عواصف ثلجية لم تشهد بريطانيا مثلها منذ 1981 وتخوفات من انتهاء مخزون الغاز والحصى

إقفال المطارات وأكثر من 1000 مدرسة وتعليق رحلات اليوروستار.. والموجة مستمرة حتى نهاية الشهر

وصلت العاصفة إلى مختلف أرجاء إنجلترا بما فيها العاصمة لندن أمس ومن المتوقع أن تستمر لأسابيع قد تمتد لغاية نهاية الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

المشهد يتكرر للمرة الثانية على التوالي، ففي نهاية عام 2009 ضربت بريطانيا عواصف ثلجية أدت إلى شل حركة المواصلات وحدوث حوادث السير بسبب عدم تجهيز الطرقات بالحصى والرمل لتفادي الانزلاقات، وألقي حينها باللائمة على السلطات المحلية، خاصة أن مصلحة الأرصاد الجوية أصدرت تحذيرات رسمية وجدية تفيد بمجيء موجة برد قارس من القطب الشمالي، إلا أن السلطات لم تتفاعل مع التحذيرات مما أدى إلى وقوع خسائر في الأرواح، وبداية هذا العام أيضا صدر مجددا بيان مفاده بأن عواصف ثلجية أقوى من تلك التي سبقتها أواخر العام الماضي سوف تضرب بريطانيا من جديد، وهكذا حصل، ولكن وبدلا من تحضير السلطات نفسها للوقوف في وجه العواصف، تكرر المشهد ذاته على نطاق أوسع حيث تجتاح حاليا العواصف الثلجية القوية وسط وجنوب البلاد محدثة أزمة فعلية وفوضى في الطرق والسكك الحديدية، ومجبرة شركات طيران على إلغاء رحلاتها وإقفال معظم المطارات الدولية والمحلية ومئات المدارس.

وأصدر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني تحذيرا شديدا من سوء الأحوال الجوية شمل البلاد بأكملها ووصلت سماكة الثلوج إلى 40 سنتيمترا في العاصمة لندن والمقاطعات المحيطة بها وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر ورافقتها رياح قوية آتية من القطب المتجمد الشمالي.

طرقت العاصفة أبوابها في بادئ الأمر في شمال إنجلترا واسكوتلندا حيث وصلت درجات الحرارة أول من أمس إلى 14 تحت الصفر، ومن المتوقع بأن تتدنى الحرارة إلى 20 تحت الصفر، ووصلت العاصفة إلى مختلف إرجاء إنجلترا بما فيها العاصمة لندن أمس ومن المتوقع أن تستمر لأسابيع قد تمتد لغاية نهاية الشهر الحالي.

وتصدرت العاصفة الثلجية عناوين الصحف البريطانية التي وصفت البلاد بأنها تحولت إلى مجسم صغير لعصر الجليد بسبب هدية القطب الشمالي، وعلى الرغم من التحضيرات لهذه العاصفة فإن السلطات أعلنت أنها غير مؤهلة لعاصفة تمتد على مدى أسابيع وهناك مخاوف حالية تفيد بعدم وجود مخزون كاف من الغاز بسبب وصول مستوى استهلاك الغاز إلى مستويات غير مسبوقة من قبل ورشحت معلومات تفيد بأن بريطانيا استعانت بالنرويج وبلجيكا للحصول على الغاز وهذا ما نفاه رئيس الحكومة البريطاني غوردن براون، مشددا على أن بريطانيا لديها ما يكفي من الغاز وهي مهيأة للوقوف بوجه العاصفة التي من الممكن أن تستمر 15 يوما.

ولم يكن تدني مستوى الغاز هو المشكلة الوحيدة في بريطانيا، إلا أن السلطات المحلية أعلنت أنها لا تملك كمية كافية من الملح والحصى لرشه على الطرقات لتفادي الانزلاقات، وحذرت من أنها لا تملك أكثر من كمية تكفي ليوم واحد إضافي فقط مما اضطر الناس إلى استعارة الملح والحصى من جيرانهم واللجوء إلى ملح المنزل.

وتعتبر مقاطعة هامشير لانكشير ووست يوركشير ووست ميدلاندز وغلوستشير وهرتفوردشير وساري من أكثر المقاطعات تعرضا للعاصفة.

وتسببت موجة الصقيع التي يقول خبراء الطقس إنها الأسوأ منذ 30 عاما في إحداث حالة من الفوضى للمسافرين مع خطورة القيادة وسط الجليد وتساقط الثلوج كما عطلت بشدة خدمات القطارات. وحوصر نحو 1000 راكب في سياراتهم خلال الليل في مقاطعة هامشير كما اضطر كثيرون إلى تركها في أنحاء أخرى من البلاد بعد أن جعلت العواصف الثلجية الطرق غير آمنة. وقامت وحدات من الجيش والإسعاف بالتوجه إلى هامشير لإعانة أكثر من 1200 سائق علقوا في الثلوج لأكثر من 12 ساعة. وقالت متحدثة باسم الخطوط الجوية البريطانية إن 29 رحلة ألغيت من وإلى مطار هيثرو يوم أمس في حين تم إغلاق مطار غاتويك وستانستد ومانشستر إلى أجل غير مسمى.

وأصدرت الشرطة ومصلحة الأرصاد الجوية بيانا مشتركا حذرتا فيه البريطانيين من التجول إلا عند الضرورة القصوى، كما صدر تحذير يفيد بأن العاصفة سوف تصل إلى أقوى سرعتها ومعدلها في حلول الليل.

ووصل عدد الضحايا إلى 4 من بينهم طفل في السادسة من العمر سقط في بركة ماء مجلدة، وتم العثور على جثمان امرأة خرجت يوم الأحد ولم تعد إلا أنه تم العثور عليها في إحدى القرى بعد أن تعثرت وسقطت في بحيرة مجمدة.

وبعد أن تم التحذير من عدم وجود كمية كافية من الملح والحصى اضطر الناس إلى شراء ملح الطعام لرشه على الطرقات المؤدية إلى منازلهم، مما أدى ارتفاع نسبة مبيعات أكياس الملح التي تبلغ زنتها 1.5 كيلوغرام إلى 150 في المائة.

وحالت العاصفة دون وصول أكثر من 20 في المائة من الموظفين إلى أعمالهم أمس، وأصدر الاتحاد العمالي بيانا حث فيه أرباب العمل على السماح للموظفين بالعمل من منازلهم لتفادي حصول أي مكروه لهم على الطريق، وحاول عدد من الموظفين الوصول إلى مكاتبهم عن طريق المشي بعد أن توقفت معظم سبل التنقل عن العمل في معظم أرجاء البلاد بما فيها العاصمة. وبريطانيا ليست هي البلاد الوحيدة التي تتعرض حاليا لعواصف ثلجية غير مسبوقة، إلا أن فرنسا حصلت على نصيبها هي الأخرى من الجليد والبرد والثلوج مما أدى إلى توقف القطارات وتعرض وزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتيران لحادث انزلاق على دراجته النارية مما استدعى إدخاله إلى المستشفى، وتشهد الصين أيضا عاصفة لا مثيل لها من الثلوج منذ أكثر من 20 سنة، حيث انخفضت الحرارة إلى 18 تحت الصفر. ولم تكف شركة «يوروستار» المشكلات التي عانت منها فترة الأعياد إلا أن العاصفة أجبرت القطارات على إلغاء الرحلات بسبب الطقس السيئ أمس، وقال مسؤول في الشركة إنه من المتوقع المزيد من المشكلات وذلك بعد ثلاثة أسابيع فقط من تقطع السبل بمسافرين بالقطارات بسبب الثلوج.

وتسببت عواصف ثلجية اجتاحت جنوب إنجلترا وشمال فرنسا في فوضى على الطرق والسكك الحديدية. وقالت يوروستار في بيان (بسبب الطقس السيئ قد تتأخر أو تلغى خدمات معينة في اللحظة الأخيرة).

وقالت متحدثة إن إدارة الشركة قررت ليلة أمس إلغاء رحلتي قطار بين باريس ولندن ورحلتين أخريين بين لندن وبروكسل. وأضافت أن الثلوج منعت الكثير من الركاب من الوصول إلى المحطات. وشجعت الشركة المسافرين على تأجيل حجز سفرهم إلى موعد آخر.

وقالت «يوروستار» آنذاك إنها تدخل تعديلات على أسطولها من القطارات ليتماشى مع الثلوج. وتشغل «يوروستار» الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية ونظيرتها البلجيكية وشركة «لندن آند كونتنينتال إيرويز» المملوكة للحكومة البريطانية. وذكرت أن سبب العطل هو انتقال القطارات من الهواء البارد في الخارج إلى النفق الأكثر دفئا. فحينئذ ذابت الثلوج داخل القطارات فحدث تكثيف أثر على الأنظمة الكهربائية. وذكرت الحكومة الفرنسية أنها تشكك في أن الطقس البارد هو السبب الوحيد وراء الأمر وأنها أمرت بفتح تحقيق.