كرزاي يجد فرصة في رفض البرلمان لتشكيلته الحكومية ليضم وجوها أكثر نزاهة

كابل تتهم الدول المانحة بتقديم القليل

TT

ربما يتمكن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي من تحويل رفض مهين من البرلمان لترشيحاته للوزراء إلى فرصة لتشكيل حكومة من الوجوه الجديدة أكثر نزاهة.

ففي مطلع الأسبوع، اعترض أعضاء البرلمان على ثلثي ترشيحات كرزاي للحكومة، لكن المرشحين المرفوضين يشملون كثيرا ممن لهم علاقات بمن يملكون النفوذ الذين ساعدوا كرزاي على الفوز بانتخابات رئاسية كانت محتدمة وشابتها عمليات تلاعب في وقت سابق من العام الماضي. والآن أعطى البرلمان كرزاي الحجة لرفض هؤلاء المرشحين بنفسه. غير أن كرزاي، الذي ساءت صورته نتيجة التلاعب في الانتخابات وعدم تحقيقه نتائج تذكر خلال 8 سنوات كرئيس - سياسي محنك، تمكن من تحمل الضغوط الغربية وحقق توازنا مع الجماعات المختلفة التي تمسك بزمام السلطة في الداخل للبقاء في منصبه أطول مما كان يتوقع كثيرون. وبعد اعتراض البرلمان، قال كرزاي إنه يشعر بالدهشة والانزعاج. لكن محللين يقولون إنه كان يتوقع رفض بعض المرشحين المطروحين، بل وربما يشعر بالسعادة لرفض البعض الذين رشحوا كرد للجميل لمن قدم له يد العون خلال الحملة الانتخابية. واعترض البرلمان في واقع الأمر على 17 من بين 24 مرشحا وزاريا يوم السبت، وكان أعضاء البرلمان يستمتعون فيما يبدو بفرصة نادرة لمحاسبة الرئيس.

وبدت النتيجة وكأنها هزيمة مفاجئة ووصفتها الأمم المتحدة بأنها انتكاسة مثيرة للانزعاج. لكن النتيجة منحت كرزاي أيضا الفرصة لطرح قائمة أفضل من دون أن يغضب بشكل كامل الشخصيات الداعمة له. وقال وحيد مجده، وهو كاتب ومحلل مقيم في كابل: «كرزاي ليس مستاء لهذه الدرجة».

وأضاف: «يمكن أن يختار 17 شخصا آخرين وربما سيطرح هذه المرة أشخاصا يثق فيهم المجتمع الدولي». وتضررت سمعة كرزاي بعد عودته لمنصبه في انتخابات الرئاسة المثيرة للجدل في أغسطس (آب) الماضي. وكان ينظر لاختيار الوزراء على أنه أول اختبار لوعوده بالقضاء على التربح في فترته الجديدة. وبدا الرضا على المجتمع الدولي لبقاء وجوه محبوبة وموثوق بها لدى الغرب في وزارات رئيسية بما في ذلك الدفاع والداخلية والمالية والزراعة. كما أن جميعهم لهم علاقات طيبة بالبرلمان وأعيدوا إلى مناصبهم. لكن هناك انتقادات وجهت إلى كرزاي بسبب مرشحين آخرين معروفين سمعة كثير منهم غير طيبة. ويعتقد محللون أنه تم ترشيحهم لتوجيه الشكر إلى أصحاب النفوذ الذين دعموه خلال الانتخابات. وقال دبلوماسي أجنبي في كابل: «سوف يجعل منها فرصة للجوء إلى الوزراء الذين لم يكن يرغب في وجودهم في بادئ الأمر، لكن عليه الاسترضاء». وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع: «ويمكنه الآن القول: بذلت كل ما في وسعي، لكن البرلمان قيدني». وحتى من لا يعتقدون أن كرزاي كان يخطط لهذا الاعتراض يرون أن بإمكانه الاستفادة من هذا الرفض الجماعي. وقال هارون مير الشريك المؤسس لـ«مركز أفغانستان للأبحاث والدراسات السياسية» في كابل: «لا أعتقد أن كرزاي كان يضع خطة مسبقة، لكن لديه الآن فرصة للظهور بصورة الزعيم الوطني». ومضى يقول: «يمكنه أن يدعو المعارضة للمشاركة وبعدها لن يتمكن أحد من لومه لأنه يمكن أن يقول: نحن في وضع هش».

وأضاف مير أن الرئيس كان متهاونا بصورة كبيرة في أمر التصويت، حيث زار إقليم هلمند يوم إجراء الاقتراع على الرغم من مواجهته لبرلمان معاد وغير متماسك، الأمر الذي يعني أنه من غير المرجح أن يكون قد شعر بأنه يطرح فريقا مثاليا.

وقال مير: «إنه حتى لم يهتم بأن يتوجه إلى البرلمان لطرح وزرائه.. لم يتم تقديمهم أبدا كفريق. لذلك كان الرئيس غير مكترث منذ البداية». ولن يكون كرزاي قادرا على رفض كل من لهم صلات بمجموعته من الأشخاص الداعمين له البغيضين في بعض الأحيان، ومن غير المرجح أن يقف أي منهم مكتوف اليدين في مواجهة ما قام به البرلمان.

وقال مسؤول رفيع المستوى إنه من المتوقع تقديم قائمة جديدة في وقت لاحق هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن تضم بعضا من المرشحين المرفوضين لكن في وزارات مختلفة عن المرة الأولى. ولكن من المنطلق نفسه، لا يمكن للرئيس العودة للبرلمان بالمجموعة نفسها بالضبط من الأسماء. وربما يكون أكبر انتصار يعتز به أعضاء البرلمان هو رفض واحد بين عدد محدود من المجموعة التي صعدت للسلطة خلال عهد الحرب الأهلية ممن يعتبرون على درجة كافية من النزاهة للانضمام للحكومة.

وكان إسماعيل خان المرشح لوزارة الطاقة زعيما ومقاتلا بارزا ضد الاحتلال السوفياتي وقائدا مناهضا لطالبان في غربي أفغانستان. ومن المرشحين الآخرين الذين رفضهم البرلمان حلفاء قائد الفصائل السابق عبد الرشيد دستم وهو من الأوزبك الذي اتهمه الغرب بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

إلى ذلك، اتهم وزير الخارجية الأفغاني في مقابلة صحافية في ألمانيا، الدول المانحة لبلاده بأنها تقدم القليل لمساعدة أفغانستان على إدارة نفسها بنفسها، وبأن كلامها بشأن قادة الحرب الأفغان غير متوازن. ونقلت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» أمس عن الوزير رانغين دافدر سبانتا قوله إن المجتمع الدولي يقدم القليل من الإمكانات للحكومة الأفغانية ويمنحها القليل من النفوذ.

وقال أيضا إن المجتمع الدولي لا يتيح لحكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إدارة سوى 20% من المساعدات، أما الباقي فتديره البلدان المانحة، فيما تبقى كابل مسؤولة عن «كل أخطاء» إعادة الإعمار. وطالب الوزير الأفغاني بأن يجري تخصيص الأموال بطريقة أكثر شفافية وفعالية، مشيرا بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة التي تعتبر المانح الأكبر. وقال سبانتا: «الجنود الإضافيون (الذين ستنشرهم واشنطن في أفغانستان) سيكلفون 30 مليار دولار في السنة. إن المال المخصص لجندي أميركي واحد يكفينا لإعداد 60 جنديا أفغانيا».

وقال سبانتا إنه يتطلع إلى المؤتمر الدولي حول أفغانستان المقرر عقده في 28 يناير (كانون الثاني) في لندن لوضع ملامح إعادة الإعمار المستدامة، وتعزيز بناء الشرطة والجيش الأفغانيين. وندد سبانتا بمواقف بعض الدول المانحة التي تصنف قادة الحرب بين جيدين وسيئين، فيما «كثير من الدول المانحة عملت مع أشخاص كهؤلاء وعملت حتى مع أشخاص متهمين بارتكاب جرائم حرب». وأضاف: «ولكن عندما تفعل ذلك حكومة كرزاي تواجه انتقادات. هذا الأمر يجب أن يتوقف».