الكويت: البرلمان يسقط فوائد قروض المواطنين وسط معارضة حكومية

النواب السلفيون انقسموا على أنفسهم بعد تضارب فتاواهم بشأن التصويت مع القانون

وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي لدى حضوره إحدى جلسات البرلمان في الكويت (أ. ف. ب)
TT

وافق البرلمان الكويتي أمس على قانون يلزم البنوك المحلية بإعادة جدولة قروض المواطنين، على أن تتولى الحكومة تعويض أي خسائر تتعرض لها المؤسسات المالية جراء هذا القانون.

ومر القانون بموافقة 35 عضوا، ومعارضة 22 من بينهم وزراء الحكومة والنواب الليبراليون، وامتناع نائب واحد عن التصويت، مع انقسام واضح في موقف نواب السلف الذين اختلفوا حول تفسير الفتاوى المؤيدة والمعارضة للقانون.

ومن جانبها، أكدت الحكومة عزمها على رد القانون وفقا للأطر الدستورية، مما يعني أنها سترد القانون إلى البرلمان ليحتاج موافقة 44 نائبا لإقراره، وهو الرقم التي تراهن على عدم توافره لدى فريق مؤيدي القانون.

وبين وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان أن «الحكومة ستدرس في جلستها المقررة الاثنين المقبل جميع الخيارات الدستورية المتاحة للتعامل مع القانون، وأن من بين هذه الخيارات رفع توصية لأمير البلاد لرده إلى البرلمان»، وهو الخيار الدستوري الأكثر ترجيحا لأن تلجأ إليه الحكومة للتعبير عن رفضها للقانون.

ورأى وزير المالية مصطفى الشمالي، في بيان له أدلى به في الجلسة، أن «الحكومة أرجعت عدم موافقتها على القانون إلى أنه غير قابل للتطبيق وتشوبه الكثير من المثالب والشبهات الدستورية، ورغم أن الهدف الأساسي للقانون كما يريده واضعوه هو التيسير على المواطنين المقترضين من البنوك وشركات الاستثمار من خلال إسقاط الفوائد عن القروض الاستهلاكية المقسطة وإعادة جدولتها، فإن القانون تعدى ذلك بكثير».

وكشف الوزير عن أن «كلفة هذا القانون على المال العام تبلغ 1.8 مليار دينار كويتي (نحو 6.3 مليار دولار)، حيث بلغ رصيد القروض والتمويلات الاستهلاكية والمقسطة للمواطنين التي يشملها القانون من دون الفوائد والعوائد نحو 4.9 مليار دينار كويتي (نحو 17.1 مليار دولار)، وفقا للبيانات المقدمة للبنك المركزي من البنوك وشركات الاستثمار المحلية، وذلك حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2009، فيما وصل إجمالي هذا الرصيد، شاملا الفوائد والعوائد التي ستستحق على تلك القروض حتى نهاية آجالها، إلى نحو 6.7 مليار دينار كويتي (نحو 23.3 مليار دولار)، حيث يبلغ عدد المواطنين المقترضين نحو 317 ألف عميل، كما بلغ عدد القروض الاستهلاكية والمقسطة المقدمة للمواطنين من البنوك وشركات الاستثمار التقليدية والإسلامية حتى نهاية سبتمبر 2009 نحو 489 ألف قرض».

يذكر أن كتلة النواب السلف الممثلة بثلاثة نواب انقسمت على نفسها بالتصويت بعد سجال علني بالقاعة بين نوابها، حيث اختلف رئيسها خالد السلطان مع زميليه محمد المطير وعلي العمير، إذ رأى الأول أن المشايخ الذين أفتوا بعدم جواز قانون القروض، أصدروا فتواهم بناء على معلومات منقوصة، لأن من استفتاهم لم يقدم حقيقة نص القانون، وهو ما يعني أن التصويت بالموافقة على القانون بشكله الحالي ممكن، ولا يوقع المصوت معه في المحذور الشرعي، وهو ما دفع النائب المطير للرد على السلطان بالقول بأنه فضل الاعتماد على فتوى صادرة من مشايخ بالمملكة العربية السعودية لأنها جاءت وفقا لهواه، وتجاهل الفتوى التي أصدرتها جمعية إحياء التراث الإسلامي (مظلة التنظيم السلفي)، وهو ما يعني مخالفة موقف التنظيم الذي يرفض هذا القانون. وأكد، موجها حديثه للسلطان، وجوب الابتعاد عن المزايدات، لأن الكراسي والمناصب زائلة ولا تعني شيئا.

وكان البرلمان الكويتي أقر قبل أسبوعين المداولة الأولى من مقترح القانون بأغلبية 35 نائبا مقابل رفض 17 وامتناع 3، إلا أن المشروع لم يحز الأغلبية المطلوبة خلال المداولة الثانية، مما دفع لتأجيل التصويت عليه إلى يوم أمس بعد أن حدثت مشادات بين النواب في جلسة الأول من أمس حالت دون استكمال النقاش بعد قرار رئيس المجلس جاسم الخرافي رفع الجلسة وتأجيل النقاش حتى جلسة أمس.

وفيما أرجعت الحكومة أمس أسباب رفضها للقانون لما يعتريه من مخالفات دستورية ولائحية وقانونية، وتحميله المال العام ما قرابته 2 - 3.75 مليار دينار كويتي (نحو 7 إلى 13 مليار دولار) متى ما تم إقراره، يرى مؤيدو القانون كونه أنسب حل لعلاج مشاكل المواطن المالية، وأنه سيخفف عنه الديون التي تراكمت نظرا لتغير معدلات صرف الفائدة على القروض، وبعد تزايد كلفة المعيشة وارتفاع الأسعار، وهو ما دفعه إلى الاقتراض في أوقات خفت فيها رقابة بنك الكويت المركزي على المؤسسات المصرفية في هذا الجانب.

يشار إلى أن مقترحات كثيرة لمعالجة قروض المواطنين أخذت تظهر على السطح في الكويت منذ خمس سنوات، وشكلت في جانب منها مطالب شعبوية درج مرشحو الانتخابات النيابية على تبنيها لاستمالة الناخبين للتصويت لمصلحتهم، كما شكلت في عدة مراحل ضغطا على الحكومة لخلقها مادة نقاش بين مؤيدي المقترحات ومعارضيها.