الجيش العراقي يحتفل بذكرى تأسيسه في غياب المالكي القائد العام للقوات المسلحة

الرئيس طالباني يرعى الاحتفال ويؤكد: عقيدة جيشنا تمنع زجه في اشتباكات داخلية

دبابات وطائرات هليكوبتر خلال استعراضٍ احتفالا بذكرى تأسيس الجيش العراقي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

احتفل العراق أمس بالذكرى السنوية الـ 89 لتأسيس الجيش العراقي باستعراض عسكري حضره رئيس الجمهورية جلال طالباني وكبار المسؤولين، فيما تغيب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي.

وعزا مصدر في مكتب المالكي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» غيابه إلى «انشغاله» باستقبال ضباط الجيش العراقي لتقديم التهاني لهم بمناسبة عيد الجيش. وأكد المصدر، رافضا ذكر اسمه، أن رئيس الوزراء «لا يمكن أن يتأخر عن هذه المناسبات وكان لقاؤه بالضباط مثمرا».

وقال طالباني في كلمة، إن عقيدة الجيش الجديد تؤكد عدم شن «حروب خارجية أو خوض اشتباكات داخلية» بل الدفاع عن الوطن. وأضاف أنه «بعد سقوط نظام الطغيان، وضعت أسس حديثة لبناء جيش جديد ذي عقيدة دفاعية، لا يزج به في حروب خارجية أو اشتباكات داخلية».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أشار طالباني إلى أن مهمة الجيش الأساسية «تتمثل في بقائه سياجا للوطن يذود عن حدوده ويصون وحدته واستقلاله وسيادته، ويتصدى لقوى الإرهاب والإثم». وتابع أن «الجيش للشعب بكافة امتداداته القومية والدينية والمذهبية، ولذا ينبغي أن يبقى محصنا في وجه محاولات بذور التفرقة العرقية والطائفية (...) وبعيدا عن الميول والتحولات السياسية».

وقال المالكي في كلمة للضباط الذي استقبلهم «إن الجيش في زمن النظام المباد كان محكوما بممارسات شاذة في ظل حروب ومغامرات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فكان الجيش الذي ينبغي أن يكون حاميا للشعب يستخدم كأداة قتل وقمع ومقابر جماعية، ومن خلال هذه المغامرات انتهكت سيادة العراق». وأضاف أن «دستورنا يمنعنا من التجاوز على دول الجوار، ولكن هذا لا يعني أن نتنازل عن شبر من أرضنا وسمائنا ومائنا وعن خيراتنا، نريد أن نتفاعل مع جميع الدول ونقوي علاقاتنا مع الجميع، ولكن على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وأن نعمل وفق قاعدة (لا نتجاوز ولا نسمح لمن يتجاوز)، والعالم يعرف أننا لا نفرط بسيادتنا، ولا نريد أن يبقى أحد على أرضنا، إنما نريد علاقات صداقة وتعاون».

وانطلق الاحتفال بوضع إكليل من الزهور على نصب الجندي المجهول وسط المنطقة الخضراء (وسط بغداد) بعد عزف النشيد الوطني. ووضع السلك الدبلوماسي الأجنبي والقوات الأميركية أكاليل على النصب أيضا. وحضر سفراء دول أجنبية وعربية وكبار المسؤولين العراقيين. واستعرض الحضور بعد ذلك وحدات لمختلف صنوف القوات العراقية، البرية والبحرية والجوية، كما حلقت مروحيات وطائرات خفيفة تابعة للقوة الجوية فوق المكان.

والجيش العراقي مكون حاليا من 13 فرقة بالإضافة إلى تشكيلات القوى الجوية والبحرية، وبلغ عديده أكثر من 300 ألف عسكري بنهاية عام 2008. وكان الحاكم الأميركي على العراق بول بريمر حل الجيش السابق في مايو (أيار) 2003. وتعول الولايات المتحدة على القوات العراقية لتحل مكان جنودها الذين انسحبوا من المدن والبلدات والقصبات. يذكر أن أول لواء في الجيش العراقي كان «لواء موسى الكاظم» الذي تأسس في السادس من يناير (كانون الثاني) 1921.

واستقبل ضباط الجيش العراقي السابق هذا العام بشيء من الأمل مع الدعوات التي تطالب بإنصافهم، وقال عدد منهم في اتصالات مع «الشرق الأوسط» من داخل وخارج العراق، إن هناك دعوات يتبناها نواب ومسؤولون عراقيون بإنصاف منتسبي الجيش العراقي وعدم اعتبارهم جزءا من نظام حكم لأن الجيش جيش الدولة وليس جيش الحكم. إلى ذلك، غلف الأسى صوت ضابط عراقي كبير خدم لأكثر من ثلاثين عاما في الجيش العراقي بسبب حل هذا الجيش. وقال الفريق أول الركن وفيق السامرائي، المدير السابق للاستخبارات العسكرية «أشعر بالأسى والحزن لحل واحد من أبرز جيوش المنطقة والجيوش العربية والذي كان قد دافع عن قضايا الأمة العربية، وفي مقدمتها فلسطين، وعن العراق في حرب وطنية دفاعية متميزة ضد القوات الإيرانية التي كانت تريد التوسع واحتلال العراق». وأشار السامرائي، الذي كان قد ترك العراق عام 1994 برتبة لواء ركن، إثر اختلافه مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، إلى أن «الجيش العراقي لم يكن في يوم من الأيام طائفيا أو يفرق بين سني وشيعي أو بين مسلم وغير مسلم، أو بين عربي وكردي أو تركماني، ولم يكن يخضع لتقسيمات حسب نسبة هذا الدين أو تلك القومية، بل كان جيشا عراقيا مهمته حماية العراق بعيدا عن التسييس، وشعاره الأساسي هو أن يكون بالفعل سورا للوطن»، منوها إلى أن «الجيش بقي هكذا حتى بعد مجيء حزب البعث إلى السلطة والفرق الوحيد هو إغلاقه للبعثيين، أي أن يكون ضباطه من البعثيين وحسب، من غير أن يحاسب على أساس الطائفة أو الدين أو القومية بدليل أن غالبية من ضباطنا كانوا من الشيعة والأكراد والمسيحيين والتركمان».

واستذكر السامرائي «طعم حلاوة الجيش المصنوعة من الطحين واللوز والزيت والتي كانت توزع كل عام على أفراد الجيش صباح يوم السادس من يناير (كانون الثاني) منذ تأسيس الجيش وحتى يوم حله المأساوي»، وقال «ليس هناك جندي أو ضابط صف أو ضابط خدم في الجيش العراقي لم يتذوق هذه الحلاوة».