إسرائيل: تشديد الحراسة على باراك في أعقاب تهديدات مستوطنين بقتله والمتطرفون يعتبرونها لعبة كاذبة

المخابرات الإسرائيلية تحذر من خطر إرهاب يهودي واسع ضد المسؤولين والمواطنين الفلسطينيين

TT

ضاعف جهاز المخابرات الإسرائيلية «الشاباك»، الحراسة على نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، إيهود باراك، في أعقاب تلقيه عدة رسائل تهديد بالقتل. وحذر الجهاز من وجود مئات الإرهابيين اليهود، الذين لن يتورعوا عن قتل مسؤولين إسرائيليين، وتنفيذ عمليات إرهاب ضد الفلسطينيين في حال الإقدام على إجراءات لإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية.

وكانت المخابرات الإسرائيلية أكدت صحة النشر الإعلامي عن تلقي رسائل التهديد، منذ أن قرر المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة تجميد البناء الاستيطاني بشكل جزئي ومؤقت. وفي إحدى هذه الرسائل يتوجه الكاتب إلى باراك بالكلمات التالية: «سيد باراك. أنت تعتقد بأنك قادر على تدمير الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة (هكذا يسمون الضفة الغربية). لكنك مخطئ. فأنا سأقتلك قبل أن تتمكن من ذلك. وإذا لم أفلح، فسأفعل بعدما تترك الوزارة وتصبح بلا حراسة أمنية. احذر. سأصيبك أنت وأولادك وكل من هو عزيز عليك».

ومع نشر نص هذه الرسالة، ادعى بعض قادة المستوطنين المتطرفين أن باراك ليس صادقا، وأن هذه الرسائل كاذبة، وأن باراك نفسه نشرها لكي يستقطب عطف الجمهور ليعيد لنفسه ما خسره من تأييد في الشارع وداخل حزبه، وأنه يحاول بذلك أن يظهر للأميركيين وللعالم كما لو أنه «يضحي بحياته من أجل عملية السلام». لكن المخابرات الإسرائيلية أكدت وجود عشرات الرسائل بالمضمون نفسه. وقالت إنها اتخذت القرار بتشديد الحراسة على باراك، بعد أن أيقنت أن الخطر عليه حقيقي. وذكر ناطق بلسان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، المسؤول مباشرة عن جهاز المخابرات، إن بين المستوطنين اليهود المتطرفين، وفي إسرائيل نفسها، يوجد نحو ألف شخص على الأقل، يمكن اعتبارهم متطرفين جدا لدرجة الاستعداد لاستخدام العنف الفردي أو الجماعي، في إطار الاحتجاج على قرارات أو ممارسات الحكومة أو الجيش التي تتعلق بتجميد الاستيطان أو إزالة بؤر استيطانية في الضفة الغربية. وأضاف الناطق أن هؤلاء مستعدون للدخول في صدام مع قوات الجيش والشرطة، مشيرا إلى أن رسائل تهديد مشابهة لرسائل التهديد ضد باراك وصلت أيضا للمفتش العام للشرطة، دودي كوهين.

وأردف الناطق أن من بين هؤلاء، يوجد مئات المتطرفين الذين قرروا الانتقام من الحكومة بواسطة الاعتداء على فلسطينيين. فقد وضعوا لأنفسهم سلة أهداف، يستلونها كلما أقدمت الحكومة على خطوة غير مرغوبة. وهذه الأهداف موجهة إلى البلدات الفلسطينية المجاورة لهم، وتتضمن اقتلاع أغراس وشتلات، وإحراق مزروعات وقذف الحجارة وغيرها على سيارات الفلسطينيين وبيوتهم، والاعتداء الجسدي على المواطنين لدرجة القتل. وهناك عشرات منهم مستعدون لتنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة سياسيين أو ضد قادة أجهزة أمنية (الجيش والشرطة والمخابرات). وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن قادة المخابرات الإسرائيلية يرون أن الأجواء السائدة اليوم تشبه كثيرا، بحجمها وطابعها، الأجواء التي سادت إسرائيل في فترة ما قبل اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، ففي حينه سمعت تهديدات مماثلة، لكن أحدا لم يصدق أن الأمور ستترجم إلى واقع عملي باغتيال رئيس حكومة يهودي بأيد يهودية. ولذلك، فإنهم يأخذون بجدية كل تهديد. وتوجه نائب باراك في وزارة الدفاع، النائب متان فلنائي، أمس، بنداء صارخ إلى جميع القادة السياسيين ورجال الدين اليهود، داعيا إياهم إلى استنكار التهديدات ضد باراك وغيره. وقال إن «هناك من يريد أن يجعل إسرائيل تتدهور إلى مستوى الدول غير الديمقراطية التي يصبح فيها الاغتيال السياسي ظاهرة تقليدية. وهي ظاهرة يجب منعها. وذلك لن يتم إلا بتجنيد جميع القوى السياسية ضد هؤلاء الإرهابيين». وذكرت مصادر إعلامية أن مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يأخذ هو أيضا هذه التهديدات على محمل الجد. وبادر إلى عقد سلسلة لقاءات مع قادة المستوطنين يوضح لهم فيها خطورة إلقاء خطاب يميني متطرف ضد الحكومة وقراراتها، وخطورة دعوة جنود الجيش الإسرائيلي إلى التمرد على قيادتهم في حال تنفيذ قرار إخلاء بؤرة استيطان أو تطبيق قرار الحكومة على الأرض بتجميد البناء الاستيطاني.

وأضافت أن مدير عام ديوان رئيس الوزراء، إيلي جباي، هو الذي يتولى نقل رسائل التوضيح هذه. وقد اجتمع أمس مع رئيس المدارس الدينية اليهودية في المستوطنات، الحاخام حاييم دروكمان، وفي أعقاب الجلسة، أمس، خرج دروكمان منددا بظاهرة التمرد اليميني المتطرف في الجيش.