مندوب مصر بالأمم المتحدة: سنطالب في مراجعة المعاهدة النووية بمؤتمر خاص بمنطقة الشرق الأوسط

ماجد عبد الفتاح لـ «الشرق الأوسط»: لا بد من مشاورات مسبقة قبل طرح اللجوء لمجلس الأمن لإقامة دولة فلسطينية

السفير ماجد عبد الفتاح («الشرق الأوسط»)
TT

تشير كل المؤشرات إلى أن المؤتمر المقبل في مايو (أيار) للمراجعة التي تجري كل 5 سنوات لمعاهدة منع الانتشار النووي الدولية، لن يكون أقل جدلا وصخبا من سابقه الذي عقد في 1995 وكان مهددا بعدم تجديد المعاهدة، حيث ستجرى المراجعة الجديدة في ظل التوتر القائم بشأن ملفي إيران وكوريا الشمالية وكذلك محاولة الدول العربية إلزام إسرائيل بالانضمام إلى المعاهدة.

السفير ماجد عبد الفتاح مندوب مصر لدى الأمم المتحدة الذي لعب دورا مهما في السابق ويتوقع أن يلعب دورا في المؤتمر المقبل كان في زيارة إلى بريطانيا أخيرا في إطار ما وصفه في حديث لـ«الشرق الأوسط» بمشاورات غير رسمية تتعلق بمؤتمر مراجعة المعاهدة تجري في أكثر من مكان، والهدف التوصل إلى اتفاق حول المحاور الرئيسية لعملية المراجعة، وتفادي الفشل الذي آلت إليه عملية المراجعة في عام 2005.

وقال إن مصر تلعب دورا في هذا الموضوع بحكم رئاستها لحركة عدم الانحياز وبالتالي فهي مسؤولة عن تنسيق أنشطة الحركة في مؤتمر المراجعة. كما أنها ترأس ما يسمى بتحالف الأجندة الجديدة. وهذا التحالف يضم دولا من غرب أوروبا فيها نيوزيلاندا والسويد، إضافة إلى جنوب أفريقيا والبرازيل وعدد من الدول الناشطة في مجال نزع السلاح ومنع الانتشار، والهدف منه الدفع نحو التوصل إلى اتفاق حول القضايا الرئيسية.

وقال إن التركيز هو على 3 قضايا رئيسية، الأولى نزع السلاح النووي والثانية منع الانتشار والثالثة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. بالنسبة إلى نزع السلاح رأى ماجد عبد الفتاح أن هناك روحا جديدة من الدول الكبيرة تتمثل في مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما وخطابه في براغ (عالم خال من الأسلحة النووية) ومبادرة غوردن براون في بريطانيا وكذلك الفرنسيون والروس والصينيون؛ الجميع يتحدثون بروح إيجابية في مجال نزع السلاح.

لكن المسألة كما يقول ماجد عبد الفتاح أن هناك نوعا من الرغبة لدى الدول النووية في عدم إبراز إجراءات التحقق مما يتم التخلص منه من الأسلحة النووية. فالمعاهدة تنص على التخلص من الأسلحة النووية والتخلص من المخزون من هذه الأسلحة تحت رقابة دولية فعالة، وهذه الرقابة غير موجودة فلا توجد سكرتارية للمعاهدة، ولا تريد الدول النووية أن تفتح الباب لآخرين فهم يتفقون مع بعضهم ويأتون ويقولون هذا هو الاتفاق.. ونحن نسعى لتغييره كدول عدم انحياز، وكذلك إلى تحقيق توازن كبير بين المحاور الثلاثة التي أشرت إليها. وفيما يتعلق بمنع الانتشار النووي قال ماجد عبد الفتاح «نحن نتكلم على عدة محاور، فهناك مخاوف متبادلة بين الدول النووية وغير النووية في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار، فهناك نحو 60 دولة أبلغت الوكالة الدولية العام الماضي أن لديها رغبة في إقامة مفاعلات ومنشآت للاستخدام السلمي لتوليد الطاقة وتوليد النظائر المشعة المستخدمة في المستشفيات. والدول النووية تنظر إلى حالتي إيران وكوريا الشمالية، وتريد إجراءات أكثر للتحقق بمعرفة الوكالة الدولية، وأن يصبح البروتوكول الإضافي عالميا وتخفيض حق الدول في الانسحاب من المعاهدة وعدم السماح للدول بالحصول على مواد نووية إلا من بنك للمواد النووية يتم إنشاؤه مستقبلا. وقال ماجد عبد الفتاح «نحن ننظر لهذه الموضوعات على أنها قيود على حق الاستخدام السلمي للطاقة النووية وأنها قيود غير مبررة - حتى لو كانت دولة أو اثنتان خرجتا على الإجماع الدولي - فالاستخدامات السلمية هي حق لكافة الأطراف دون تمييز أو تفرقة.

وأضاف أن حركة عدم الانحياز تتحدث أيضا عن مسألة عالمية المعاهدة.. التي لا يزال خارجها حتى الآن الهند وباكستان وإسرائيل، والهند وباكستان أجرتا تجارب نووية، وإسرائيل لم تقم بتجارب وإن كان معروفا أن لديها قدرات نووية تستطيع استخدامها في أي وقت. وفي مؤتمر عام 1995 لم نكن نريد مد المعاهدة للضغط حتى تدخل إسرائيل المعاهدة. واقترحت روسيا وبريطانيا وأميركا قرارا يخص الشرق الأوسط صدر بالتوافق؛ هذا القرار ينص على أن إسرائيل تنضم للمعاهدة وإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وبأن تتوسع المعاهدة لتشمل كل أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم ينفذ، وهو يكتسب بالنسبة لنا أهمية كبيرة جدا، فلن ننتظر حتى تقوم إسرائيل بتجربة نووية أو تحاول الحصول على وضعية نووية، وبالتالي نحن ندفع بقوة في اتجاه تطبيق القرار. وقال ماجد عبد الفتاح «طبعا نصادف بعقبات حيث يطرح موضوعا إيران وكوريا الشمالية.. والدولتان تنطبق عليهما وضعية حالات التحقق ونحن مع إجراءات التحقق ولكن بشرط أن يتم استخدام الآليات المتعارف عليها أي لا يتم التعامل مع موضوع إيران من خلال العمل العسكري». وأكد أن ملف إيران يحل تفاوضيا بشكل مدروس للضغط عليها والتحدث معها في الإطار السلمي، مستبعدا أن تقوم طهران بمفاجأة تجربة نووية وأعرب عن اعتقاده بأن إيران لديها خطة طويلة الأمد وليست قصيرة.

وحول سؤال عن امتناع مصر عن التصويت في القرار الأخير في وكالة الطاقة الذرية بشأن إيران، قال إن السبب أنه اقترحت إضافة فقرة تتحدث عن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ورفضت. وحول البروتوكول الإضافي للمعاهدة الذي صدقت عليه 90 دولة، قال إن مصر ليست رافضة التصديق ولكنها تؤجل قرارها، فبروتوكول الضمانات الأصلي لم يصل بعد إلى مرحلة العالمية بينما الإضافي يعني «أن يأتوا ويفتشوا عندي في أي وقت وعلى أي منشأة وتحت أي ظرف من الظروف بينما إسرائيل عندها بروتوكول ضمانات محدود» بينما يجب أن تكون هناك مساواة. وقال إنه ستجري المطالبة في المؤتمر المقبل للمراجعة بعقد مؤتمر دولي عام 2011 تحضره الدول النووية الخمس بالإضافة إلى دول الشرق الأوسط كلها بما فيها إسرائيل وإيران ونتحدث عن تنفيذ قرار إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وهذا سيضع ضغطا على كل الأطراف، بما فيها إيران وإسرائيل، وبعد ذلك تؤسس آلية ونتفق على عدد من الإجراءات العملية لاتخاذها لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل ثم ننشئ آلية لتنفيذ الإجراءات في إطار زمني معقول «فأنا لا أقول إننا سنخلي في فترة قصيرة، وهذا مرتبط بشكل أو آخر كما يقول الإسرائيليون بعملية السلام.. ولكن ليس شرطا أن أصل إلى السلام الشامل والكامل حتى نستطيع أن نتعامل مع هذه القضية».

في قضية أخرى وهي اللجوء إلى مجلس الأمن في إطار تعثر محادثات السلام لاستصدار قرار بإنشاء الدولة الفلسطينية قال ماجد عبد الفتاح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن الذي حدث أن لجنة المتابعة العربية المسؤولة عن تنفيذ مبادرة السلام العربية اتفقت بحضور 10 وزراء خارجية عرب واتفقوا على أنه في ضوء تدهور عملية السلام قد يكون من الممكن أن ننظر في الوقت المناسب في إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية وتحديد تاريخ آخر بعدها بـ3 سنوات للانضمام للأمم المتحدة بعد أن يكون قد تم التفاوض على قضايا السيطرة. ولكن هذا بشرطين؛ الأول أن ترفع توصية لجنة المتابعة إلى مجلس الجامعة على مستوى الوزراء، وهو لم يجتمع حتى الآن، وأن يحدث ذلك في الوقت المناسب. وكان من الأفضل الانتظار حتى اجتماع مجلس الجامعة أو القمة العربية القادمة لبحث كيفية التعامل مع هذا الموضوع قبل إثارته. فالأميركيون قالوا بصراحة إنهم سيستخدمون الفيتو إذا قدم مشروع بذلك، وكان من الأفضل أن تكون هناك مشاورات مسبقة مع الأطراف المعنية في مجلس الأمن قبل أن نطلع الصحافة، لا بد أن نكون عملنا شغلنا الداخلي جديا وأمنا أنفسنا في هذه القضية المثارة.