا أن هذه الأنشطة لا تظهر في العلن حيث تمر عبر قنوات دبلوماسية ضيقة». واستشهد أوغلو باعتراف المنظمة بحركة المحاكم الإسلامية بزعامة الشيخ شريف أحمد عند انطلاقها في 2006، وأن المنظمة هي الجهة الوحيدة التي كانت تقوم بالاتصال مع الحركة وتوفير الدعم السياسي لها في ظل الرفض الدولي للمحاكم الإسلامية، مشيراً إلى أن «هذه الاتصالات حولت الحركة من طرف إلى مركز في الحياة السياسية في الصومال، ليتم بعد ذلك انتخاب الشيخ شريف أحمد رئيساً للصومال بعدما وفرت له المنظمة الدعم السياسي على جميع الأصعدة الدولية».

وحول دعوة عمر عبد الرشيد علي شارماركي رئيس الحكومة الصومالية المؤقتة لخطة إنقاذ دولية شبيهة بخطة أوباما لمساعدة أفغانستان، قال شارماركي «إن الخطة تشمل جميع جوانب الأزمة الصومالية بما فيها تلك المتعلقة بالجوانب الأمنية والاقتصادية، وأن هذا الاجتماع يأتي كخطوة مهمة في هذا الاتجاه لتضمين استراتيجية توفر الاستقرار لهذا البلد».