الأرمن.. مبدعو التصوير الفوتوغرافي في مصر

جامع وثائق عثر على مجموعة نادرة لهم لدى تاجر تحف

TT

بورتريهات ـ أو صور شخصية ـ وصور جماعية ولقطات لأشخاص ولعائلات عاشت خلال القرنين الماضيين ضمتها مجموعات من الصور الفوتوغرافية، احتفظت بها أعرق العائلات المصرية لسنوات طويلة وتوارثها الأبناء والأحفاد، لكن بعضهم لم يدرك قيمتها فتخلص منها وكان مصيرها لدى تجار التحف والأنتيكات، ليقتنيها من يقدّر قيمتها أو من يتاجر بها من أجل المال.

مكرم سلامة، أشهر جامع للوثائق التاريخية في مصر، عثر على كنز من الصور الفوتوغرافية التي تعود إلى المصوّرين الأرمن الذين عاشوا في مصر وحققوا نهضة غير عادية في فن التصوير الفوتوغرافي، وساعدهم وجود صناعة «الفوتوغرافيا» في مصر.. التي شهدت التقاط أول صورة في أفريقيا والعالم العربي في عهد محمد علي باشا الكبير. والذين أيضا ساندتهم الطبيعة الساحرة والوجوه المصرية المعبرة في التقاط أروع وأجمل الصور، ومن بينهم الأرمني الشهير بالقاهرة ليكيجيان، وبابازيان، وأوزيان بمنطقة عابدين، وأرتينيان بشارع قصر النيل، وزولا، وبابا زوغلو في القاهرة أيضا، وكل من ديليكان وألبان وعزيز ودوريس، وروي، وميلانوس ونادر في الإسكندرية. حول قصة العثور هذه المجموعات، شرح مكرم سلامة لـ«الشرق الأوسط» قائلا «وجدت هذه المجموعات مهملة عند أحد تجار التحف في القاهرة، وهي تخص حواء إدريس وحورية إدريس وهما ابنتا أخت الرائدة المصرية هدى شعراوي، وعائلة مصطفى رشيد، حفيد محمد رشيد باشا وزير المالية في عهد الخديوي إسماعيل. وهي تعود للحقبة من 1895 وحتى 1930، وتضم نحو 100 صورة نادرة، وتعد المجموعة الأهم التي لا تضاهيها سوى مجموعة المصوّرين الملكيين للملك فؤاد وفاروق وهما: المصور الإنجليزي هانزل مان، الذي كانت بطاقات الاستوديو الخاصة به تحمل «مصوّر جلالة السلطان» والمصري رياض شحاتة؛ وهو المصري الوحيد الذي كان منافسا للأجانب في مجال التصوير في ذلك الوقت».

ويتابع سلامة فيقول «التوقيع الأشهر في عالم الفوتوغرافيا كان ليكيجيانG. Lekegian، وعلى الأرجح كان يدعي غابرييل ليكيجيان، وهو أرمني جاء إلى مصر من إسطنبول، وعاش في الفترة من 1880 إلى 1890. وقد أسّس الاستوديو الخاص به في القاهرة عام 1887 بالقرب من فندق شبرد الشهير، حيث تحولت المنطقة ما بين شارع قصر النيل وميدان الأوبرا إلى مثلث الفوتوغرافيا الذهبي. وسرعان ما ذاع صيته في التصوير بفضل مهارته وروعة لقطاته، وأصبحت العائلات تتنافس في الحصول على صور لأفرادها بتوقيعه. وتحمل جميع صوره توقيع «Photographic Artistique G. Lekegian & Co»، إذ كانت اللغة الفرنسية مهيمنة ودارجة بين أفراد الشعب المصري. ولقد فاز بالميدالية الذهبية في المعرض الفوتوغرافي الدولي في باريس عام 1892. كما فاز بالجائزة الكبرى في المعرض الدولي بشيكاغو عام 1893».

وقدم ليكيجيان، كما يظهر من إرثه الفني، مجموعة من أفضل اللقطات خلال القرن الـ 19، وقد عثر على أعماله لدى العديد من أعرق العائلات المصرية، وأيضا لدى هواة جمع الصور الفوتوغرافية النادرة. وانضم اسمه لقوائم أشهر المصورين في العالم التي كانت وضعتها أشهر الجامعات والمتاحف في العالم. ويؤكد مكرم سلامة أن مجموعات الصور التي عثر عليها توضح مظاهر الحياة الاجتماعية في تلك الفترة ومن خلال الأزياء وملابس أصحاب الصور نستطيع معرفة الكثير عن الطبقات الاجتماعية وأحوالها.

ويرى سلامة أن ليكيجيان «أنعش حركة التصوير الفوتوغرافي في مصر، وظهرت سلسلة من استوديوهات التصوير وانتشرت في القاهرة والعاصمة الثانية الإسكندرية، ولا سيما أن الإسكندرية كانت مصيف العائلة الملكية والنخبة في المجتمع المصري، مما جعلها عنصر جذب للمصورين. ومن أشهر الاستوديوهات في القاهرة أيضا هوكفور ويوسف فانبلات، وبرودواي بالإسكندرية. وأدى انتشار التصوير الفوتوغرافي إلى ظهور جيل جديد من المصورين المحترفين في مصر ومنهم أحمد خورشيد وبشير خوري».