مسؤول عراقي: حلقة المالكي ترى في زعيم «عصائب أهل الحق» المفرج عنه بديلا للصدر

توقعات بتسليم اللبناني دقدوق الذي يحتجزه الجيش الأميركي للحكومة العراقية قريبا

قيس الخزعلي عندما كان ناطقا باسم مقتدى الصدر إبان القتال بين «جيش المهدي» والقوات الأميركية في النجف عام 2004 (أ.ب)
TT

أطلقت الحكومة العراقية سراح أحد العناصر الشيعية المسلحة البارزة، الثلاثاء، حسب ما قاله أنصاره، في إطار صفقة مبادلة تمخضت عن الإفراج، الأسبوع الماضي، عن رهينة بريطاني محتجز منذ أمد بعيد. من ناحية أخرى، رفض مسؤولون رفيعو المستوى في الحكومة العراقية التأكيد على نبأ إطلاق سراح قيس الخزعلي، الذي عمل في وقت من الأوقات مساعدا لرجل الدين الشيعي البارز، مقتدى الصدر، وتحول الآن إلى خصم له. وتحدث اثنان من أتباع الخزعلي بشأن إطلاق سراحه شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم نظرا لحساسية القضية. من جانبه، صرح علاء الطائي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية، لوكالة «أسوشييتد برس»، بأن الخزعلي أطلق سراحه. ولم يتسن الوصول إلى الطائي للحصول على تعليق منه. يذكر أن إطلاق سراح الخزعلي سبق أن وصف باعتباره خطوة جوهرية قبل إقدام جماعة «عصائب أهل الحق» على الإفراج عن رهينة بريطاني رابع من إجمالي خمسة بريطانيين كان أنصار الزعيم الشيعي قد اختطفوهم من داخل وزارة المالية العراقية في مايو (أيار) 2007. والمعروف أن الخزعلي يشتهر بنشاطاته المسلحة الماضية وطموحاته في منافسة الصدر على تولي قيادة العناصر الشيعية المسلحة في العراق. وقد جرى تسليمه لأنصاره، صباح الثلاثاء، بعد أن نقلته الشرطة إلى خارج «المنطقة الخضراء» ببغداد، حسب ما ذكره اثنان من أتباعه. وجاء إطلاق سرح المسلح الشيعي في أعقاب عملية النقل المعقدة للخزعلي و450 من أنصاره من حجز أميركي إلى آخر عراقي، التي بدأت في يونيو (حزيران) عندما تم الإفراج عن شقيقه، ليث، وأحد كبار مساعديه. منذ ذلك الحين، قامت «عصائب أهل الحق» بتسليم جثث ثلاثة رهائن بريطانيين إلى الحكومة العراقية، والرهينة الوحيد المعروف على قيد الحياة منهم، بيتر مور، وهو فني بمجال الحاسب الآلي. وأطلق سراح مور الأسبوع الماضي في أعقاب نقل الأميركيين قيس الخزعلي إلى حجز عراقي. ولا يزال مصير الرهينة الخامس مجهولا، لكن من المعتقد أنه متوفى. من ناحيتها، ساندت المؤسسة العسكرية الأميركية حكومة نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، في جهودها الرامية لدمج الخزعلي وجماعته في العملية السياسية، وأعلنت أن «عصائب أهل الحق» أوقفت هجماتها ضد الأميركيين في مطلع الصيف الماضي. يذكر أن الخزعلي اعتقل في مارس (آذار) 2007 على خلفية اختطاف وقتل خمسة أميركيين بمدينة كربلاء في يناير (كانون الثاني) من ذلك العام. وأقدم أتباعه على اختطاف البريطانيين للمقايضة بهم مقابل الإفراج عنه. في ذلك الوقت، اتهم الأميركيون الخزعلي بالتواطؤ على نحو مباشر مع قوة «القدس» التابعة للحرس الثوري الإيراني. ويساور المؤسسة العسكرية الأميركية اعتقاد بأن مور احتجز لبعض الوقت على الأقل في إيران. إلا أن مسؤولا عراقيا بارزا أشار إلى أن الرهينة ربما جرى احتجازه داخل العراق أغلب الوقت، إن لم يكن كله. ووصف المسؤول علاقة الخزعلي بإيران بأنها تقوم على المصالح المتبادلة، ولا تختلف عن تلك القائمة بين ميليشيا «جيش المهدي» التابعة للصدر وطهران. وأضاف المسؤول أن «(عصائب أهل الحق) و(جيش المهدي)، بل وحتى جماعات سنية تحصل على دعم من إيران. ويكمن الاختلاف الوحيد بينها في مستوى التعاون». وطلب المسؤول عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول الحديث حول القضية. وقارن المسؤول بين موقف الخزعلي وذلك الخاص بالأحزاب العراقية المنفية التي حاربت صدام حسين قبل عام 2003. وقال: «لا شك أن كل الجماعات المسلحة، خاصة الشيعية منها، تلقت تدريبا هناك. وأنهم (الإيرانيون) دربوهم على كيفية اختطاف رهائن، وزرع عبوات ناسفة. إنهم بحاجة للتعرف على الأساليب، وإلا لماذا ظهر دقدوق مع الخزعلي إن لم يكن بغرض التدريب»، في إشارة إلى علي موسى دقدوق، عضو حزب الله اللبناني الذي ألقت قوات بقيادة الولايات المتحدة القبض عليه مع الخزعلي. ولا يزال دقدوق في الحجز الأميركي، لكن من المتوقع تسليمه إلى السلطات العراقية قريبا. وعلى الرغم من أعمال القتل التي وقعت في كربلاء، فإن القوات الأميركية عرضت دعما ضمنيا على العراق في عزمه إعادة تأهيل الخزعلي. في هذا الصدد، أوضح الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة الوسطى الأميركية، خلال زيارة له الأسبوع الماضي لبغداد، عندما سئل حول نقل الخزعلي إلى الحجز العراقي أن «السبيل لإنهاء مثل هذا النمط من الصراعات.. السبيل لإنهاء مثل هذا النمط من الحروب يتمثل في توصل الأفراد في نهاية الأمر إلى تسوية. وقد أيدنا هذه العملية، وكذلك فعلت الحكومة العراقية». يذكر أن الحاشية المحيطة بالمالكي رأت في الخزعلي، 39 عاما، بديلا للصدر شديد الغضب، طبقا لما ذكره مسؤول عراقي. يذكر أن الصدر اختفى من المشهد العام منذ أكثر من عامين، ومن المعتقد أنه يدرس في إيران. ووصف أحد الأتباع السابقين الصدر بأنه محاط بمجموعة من المستشارين ذوي العلاقات الوثيقة بطهران، الذين عمدوا إلى فرض عزلة عليه وإصدار بيانات باسمه. من ناحية أخرى، يتباهى الخزعلي بمؤهلات تمكنه من تحدي الصدر بالنظر إلى تاريخه كأحد أقرب مستشاري والد الصدر، آية الله العظمى محمد صادق الصدر، الذي قتل عام 1999. وعمل الخزعلي بمثابة الذراع اليمنى للصدر الابن خلال السنوات الأولى له في الزعامة بعد الغزو الذي قادته واشنطن للعراق عام 2003، وعمل الاثنان على البناء على إرث الوالد القائم على تزعم حقوق الشيعة المضطهدين. كما وصف الخزعلي بأنه زعيم بالغ الأهمية في القتال الذي خاضته حركة الصدر ضد القوات الأميركية في النجف في صيف 2004، وساعد لاحقا في قيادة معركة «جيش المهدي» ضد مسلحين سنة. ثم تحول القتال إلى حرب أهلية، ما دفع كثيرا من العراقيين السنة إلى اعتبار الخزعلي رجلا ملوثة يديه بالدماء. وفي أواخر عام 2006، اختلف الخزعلي والصدر حول قرار رجل الدين تجميد العمليات المسلحة مع بداية تعزيز القوات الأميركية، حسبما أفاد مسؤولون حكوميون وأنصار للصدر. وبات هذا الانقسام رسميا فقط بعد إلقاء القبض على الخزعلي. إلى جانب الخزعلي، انشق كثير من كبار مساعدي الصدر عن الحركة ليشكلوا أحزابا سياسية خاصة بهم على مدار العامين الماضيين. وأبدوا عدم رضاهم عن الحاشية الحالية المحيطة بالصدر وافتقارها إلى حسن البصيرة. أما من لا يزالون على ولائهم للصدر فيتحدثون على نحو سلبي عن المنشقين، خاصة الخزعلي، الذي ندد به الصدر مرتين منذ نوفمبر (تشرين الأول). وقال أحد المسؤولين في حركة الصدر أشار إلى اسمه بأبو بكر فقط: «لقد تخلوا عنا في المعركة. إن من يتخلون عن القائد في المعركة لا إيمان لديهم. إن هذا خيانة. بهذا التصرف، أضاع الخزعلي على الصدر كثيرا من الجهد».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز».

خاص بـ«الشرق الأوسط».