ضباط من مختلف أنحاء العالم يخدمون في شرطة نيويورك

العربية بلهجاتها المختلفة من ضمن اللغات التي يتكلمونها

من بين 5593 ضابطا انضموا إلى الشرطة منذ يوليو 2006 تبين أن 1042 وُلدوا خارج أميركا وجاءوا من 88 دولة (رويترز)
TT

ترسل شرطة نيويورك ضباطها إلى 11 مدينة بمختلف أنحاء العالم، وقامت في إحدى المرات بإرسال زوج وزوجة إلى أبوظبي. ولكن، في المقابل، فإنه يعمل في مدينة نيويورك عدد كبير من المنحدرين من معظم دول العالم في جهازها الأمني. ومن بين 5593 ضابطا انضموا إلى الشرطة منذ يوليو (تموز) 2006، عندما بدأت شرطة نيويورك في تعقب جنسيات ضباطها، تبين أن 1042 منهم ولدوا خارج أميركا وجاءوا من 88 دولة، وذلك حسب ما تفيد به سجلات القسم. وتأتي جمهورية الدومنيكان على رأس القائمة، حيث ولد 263 ضابطا هناك. وتتضمن القائمة أيضا دولا ربما كان لها تمثيل قوي قبل 20 عاما، وهي إيطاليا وأيرلندا وألمانيا. ولكن حاليا يمثل هذه الدول الثلاثة ثمانية ضباط فقط، في مقابل 78 ضابطا ولدوا في هاييتي، و59 في جامايكا، و29 في باكستان، و18 في روسيا. وقد بذلت شرطة نيويورك جهدا كبيرا كي تكون متنوعة، وتنشر إعلانات تبحث من خلالها عن ضباط جدد بصورة دورية داخل صحف ناطقة بلغات أجنبية، ويتم تصنيف الأفراد الجدد وفقا لقدراتهم، ويتم تدريبهم لأداء مهام معينة مثل محاربة الإرهاب أو خدمة قضايا مجتمعية. ويعتمد ذلك على اللغة والثقافة ومكان الميلاد، ويخضع من يزعمون تمرسهم في لغة أخرى غير الإنجليزية لاختبار تجريه مؤسسة «بيرلتز» لتقييم القدرة على الكتابة والحديث والقراءة. ومن اللغات التي يوجد طلب عليها اللغة العربية بلهجاتها المختلفة، والروسية، والهندية، واللغة الماندرينية.

وحاليا يوجد ضباط يترجمون لمن لا يتحدثون اللغة الإنجليزية، ويساعد ذلك على إزالة حاجز اللغة أمام المواطنين الذين يحتاجون إلى مساعدة من الشرطة، ويساعد أيضا المشتبه فيهم الذين قد يواجهون مشكلات تعيقهم عن فهم حقوقهم أو الأسباب التي أدت إلى اعتقالهم.

ويقول مفوض الشرطة رايموند كيلي: «لو كنا قادرين على التحدث بلغتهم، ولو كنا قادرين على تفهم الاختلافات الثقافية، لكان من الأيسر القيام بهذه الوظيفة المعقدة التي تحتاج إلى تركيز شديد».

ويساعد ذلك على تبديد التصور القديم بأن قوة الشرطة مشكلة بالأساس من رجال أصولهم أوروبية خلفوا آباءهم وأجدادهم في العمل الوظيفي. ويقول كيلي إن ذلك «تغير بصورة كبيرة، وقد تغير للأفضل، فبعد أن أصبحت المدينة أكثر تنوعا، باتت الشرطة متنوعة هي الأخرى. وأعتقد أن قسم الشرطة هنا هو الأكثر تنوعا في العالم، ونحن فخورون بذلك. ونريد أن نحافظ على تنوعنا، فهذا أمر جيد في عمل الشرطة، وهو يجعلنا منظمة أكثر فاعلية»، وتؤكد المجموعة الأخيرة من الضباط هذا الاتجاه. ومن بين 250 ضابطا جديدا تخرجوا يوم الاثنين الماضي، ولد 65 خارج الولايات المتحدة، وهم يعودون إلى 23 دولة، حسب ما قالته الشرطة. ويتحدث هؤلاء الضباط في المجمل 28 لغة مختلفة من بينها اللغة البنغالية والبنجابية واليوروبية والكريولية.

ويقول توماس ريبيتو، وهو مؤلف ومؤرخ يكتب عن الشرطة، إن التنوع في قسم الشرطة يأتي متساوقا مع الاتجاه القديم جدا للمهاجرين الجدد الذين يحلون محل القدماء. وأضاف: «هذه هي قصة نيويورك، فدائما ما كانت مدينة مهاجرين، وفي النهاية تعكس القوة العاملة المحلية المهاجرين الجدد».

ومن بين الأفراد الجدد شاب يدعى أحمد ناصر انضم إلى الخدمة في مارس (آذار) 2000، وكان أحد ثلاثة أفراد من أصول عربية في فرقته بأكاديمية الشرطة. ويقول إنه واحد من بين عشرين فردا في القسم بالكامل. وفي بعض الأحيان كان يشعر أن ثقافته فريدة، ويتذكر التكليف الأول الذي وُكل إليه في الدائرة السادسة والسبعين بمدينة بروكلين، وكيف أنه قضى لحظات خلال فترات استراحة تناول الغذاء يصلي داخل غرفة تدريب في مكان الإقامة التابع لقسم الشرطة. ويقول مسترجعا ما كان يؤديه كل يوم: «كنت أدعو الله أن يرزقني التفاهم».

ويوجد حاليا نحو 1500 ضابط مسلم داخل القسم، ويعمل ناصر مخبرا. وتتنوع أصول هؤلاء الضباط، بعض منهم من منطقة الشرق الأوسط، وآخرون من آسيا وإفريقيا وأوروبا. ويتحدثون العربية والفارسية والبشتونية والأردية، بالإضافة إلى لغات أخرى. وفي عام 2006، دفعت الزيادة في الأعداد داخل القسم المخبر ناصر، وهو من اليمن، إلى تشكيل جمعية للضباط المسلمين. ويبلغ عدد أعضاء الجمعية في الوقت الحالي 250 عضوا، واعترف القسم بها العام الماضي، ويترأس المخبر ناصر (43 عاما) الجمعية. ويقول ناصر: «لقد زاد عدد المسلمين على مدار الأعوام، ونحن نحاول أن نجذب المزيد» ويتذكر المخبر ناصر كيف أنه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كلف مهمة بالقرب من مركز دعم الأسر الأميركية العربية وسط مدينة بروكلين. ويقول إنه أحس ببعض الخوف وضعف الثقة من جانب هؤلاء القائمين على تطبيق القانون، ولذا بدأ يتحدث إلى الجاليات. وأدى ذلك إلى توليه مهمة داخل مكتب شؤون الجاليات التابع للقسم. وهو يقوم حاليا بزيارة المدارس ودور العبادة. ويساعد على ترجمة وثائق المدينة للمهاجرين الجدد. وأصبح مهتما ببطولات كرة القدم والكريكت التي يشارك فيها الشباب. ويعمل حاليا على «بناء الثقة في الجالية». وفي التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، قام ناصر بزيارة مدرسة «النور الإسلامية»، حيث شرح عمل الشرطة لنحو 200 طالب، مؤكدا على فلسفة مفوض الشرطة رايموند كيلي التي تقول إن قوة الشرطة المتنوعة يمكن أن تعزز من التفاهم داخل المدينة المتعددة اللغات. وتحدث المخبر ناصر، وهو جندي سابق، نحيف وله شعر قصير وشارب خفيف، الأسبوع الماضي وهو جالس على منضدة داخل «باتي غاردنز» بجنوب مانهاتن، حيث تجمعت 29 جمعية صداقة شرطية لتكريم جوزيف إيبوسيتو، رئيس القسم. وُلد المخبر ناصر في صنعاء «بين شمال وجنوب اليمن» كما يقول، وكان هذا المكان سببا في جعل عائلته وسط صراع متقلب من أجل السلطة بين المنطقتين، واختير للخدمة العسكرية وهو في سن المراهقة. وجاء إلى الولايات المتحدة في عام 1986، وكان حينها يبلغ من العمر 20 عاما، للعمل مع احتمالية العودة. ولكنه تعلم اللغة الإنجليزية وذهب إلى الجامعة وتزوج واستقر في بروكلين، ولديه طفلان. واستثار شقيق زوجته، وهو يميني أميركي المولد، كان ضابط شرطة في المدينة لبعض الوقت، اهتمامه بالشرطة. وتطلع ناصر إلى ذلك. ويقول: «هناك بعض العمل يجب القيام به لبناء الجسور وتعزيز التفاهم داخل قسم الشرطة وفي الخارج».

* خدمة «نيويورك تايمز»