2009.. عام عاد فيه الجمال لمتحف الفن الحديث في بريطانيا

مع حركة «فنانو بريطانيا الشباب» التي تشهد تحولا دراميا في توجهاتها

ديميان هيرست الذي اشتهر بأنه أثرى فنان في العالم، قاد بنفسه الحركة الفنية بعيدا عن الراديكالية، بإعلان بيع أكبر أعماله في مزاد حقق 198 مليون دولار في ذلك الوقت (رويترز)
TT

خلال العقود القليلة الماضية تصدرت أخبار متحف الفن الحديث في بريطانيا عناوين الأخبار، لا لشيء سوى لبشاعة ما يحويه من أسماك قرش محنطة وأسرة غير مرتبة وجماجم.. نعم جماجم مكسوة بالألماس.

لكن مع تقدم العمر بقادة تلك الحركة الفنية المسماة «فنانو بريطانيا الشباب» أمثال ديميان هيرست وتريسي إيمين، ليبلغا سن النضج والثراء، يبدو أن عهدا جديدا من الجمال يبزغ فجره في الفن المعاصر.

هيرست (44 عاما)، الذي اشتهر بأنه أثرى فنان في العالم، قاد بنفسه الحركة الفنية بعيدا عن الراديكالية، بإعلان بيع أكبر أعماله في سبتمبر (أيلول) 2008، في مزاد حقق 111 مليون جنيه إسترليني (198 مليون دولار) في ذلك الوقت.

منذ ذلك الحين، اختار وليد الفن البريطاني المرعب العزلة في مزرعة ريفية حول فيها موهبته للرسم، وحقق بعض النجاحات بحسب النقاد.

وكتب ألاستير شوك، أحد نقاد الفن المعروفين في صحيفة «ديلي تلغراف» أن «هيرست هو الكبش الذي يتقدم قطيع الثقافة.. وعندما يشرع في اتجاه جديد تماما ينبغي علينا جميعا أن نلاحظ ذلك».

وكان هذا الاتجاه الجديد، أو الرغبة في بث الجمال في الفن، محور الحديث في المعرض الذي أقيم في الأكاديمية الملكية بلندن هذا العام لأعمال النحات البريطاني هندي المولد أنيش كابور، والذي زاره ما يزيد على ربع مليون شخص.

وبينما كانت القطعة الأهم في المعرض عبارة عن مدفع يطلق شمعا أحمر تجاه جدران الأكاديمية الملكية خلال فواصل زمنية تبلغ عشرين دقيقة، فإن النقاد أشادوا بالمرايا المنحنية والقطع النحتية المبهجة.

وكتب شوك، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية للأنباء «بين الفينة والأخرى.. نشهد تحولا دراميا في الفنون.. مثل الطبقات البنائية التي يطحن بعضها بعضا لإرساء دعائم الثقافات المتنافسة.. وفيما نخوض عباب العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، يتجلى أحد هذه التحولات».

وشأن كل النقاد الآخرين، حدد شوك نقطة تحول أخرى تتمثل في جائزة تيرنر، أرقى وأهم وسام للفن المعاصر في بريطانيا، لعام 2009.

فعلى خلاف السنوات الماضية، التي أحاطت فيها الفضائح بالمعروضات والقطع الفائزة، منحت الجائزة هذا العام لريتشارد رايت الاسكوتلندي المولد عن لوحة لورقة ذهبية متألقة، قال عنها النقاد إنها تحمل عبق «الرسوم الجدارية المائية الخاصة بعصر النهضة».

وأشادت هيئة المحكمين برايت (49 عاما) -أكبر فنان نال الجائزة التي لا تمنح لمن تجاوز عمرهم الخمسين- وذلك لأصالة وجمال «عمله الذي لا يحمل عنوانا».

وقال رايت لوسائل الإعلام البريطانية إن ردود الفعل تجاه أعماله حركت مشاعره، لكنه أضاف «كما لو أن الناس تأتي للمعرض وهي تتوقع أن يكون الفن قبيحا».

وكتبت صحيفة «تايمز»: «كان فوزه يعني أن الجائزة البريطانية سيئة السمعة تحولت من (حالة تسبب الغضب) لتتولاها يد (طالب مجد يبحث في تاريخ الفن)». وشدد رايت على أنه سوف يرسم على جداريته الفائزة تلك بمجرد أن تنتهي مدة عرضها. وقال مبررا «هذا العمل ليس للمستقبل.. إنه لهذه الفترة (فحسب).. إذا كان الشيء مهما بحق فسوف يبقى».