محاولة ديترويت.. المرة الثانية التي ينجح فيها إرهابي في تمرير متفجرات عبر نقاط تفتيش أمنية

الوحيشي دعا في مقالته الأخيرة لصناعة قنابل في المطبخ لتفجير مطارات

ضابطان من شرطة أسكوتلنديارد يحرسان مدخل مبنى به شقق سكنية فخمة كان يسكن بإحداها الطالب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب (إ.ب.أ)
TT

سلطت العلاقة المحتملة بين الشاب النيجيري الذي حاول تفجير الطائرة الأميركية قبل هبوطها في ديترويت والقاعدة في اليمن الضوء على نشاط التنظيم المتطرف في اليمن والأساليب المستخدمة لتمرير المتفجرات عبر أجهزة الكشف في المطارات.

ونسبت واشنطن بوست إلى مسؤول بالحكومة اليمنية أن حكومته تبحث حاليا في المزاعم المتعلقة بأن عبد المطلب جاء إلى اليمن لكي يحصل على الجهاز المتفجر والإرشادات المتعلقة بكيفية استخدامه وتوقيت استخدامه.

ولكن المسؤول حذر من أن السلطات اليمينية تحتاج إلى بعض الوقت كي تستطيع التأكد مما إذا كان عبد المطلب قد دخل بالفعل البلاد أو لا، خصوصا في ظل شيوع اسمه وإمكان تهجّيه بأكثر من طريقة.

وقال مسؤول يمني آخر تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام إن السلطات الأميركية ما زالت لم تقدم أي معلومات حول تلك الواقعة للحكومة اليمنية، مضيفا: «عندما يتم إثبات صلة ذلك الانتحاري باليمن أو إذا ما تم إثباتها، سوف تتخذ السلطات إجراءات فورية».

وقد أصدر تنظيم القاعدة في اليمن في 29 أكتوبر (تشرين الأول) مقالا يشجع فيه أي أعضاء محتملين للتنظيم على استخدام المتفجرات الصغيرة المتاحة لقتل الغربيين والمرتدين سواء على متن الطائرات أو في المطارات، وذلك وفقا لإيفان كيه كولمان المحلل المختص بالإرهاب بمؤسسة «نيفا» المختصة بمراقبة المواقع الإلكترونية للمتطرفين.

ومن جهة أخرى، يقول كولمان إن القائد المحلي أبو بصير الوحيشي كتب مقالا في النسخة الأخيرة من المجلة الرسمية للجماعة المتطرفة «صدى الملاحم» يقول فيه إن استخدام قدر قليل يصل إلى «عشرة غرامات من المتفجرات» التي تستطيع أن تركبها «بمطبخ منزلك» يمكّنك من تصنيع قنبلة يدوية، أو قنبلة كالتي يستخدمها الانتحاريون، كما يمكنك إخفاؤها في الأجهزة الإلكترونية بها مثل أجهزة التسجيل أو بعض الأشياء الأخرى مثل الأظرف أو إطارات الصور. ويحرّض في مقالته قائلا: فجر بها «الطغاة ومقرات الاستخبارات، والأمراء، والوزراء، والصليبيين في أي مكان تجدهم، بالإضافة إلى المطارات في الدول الغربية الصليبية التي شاركت في الحرب على المسلمين أو في طائراتهم ومجمعاتهم السكنية أو في محطات المترو». يُذكر أنه يعتقد أن الوحيشي قُتل في الغارة التي شنّتها القوات اليمنية يوم الخميس الماضي على معسكر للقاعدة في شبوة مع قادة آخرين بارزين في التنظيم.

وإذا ما تم إثبات الصلة بين عبد المطلب وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها الجماعة الإرهابية تهريب المواد المتفجرة عبر نقاط التفتيش الأمنية. ففي أغسطس (آب)، دخل التفجيري الانتحاري عبد الله حسن طالع عسيري الذي أرسله تنظيم القاعدة من اليمن إلى العربية السعودية حاملا المتفجرات على جسمه. كان في طريقه للقاء الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية ورئيس عمليات مكافحة الإرهاب بالمملكة، حيث كان العسيري سعودي الجنسية قد أخبر الأمير نايف أنه يعتزم ترك تنظيم القاعدة.

فأرسل الأمير طائرته إلى الحدود الجنوبية لمدينة نجران لالتقاط العسيري، واصطحبه حرس الأمير إلى منزله. وخلال المساء، انفجرت متفجرات العسيري من خلال هاتف جوال، مما أسفر عن إصابة الأمير بجروح طفيفة.

وفي أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة، تباهت القاعدة بأن العسيري مر من نقاط التفتيش بمطار نجران ومطار جدة قبل أن يستقل طائرة الأمير، وذلك وفقا لتصريح بثته الشبكة الإرهابية على المواقع الجهادية.

ووفقا لترجمة قدمتها جماعة «سايت» لمراقبة الإرهاب والتابعة للاستخبارات فإن تنظيم القاعدة قال في تصريح له إن «جوهر عملية التفجير والطريقة التي تمت بها لن يتم الإفصاح عنهما ولن يتمكن أحد من معرفتهما». مضيفا: «أبشروا أيها الطواغيت بما يسوؤكم فإن حصونكم لن تمنعكم منا فقد تَسوّرناها عليكم وسنأتيكم في القادم القريب بما لا تحتسبون بإذن الله فخذوا حذركم إن استطعتم وما نظنكم تستطيعون».

ويبدو أن عملية عبد المطلب كانت أحدث العمليات التي يتمكن فيها إخصائيو التكتيك العسكري بحركة القاعدة من التغلب على إجراءات أمن الطيران سواء قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 أو بعدها. فعلى الرغم من تطور المواد المتفجرة وطرق التفجير، فقد تطورت الإجراءات الأمنية أيضا. وإذا ما استطاعت السلطات التأكد من أن مساعي عبد المطلب تعكس قدرات إرهابية جديدة وخطرة فمن المحتمل أن تتخذ إجراءات أقوى.

يُذكر أن السلطات قد أعلنت في 1995 عن خطة لتنظيم القاعدة كان يطلق عليها «بوجينكا» لتفجير 11 طائرة تابعة للخطوط الجوية الأميركية فوق المحيط الهادي عندما تم إلقاء القبض على مشتبه به يحمل مواد تستخدم في تصنيع القنابل. وكانت الخطة التي وضعها رمزي يوسف مخطط هجمات المركز التجاري الدولي في 1993 من خلال تفجير جهاز يسمي تجربة الانفجار يتكون من قنبلة صغيرة من النيتروغلسرين تم تهريبها في زجاجات محلول حفظ العدسات اللاصقة، وقد انفجر على متن الطائرة مسفرا عن مقتل أحد الركاب على متن الطائرة الفلبينية المتجهة إلى طوكيو.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2001، أُلقي القبض على المجند الحديث بتنظيم القاعدة ريتشارد ريد الذي تم اعتقاله بعد محاولات غير ناجحة لتفجير قنبلة مجهزة من قبل على متن طائرة متجهة من باريس إلى ميامي تتكون من متفجر البينان (متفجر بلاستيكي قوي)، وتراي أسيتون ألترايبري أوكسيد (تاتب) وهو المركب الذي يستخدمه المفجرون الانتحاريون بفلسطين والذي يمكن تصنيعه من خلال مزج الأسيتون مع بعض المكونات المتوافرة.

وقد أحبطت السلطات في المملكة المتحدة مؤامرة أخرى في أغسطس (آب) 2006 كانت تستهدف تفجير رحلات طيران عابرة للأطلسي من مطار هيثرو بلندن إلى ست من المدن الأميركية والكندية باستخدام متفجر سائل وهو هيكثاميثالين التريبري أوكسيد الديامين (إتش إم تي دي) الذي يمكن تصنيعه باستخدام فوق أكسيد الهيدروجين.

وقد توصل المحققون إلى أن مخططي تلك المؤامرة كانوا يعتزمون إخفاء تلك المتفجرات داخل أكواب الشراب الرياضي وتفجيرها عن بعد بواسطة أجهزة «إم بي ثري» أو الهواتف الجوالة.