رئيس آيسلندا يرفض مشروع تعويض مودعي بريطانيا وهولندا

تحذيرات «بعزلة مالية» للجزيرة

TT

رفض رئيس أيسلندا مشروع قانون لتعويض بريطانيا وهولندا عن أكثر من خمسة مليارات دولار خسرها أصحاب ودائع ادخارية من البلدين عندما انهارت بنوك أيسلندية، الأمر الذي يحتم إجراء استفتاء عام ويهدد مساعدات اقتصادية حيوية. ومن شأن رفض الرئيس أولافور غريمسون توقيع مشروع قانون «أيس – سيف» الذي لا يحظى بتأييد شعبي ليصبح قانونا ساريا (أول من أمس الثلاثاء) أن يدفع أيسلندا في أتون أزمة، ويضع آمال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في مهب الريح. وفي بروكسل قال مسؤول أيسلندي يجري مفاوضات بشأن طلب أيسلندا الانضمام إلى الاتحاد إن الحكومة تتوقع إجراء استفتاء في غضون أربعة إلى ثمانية أسابيع.

وأظهر استطلاع للرأي أجري في الآونة الأخيرة أن نحو 70 في المائة من الناخبين يعارضون مشروع القانون. وقالت رئيسة الوزراء يوهانا سيغورداردوتير، التي بذلت جهودا حثيثة للتوصل إلى اتفاق لدفع المبالغ التي عوض بها البلدان المدخرين الذين خسروا أموالا في حسابات أيسلندية، إن حكومتها ملتزمة بالوفاء بديونها. وبحسب «رويترز»، حذرت بريطانيا الأيسلنديين في حالة رفض مشروع القانون من عزلة مالية قد تواجهها الجزيرة التي تقع في شمال المحيط الأطلسي ولا يزيد سكانها على 320 ألف شخص. وقال وزير الخدمات المالية بول ماينرز «الشعب الأيسلندي... سيقول عمليا في هذه الحالة إن أيسلندا لا تريد أن تكون جزءا من النظام المالي العالمي». وأضاف أن هذا يعني عدم الحصول على تمويل دولي، وعدم التعامل معها كشريك تجاري.

وكان صندوق النقد الدولي قال أول من أمس إن اتفاق «أيس ـ سيف» ليس شرطا للاتفاق المبرم بين الصندوق وأيسلندا ما دامت دول اسكندنافية شريكة هي التي تمول برنامج القروض. وقالت الحكومة الهولندية إنها تشعر «بخيبة أمل شديدة» وستطلب تفسيرا فوريا. ومن جهتها، ذكرت دول شمال أوروبا المجاورة لأيسلندا أمس أنها تراقب الموقف في هذه الدولة بعد دعوة الرئيس الأيسلندي أولافور راغنار غريمسون أول من أمس الثلاثاء لإجراء استفتاء بشأن خطة التعويضات المصرفية المثيرة للجدل للمودعين الأجانب في أحد بنوك أيسلندا المنهارة.

كان البرلمان الأيسلندي قد أقر الخطة يوم 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بأغلبية ضئيلة للغاية بعد أن هددت حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين برئاسة رئيسة الوزراء يوهانا سيغورداردوتير بالاستقالة في حالة رفض البرلمان التصديق على الخطة. تتضمن الخطة رد نحو 5.4 مليار دولار كتعويضات لبريطانيا وهولندا اللتين سارعتا بتقديم تعويضات لمودعيهما الذين فقدوا مدخراتهم نتيجة انهيار بنك أيس سيف الإلكتروني الأيسلندي العام الماضي.

وكان الرئيس غريمسون قد تلقى مطلع الأسبوع الحالي التماسا موقعا من نحو ربع الناخبين الأيسلنديين يطالبه بعدم التصديق على قرار البرلمان بشأن إقرار خطة التعويضات والدعوة إلى استفتاء شعبي على الخطة.

وترى الحكومة أن هذه الخطة ضرورية لكي يستعيد الاقتصاد الأيسلندي الذي تضرر بشدة من الأزمة المالية العالمية عافيته وتتمكن أيسلندا من الحصول على قروض دولية.

وقال وزير المالية الأيسلندي ستاينغريمور جيه سيغفوسن إنه قلق بشأن صورة أيسلندا أمام العالم، مضيفا أنه من المهم توجيه «رسالة واضحة بسرعة للدول الأخرى بأننا لا نعتزم التهرب من التزاماتنا».

من ناحيته، قال وزير خارجية النرويج يوناس جاهر ستور، للإذاعة العامة في النرويج «إن آر كيه» إن أوسلو ما زالت ملتزمة بمساعدة أيسلندا في مواجهة أزمتها المالية. وأضاف أن «أيسلندا تحتاج إلى الهدوء لكي تقف على قدميها مرة أخرى ولكن هناك غضبا بين الشعب بعد سنوات من الأنانية».

وفي استوكهولم، قال متحدث باسم وزير مالية السويد إن الحكومة السويدية تراقب الأحداث في أيسلندا عن كثب.

كانت الأزمة المالية العالمية التي انفجرت العام الماضي قد أدت إلى انهيار القطاع المصرفي في أيسلندا، بما في ذلك بنك «أيس سيف»، وهو الفرع الإلكتروني لمصرف لاندسبانك الأيسلندي الذي تم تأميمه لإنقاذه من الإفلاس. وأدى انهيار النظام المصرفي إلى دخول اقتصاد أيسلندا دائرة الركود الحاد، فاضطرت الحكومة إلى طلب قروض عاجلة من صندوق النقد الدولي.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، يذكر أن اتفاق تعويض مودعي «أيس سيف» يعود إلى أغسطس (آب) الماضي، ولكنه احتاج إلى تصويت جديد في البرلمان الأيسلندي بعد رفض هولندا وبريطانيا إدخال تعديلات طلبتها الحكومة الأيسلندية.

وكان استطلاع رأي في أغسطس الماضي قد أظهر معارضة نحو 70% من الأيسلنديين للاتفاق. وقال الرئيس في مؤتمر صحافي إنه لن يوقع على مشروع خطة التعويض التي حظيت بموافقة البرلمان بأغلبية ضئيلة في 30 ديسمبر الماضي. وأضاف الرئيس مشيرا إلى الالتماس الذي وقعه ما يقرب من ربع الناخبين، والذي دعا أيضا لإجراء استفتاء بشأن الخطة، إنه بصفته رئيسا للبلاد يتعين عليه ضمان إمكانية ممارسة شعب أيسلندا لحقه في تحديد شرعية القانون. ووقع أكثر من 61 ألف مواطن من سكان أيسلندا البالغ عددهم 320 ألف نسمة التماسا ضد خطة التعويض. وجرى إلغاء اتفاق مبدئي تم التوصل إليه بشأن بنك «أيس سيف» الإلكتروني في أغسطس الماضي بعدما عارضت حكومتا بريطانيا وهولندا تعديلات مشروع الخطة.

ووفقا للخطة يتعين على أيسلندا دفع 5.4 مليار دولار كتعويضات لبريطانيا وهولندا بعد تعثر بنك «أيس سيف» الإلكتروني الذي كان جزءا من بنك لاندسبانك أحد أكبر ثلاثة بنوك في أيسلندا انهارت في خريف عام 2008.

وأدى انهيار البنوك الأيسلندية لوقوع البلاد في دائرة الركود، مما اضطر الحكومة للسعي للحصول على قروض طارئة من صندوق النقد الدولي والدول المجاورة وهولندا.