عاصفة مطرية غير مسبوقة أغرقت لبنان واحتجزت الناس في بيوتهم وسياراتهم

مواطنون لبنانيون يعملون على إنقاذ أطفال حاصرتهم مياه الأمطار والسيول أمس في بلدة الغازية في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

لم تمنع حالة الاستنفار القصوى التي أعلنتها الأجهزة الرسمية المختصة في لبنان من الحؤول دون أضرار بالغة أصابت المواطنين والطرق جراء العاصفة المطرية التي تقع لبنان تحت تأثيرها، والتي أسفرت عن تساقطات مائية غير مسبوقة ومصحوبة بالضباب في المناطق الجبلية التي ترتفع عن 800 متر وما فوق سطح البحر، وتسببت في العاصمة بيروت وضواحيها والطرق المؤدية إليها باستحداث عدد من برك المياه التي احتجزت مئات السيارات وآلاف المواطنين طوال يوم أمس. كما تسببت بقطع طرق جبلية وساحلية بسبب السيول والضباب والانهيارات. وفي بلدة الغازية «جنوب صيدا» ارتفع منسوب المياه لنهر صغير وهدم الجسر الذي يقود إلى مدرسة «السفير» وعزل التلاميذ والأساتذة فيها، مما استوجب تدخل فرق الدفاع المدني لإنقاذ الجميع عبر البساتين المحيطة بالمدرسة. وقالت إحدى المعلمات إنها تولت نقل تلاميذ الروضة الأولى وعاشت رعبا لا يوصف لخوفها من أن تزل قدم طفل وتجرفه السيول. ووصفت الوضع بقولها «لم نعد نعرف كيف نحتمي، فالمياه كانت تتدفق من الأرض وتنهمر من السماء. ونحن وسط البساتين نحاول الخروج إلى الطريق والوصول إلى منازلنا».

ولعل الصور التي تناقلتها الوكالات عن منطقة صبرا في الضاحية الجنوبية لبيروت تحمل دلالاتها، حيث احتجزت عائلات بكاملها في منازلها، كما غرقت الطرق وبات يصعب إنقاذ من تجرفه السيول.

وكان وزير الأشغال غازي العريضي قد قام بجولة لتفقد أوضاع الطرق منذ الساعات الأولى، صباح أمس، وانتقد تقصير البلديات التي لا تقوم بواجباتها، مما يؤدي إلى حدوث أزمة كلما طرأت ظروف قاهرة.

وأصدرت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيانا أشارت فيه إلى أنه «بسبب زحمة السير التي خلفتها غزارة الأمطار على أغلب الطرق في المناطق، لا سيما مداخل العاصمة وخصوصا على أوتوستراد الناعمة، اتصل وزير الداخلية والبلديات المحامي زياد بارود بالوزير العريضي، ووضع كل إمكانات الوزارة بتصرف وزارته بغية معالجة أزمة تجمع المياه على الطرق والتخفيف من أزمة السير والحد من معاناة المواطنين. ونتيجة للعمل المشترك بين الوزارتين تمكنت فرق وزارة الأشغال وعناصر السير من فتح مسارب أساسية في الطريق بغية تصريف المياه حيث أصبحت سالكة».

وفي حين لم تسجل إصابات في الأرواح نتيجة العاصفة والسيول والانهيارات التي رافقتها، توقعت مصلحة الأرصاد الجوية في إدارة الطيران المدني، أن يكون طقس اليومين المقبلين غائما مع أمطار غزيرة وعواصف رعدية ورياح ناشطة مع انخفاض في درجات الحرارة، كما توقعت تساقط الثلوج حتى ارتفاع 1400م. ونتيجة الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة لم تستطع مجاري الصرف الصحي استيعاب المياه الكثيفة فتفجرت وغمرت المياه الآسنة عددا كبيرا من الشوارع في مناطق لبنانية مختلفة، مما أعاق حركة السير لا سيما في الطرق التي تشهد أشغالا وحفريات. وعملت الجرافات على فتح الطرقات التي أقفلتها الثلوج لا سيما في المناطق الجردية. كما قطعت العاصفة أسلاك الكهرباء والهواتف، وأحدثت أضرارا كبيرة في المزروعات.

أما الطرق العامة فتحولت إلى بحيرات اختلطت فيها المياه والأتربة والحجارة والسيول وسدت الأقنية والمجاري العمومية، مما استوجب تدخلا من الأجهزة الأمنية وفرق الدفاع المدني التي استعانت بآلياتها لمساعدة السيارات المحتجزة بالمياه.

وفي إحدى المناطق الجبلية قطعت الطريق العام بعد طوفان الوادي الذي لم يعد مجراه يحمل كمية المياه فأغرق الطريق وقطعها على المارة ومنع الأهالي من الخروج من منازلهم وكذلك أغلقت المحال التجارية، ومن تجرأ على المرور بسيارته اصطادته المياه فوقع في فخها وعملت فرق الدفاع المدني على مساعدته.

وشكلت الأمطار الغزيرة في منطقة صور «جنوب لبنان» وقراها مستنقعات مائية في العديد من الطرقات العامة والداخلية لمعظم البلدات والقرى، كما هو الحال في معظم الحقول الزراعية خصوصا المنحدرة منها، كما أدت إلى تساقط بعض جدران الدعم في العديد من هذه الحقول، خصوصا أنها ترافقت مع رياح شديدة، كان شهدها الليل الفائت، متزامنة مع جو مغبر يشبه إلى حد ما الطقس الصحراوي، إلى حين تساقط الأمطار الوحلية. وعلى صعيد صيادي الأسماك فقد توقفت حركتهم وبقيت مراكبهم في مرساة ميناء الصيادين في صور وأحجموا عن الإبحار بسبب الأمواج العالية التي وصلت في أغلب الأحيان إلى شوارع المدينة المحاذية للميناء.