كارثة جدة: لجنة تقصي الحقائق «قد» تتولى إصدار العقوبات بحق المدانين

قراءة لخبير قانوني تؤكد أن للموقوفين أحقية الاستعانة بمحامين أثناء التحقيق

TT

لم يستبعد خبير قانوني سعودي، أن تتولى لجنة تقصي الحقائق المكلفة بمتابعة تداعيات كارثة جدة، مهمة إصدار العقوبات بحق من تثبت إدانتهم بالتهم المنسوبة إليهم.

ويأتي هذا الترجيح، في ظل حمل الأمر الملكي لمضامين كـ«المحاسبة»، مما يعزز فرضية أن تقوم لجنة تقصي الحقائق بإصدار العقوبات بنفسها.

وأكد خبير قانوني أن من حق الموقوفين أخيرا في محافظة جدة للتحقيق معهم على ذمة قضايا فساد مالي وإداري، الاستعانة بمحامين، وتمكين هؤلاء المحامين من حضور جلسات التحقيق، عملا بنظام الإجراءات الجزائية.

وتنص المادة الرابعة من نظام الإجراءات الجزائية، على أنه «يحق لكل متهم أن يستعين بوكيلٍ أو محامٍ للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة».

وأوضح المستشار القانوني الدكتور ماجد قاروب، رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف السعودية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الحقوق المكفولة للموقوفين تشمل جميع ما نص عليه النظام الأساسي للحكم، والأمر الملكي الذي حدد مرجعية تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول المتسببين في كارثة السيول، في ظل ما خلفته من أضرار بشرية ومادية كبيرة في مدينة جدة. واستند الأمر الملكي الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ونظام ديوان المراقبة العامة، ونظام البلديات والقرى، ونظام حماية المرافق العامة، وأخيرا نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.

وهنا أشار قاروب إلى أن «حقوق الموقوفين تتضمن كل ما شملته اختصاصات الجهات المشاركة في عضوية لجنة تقصي الحقائق، وهي وزارة العدل، وديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية، وغيرها من الجهات».

وذكر المستشار القانوني أن الجهات المشاركة في اللجنة تعمل وفق الأنظمة العدلية والحقوقية المختلفة، ومنها نظام الإجراءات الجزائية في مرحلة التحقيق، ونظام المرافعات الشرعية ونظام المحاماة أثناء مرحلة المحاكمة.

وأكد أن استفادة الموقوفين على ذمة التحقيق من كل الحقوق الواردة في الأنظمة العدلية والحقوقية «حق مكتسب لكل مطلوب في مرحلتي التحقيق والمحاكمة»، ولم يستبعد حصول بعضهم فعليا على استشارات قانونية، أو مشاركة محامين معهم، للحصول على معرفة كافية بالأنظمة والقوانين الخاضعين لها، وخصوصا أنهم يمرون حاليا بمرحلة مهمة وحساسة قد يعقبها توجيه اتهام لهم، ومحاكمتهم أو محاسبتهم.

وحول ما إذا كانت إجراءات التحقيق مع الموقوفين ستطول أم لا، شدد الدكتور قاروب على أنه «ليس من المهم التركيز على طول إجراءات التحقيق أو قصرها بقدر ضمان الدقة والأمانة والعدالة في هذه الإجراءات، للوصول إلى نتائج حقيقية يمكن الاستناد إليها في محاكمة المتهمين، وفي وضع التصورات اللازمة لإصلاح الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية، أو إصلاح التشريعات، أو اتخاذ الإجراءات الضرورية، بما في ذلك اقتراح المشاريع التطويرية لمدينة جدة». وأوضح أن مدة توقيف المتهمين على ذمة التحقيق تختلف بحسب تقدير المحقق، على أن يتم تجديدها كل ستة أشهر، مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة توجيه التهمة إلى الموقوف خلال الـ24 ساعة الأولى بعد توقيفه، مشيرا إلى أن التحقيق مع الموقوفين يهدف إلى الاستيضاح والتحقق.

وفي ما يتعلق بالثغرات الموجودة في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، والحاجة إلى إعادة النظر في هذا النظام، لفت المستشار القانوني إلى عدم وجود نظام خالٍ من الثغرات، ومن بينها نظام المنافسات والمشتريات الحكومية «إلا أن هذا النظام تكمن إشكاليته في الأسلوب العقيم لتنفيذه، وقلة الإمكانات الإشرافية والرقابية والتنفيذية القائمة على متابعة ترسية وتنفيذ مشاريع الدولة». وعاد الدكتور قاروب للتشديد على أن الخلل ليس في النظام، وإنما في إجراءات التطبيق وأسلوبها، وضعف الأجهزة الرقابية، والتداخل والتباين في صلاحياتها واختصاصاتها، وتحديدا بين ديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وجهاز المباحث الإدارية، مشيرا إلى أن التداخل بين هذه الأجهزة يبدأ بالأسماء ولا ينتهي بالصلاحيات والاختصاصات الموكلة إليها.

وأكد في هذا الصدد أن الحاجة ماسة لوقفة حقيقية وجادة لمراجعة أوضاع الأجهزة الرقابية والحقوقية في السعودية، و«غربلة» الأنظمة الخاصة بها، وحصرها في جهاز واحد للرقابة، وآخر للتحقيق، وثالث للادعاء، مع تمكين كل جهاز منها من الحصول على الإمكانات البشرية والمادية الضرورية واللازمة لأداء أعماله.

ودعا الدكتور قاروب إلى إعادة النظر في الأمر الملكي الصادر بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، ليشمل نطاقه جميع المناطق والمحافظات السعودية، ليكون أداة لتصويب العمل الحكومي، والمحافظة على المال العام، وحماية المواطنين من تبعات الفساد بأنواعه وأشكاله المختلفة. معتبرا أن «مشيئة الله أوجدت هذه السيول في جدة، لكشف الحقائق المغيبة عن المسؤولين والمجتمع».