فيديو لأحد الهواة نقل الصدامات: التظاهرات بدأت بالغناء «الموت للدكتاتور»

تعطل خدمات الهاتف.. والمتظاهرون ضربوا الشرطة وأحرقوا دراجاتها وقطعوا الطرق بالحواجز المشتعلة التي غطت السماء بالدخان الأسود

TT

أظهر شريط فيديو صوّره أحد الهواة في وسط طهران، الحشود الغاضبة وهي تحمل أحد المصابين وهي تردد «سوف أقتل، سوف أقتل الشخص الذي قتل أخي».

وكان الكثير من المواقع في وسط العاصمة الإيرانية قد شهد اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن حيث استخدم المتظاهرون الحجارة وأشعلوا النيران في الدراجات النارية والسيارات والشاحنات بحسب الفيديو الذي نُشر على الإنترنت وما نشرته المواقع المؤيدة للإصلاحيين. وقد مُنع مراسلو وكالات الأنباء الأجنبية من تغطية المظاهرات في شارع «انقلاب» أو «الثورة» في وسط طهران، ولم يتم التأكد من التقارير الخاصة بشأن أعداد القتلى من مصدر مستقل، كما لم يتم التأكد من صحة شريط الفيديو الذي نُشر على شبكة الإنترنت، لكن صوت سيارات الإسعاف كانت تسمع بالقرب من أماكن الاحتجاج.

لكن أمام مشهد الصور التي تناقلتها المواقع الإخبارية الإيرانية ومشهد الفيديو، تراجعت الشرطة الإيرانية عن موقفها الأولي الذي ينفي وجود قتلى، لتؤكد لاحقا مقتل 5 أشخاص واعتقال 300 في طهران خلال التظاهرات المعارضة للرئيس محمود أحمدي نجاد، كما أفاد مساعد رئيس شرطة طهران أحمد رضا رادان للتلفزيون الحكومي. وقال رادان: «قُتل عدد من الأشخاص خلال الحوادث. لقد وقع شخص عن جسر، وتوُفّي اثنان في حادثتي سيارتين، وآخر بالرصاص». وأضاف: «بما أن الشرطة لم تستخدم السلاح، تثير (هذه الوفاة بالرصاص) شكوكا وهي رهن التحقيق». وقال رادان كذلك أن «أكثر من 300 شخص وُقفوا».

وحسب شهود العيان ومواقع المعارضة على الإنترنت فإن المتظاهرين الغاضبين رشقوا قوات الأمن بالحجارة وأشعلوا النيران في العشرات من الدراجات النارية، فيما حلقت مروحيات الشرطة فوق المكان حيث تصاعدت سحب الدخان الأسود في سماء العاصمة. وقال أحد مساعدي مير حسين موسوي -رفض الكشف عن اسمه خشية التعرض للانتقام من جانب الحكومة- المرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات 25 من يونيو (حزيران)، إن ابن أخته البالغ من العمر 35 عاما واسمه علي موسوي لقي حتفه في مستشفى في طهران جراء الإصابات التي لحقته». وكان موقع مير حسين موسوي على الإنترنت وكذلك موقع «برلمانيون» الإصلاحي قد ذكرا أن «علي موسوي قُتل في أثناء المصادمات التي أطلقت فيها قوات الأمن النار على المتظاهرين. وقد حاول المتظاهرون في إيران قطع الطريق مستخدمين الحواجز المشتعلة التي ملأت سماء العاصمة بالدخان الأسود. وقد تم تصوير أحد ضباط الشرطة والدم ينزف من وجهه بغزارة بعد الاشتباك مع المتظاهرين في الشوارع المتأججة.

وحسب «أسوشييتد برس» فإن المظاهرات بدأت بغناء الآلاف من أنصار المعارضة «الموت للدكتاتور» في إشارة إلى الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد حيث نزلوا إلى الشوارع في تحد للتحذيرات الرسمية بالإجراءات الصارمة ضد أعمال التظاهر التي تتوافق مع الاحتفالات الدينية التي أقيمت أمس الأحد، والذي يوافق مرور سبعة قرون على مقتل الإمام الحسين. وقد حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين في الشارع القائم في وسط طهران مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات والرصاص الحي في الهواء، لكنها فشلت في ذلك، مما دفع الشرطة بعد ذلك إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين بصورة مباشرة مما أدى على مقتل أفراد.

وحسب شهود العيان فإن أحد الضحايا رجل بالغ أصيب بعيار ناري في رأسه وشوهد وهو يُحمل من قِبل مؤيدي المعارضة والدماء تغطي وجهه. كما أصيب أكثر من 20 شخصا من أنصار المعارضة إصابات بعضها خطيرة، إلى جانب تعرض بعضهم لكسور في الأطراف نتيجة لتعرضهم للضرب بالهراوات من قبل الشرطة. إلى ذلك شهدت ثلاث مدن رئيسية على الأقل هي أصفهان ونجف آباد في وسط إيران وشيراز في الجنوب مواجهات عنيفة.

وتعد الصدامات الحالية الأبرز بين المعارضة وقوات الأمن منذ تصاعد الاضطرابات في الأسابيع التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو (حزيران) حيث اتهمت المعارضة أحمدي نجاد بسرقة الانتخابات عبر عملية تزوير واسعة النطاق وأن موسوي كان الفائز الحقيقي في الانتخابات.

وقد تعرضت خدمات الهواتف الجوالة إلى حالة أشبه بالشلل كما كان الحال في كل المظاهرات التي شهدتها البلاد من قبل في محاولة ظاهرة من الحكومة للحد من الدعاية ومنع المتظاهرين من التجمع. وكان ناشطو المعارضة قد تجمعوا وأقاموا سلسلة من المظاهرات المناوئة للحكومة في أعقاب وفاة رجل دين معارض الأسبوع الماضي، فقد منحت وفاة رجل الدين البارز آية الله حسين علي منتظري أكثر منتقدي القيادة الإيرانية في 20 ديسمبر (كانون الأول) دفعة جديدة لمظاهرات المعارضة التي قاومت الإجراءات التعسفية للشرطة منذ الانتخابات.

ولم يشهد تأبين منتظري الشباب والناشطون من المناطق الحضرية الذين ملأوا صفوف الاحتجاجات السابقة لكن كبار السن أيضا والأكثر تدينا الذين يكنون احتراما بالغا لمنتظري نظرا إلى مكانته الدينية وآرائه السياسية. وقد شارك عشرات الآلاف في جنازته في مدينة قم المقدسة منشدين العديد من الشعارات المناوئة للحكومة.

وقد هدد مدير الشرطة الإيرانية اللواء إسماعيل أحمدي (مقدم) باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المتظاهرين ما لم يقفوا المسيرات الاحتجاجية. وكان رجال المعارضة قد استغلوا العطلات والأعياد الدينية والأيام الهامة خلال الشهور الأخيرة في تنظيم مظاهرات مناوئة للحكومة. وتتعرض الحكومة الإيرانية في الوقت الحالي لضغوط من المعارضة الداخلية ومن الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لدفع إيران لوقف الأنشطة الرئيسة من برنامجها النووي.