وزير العمل المغربي يدحض تقارير حول طلب إسرائيل عمالة من الرباط.. ويؤكد عدم تأثر عمالة بلاده في الخليج

جمال أغماني لـ «الشرق الأوسط»: زيادات في الرواتب وتخفيضات في الضرائب ستطبق ابتداء من يناير

جمال أغماني، وزير الشغل (العمل) المغربي يتحدث لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

نفى جمال أغماني، وزير التشغيل (العمل) المغربي نفيا قاطعا أن تكون وزارته بصدد دراسة طلبات لإيفاد عمالة مغربية إلى إسرائيل. وقال أغماني «قطعا لم نتوصل لأي طلب في هذا الاتجاه». وأضاف «كل العقود الخاصة بالهجرة ليس من بينها ولا عقد واحد له علاقة بإسرائيل، لسبب بسيط هو أن المغرب لا يرتبط باتفاقيات معها».

وتحدث أغماني في حوار أجرته معه « الشرق الأوسط»، عن موضوع اليد العاملة الموسمية من النساء المغربيات اللائي يعملن في مزارع جنوب إسبانيا، وقال «إن المغرب يرتبط مع إسبانيا باتفاقية تعاون في ما يخص اليد العاملة الموسمية»، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2002، وتم تفعيلها عام 2005. وقال «منذ أن تحملت مسؤولية الوزارة أعطيت لهذا الموضوع العناية اللازمة، واعتبرته من الملفات الأساسية التي حاولنا أن نعطيها دفعة جديدة في إطار التعاون مع إسبانيا، لذلك أخذنا على عاتقنا تحسين ظروف اشتغال هؤلاء النسوة، وهي ظروف صعبة. واهتممنا بمسألة انتقاء العاملات، ومتابعة سفرهن وعملهن في الحقول الإسبانية». وأشار أغماني إلى أنه قاد وفدا حكوميا ضم منظمات نقابية وحقوقية وصحافيين، زار منطقة «ولبا» الإسبانية، والتقى مع رئيس بلدية «كطايا»، وتباحث معه حول ظروف عمل العاملات المغربيات، وقال إن هذه المنطقة تبذل جهدا للاهتمام بالظروف الاجتماعية للعاملات المغربيات. وأوضح أغماني أن الوزارة بالتعاون مع وكالة إنعاش الشغل تدخلت في شروط اختيار المرشحات للعمل من الزاوية القانونية، وكان من نتائج ذلك أن بلغت نسبة العاملات اللائي عدن إلى أرض الوطن بعد انتهاء مدة العمل الموسمي ما يفوق 90 في المائة. وبشأن التغطية الاجتماعية، ونظرا للعلاقة التي تجمع الصندوق الوطني الاجتماعي المغربي مع نظيره الإسباني، قال أغماني إن أيام العمل التي تقضيها العاملات في إسبانيا أصبحت تدخل ضمن رصيدهن لدى الصندوق المغربي للضمان الاجتماعي.

وزاد قائلا: إن من بين الأشياء التي تحققت منح العاملة التي حازت على أربعة عقود للعمل في الحقول الإسبانية، الحق في الحصول على بطاقة إقامة دائمة، مشيرا إلى أن العقود شملت حتى آخر العام الماضي 12 ألف عاملة في منطقة «ولبا».

وردا على سؤال حول ظاهرة عقود العمل المزورة التي كان من ضحاياه عاملات مغربيات، أجاب أغماني: عقود العمل بصفة عامة، والتي يوقعها مغاربة مع أجانب يشترط أن تحصل على موافقة وزارة التشغيل، فنحن نراقب هذه العقود، وهي عقود لا بد لها من آجال معينة طبقا للقانون، كما يخول القانون «الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات» باعتبارها المؤسسة الوحيدة التي تشرف على مسألة الهجرة من أجل العمل، مراقبة هذه العقود، وبالتالي فإن أي نشاط لجهات أخرى وسماسرة هو نشاط غير قانوني، وهي ليست لها أي صلاحيات في الموضوع.

ودعا المسؤول المغربي إلى ضرورة توخي الحذر في التعامل مع عقود العمل، وذلك بضرورة أن يحصل أي عقد عمل مع جهة خارجية على موافقة وزارة التشغيل والتكوين المهني، وقال، في هذا السياق: لدينا اتفاقيات تعاون مع بلدان الاستقبال لتنظيم الحقوق الاجتماعية وحقوق الإقامة. وبشأن تداعيات الأزمة العالمية على أوضاع المغاربة في دول الخليج العربي، قال أغماني: حتى الآن لم نسجل أي عودة ملحوظة لليد العاملة المغربية في دول الخليج، ما لاحظناه خلال مجموعة من الزيارات واللقاءات مع بعض وزراء العمل العرب، من خلال منظمة العمل العربية، أن عددا من دول الخليج تود تطوير علاقتها في مجال اليد العاملة مع دول المغرب العربي عموما والمغرب على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد، كانت لي لقاءات في كل من قطر والكويت وسلطنة عمان والإمارات، ولمست رغبة كبيرة لدى هذه الدول في التعاقد مع اليد العاملة المغربية. وزاد موضحا «الدول العربية عموما عرفت تحولا جذريا إذ أصبحت تستقطب الكوادر والأيدي العاملة المتخصصة».

وحول ما يطالب به البعض من ضرورة تغيير قوانين العمل في المغرب، يقول أغماني «لا بد من الإشارة هنا إلى أن مدونة الشغل (قانون العمل) أدخلت تغييرات كبيرة في مجال علاقات العمل بالمغرب. هذه المدونة أقرت في يونيو (حزيران) 2004، ودخلت حيز التنفيذ، وتم عمليا إصدار أغلب القوانين التطبيقية لها، وهذه المدونة تنظم العلاقة في القطاع الخاص، وبالتالي إذا وقع نزاع عمل، تتدخل وزارة الشغل عبر مندوبيها في الأقاليم لإيجاد تسوية ما بين الأجير (العامل) والمشغل، وفي حالة عدم التصالح، يتم إحالة الملف على القضاء». وتحدث المسؤول المغربي عن الحوار بين الحكومة والنقابات، وقال «كانت هناك عدة جولات للحوار الاجتماعي (بين الحكومة والنقابات) أثمرت توافقات، وهناك اقتناع لدى الحكومة، وكذلك الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بضرورة تطبيق جدول أعمال متفق عليه تتم خلاله دراسة الملفات المطروحة، لا شك أننا ما زلنا نمر من ظرفية اقتصادية ضاغطة، بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية خصوصا على الشركات المصدرة التي توظف يدا عاملة كبيرة، مثل النسيج والجلد، وصناعة أجزاء السيارات ومنتوجات البحر الموجهة للتصدير. وفي هذا الصدد، قمنا بمبادرة في البحث عن كيفية الحفاظ على الوظائف، ولولا الإجراءات التي اتخذت للحد من تداعيات الأزمة على الشركات لكانت نسبة العمالة التي سيتم الاستغناء عنها أكبر بكثير». وشرح أغماني الإجراءات التي اتخذت في هذا المجال، وقال إن الدولة تدخلت وأسهمت في الالتزامات المالية للشركات إزاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واستفادت أكثر من 400 مقاولة من هذه التحملات الاجتماعية، مما يعني أن الدولة أسهمت في إنقاذ أكثر من 20 ألف منصب عمل، والمقاولات التي استفادت من دعم الدولة، هي تلك التي كانت تحترم الإقرار بالأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولها وضعية سليمة تجاه إدارة الضرائب. هذا إضافة إلى الدعم الذي قدمناه في مجال التدريب والتأهيل المستمر، إذ تتحمل الدولة جميع نفقات التدريب». ويرى أغماني أن من بين أهم الأمور التي تحققت، هناك شمولية التغطية الطبية، ويقول في هذا الصدد «تم توسيع أنواع الأمراض التي يتولى علاجها صندوق الضمان الاجتماعي، خاصة الأمراض المزمنة وغير القابلة للعلاج، لا سيما أن العلاج الذي يستفيد منه العاملون في القطاع العام لا يماثل أولئك العاملين في القطاع الخاص. وابتداء من الشهر الحالي، أصبحت التغطية تشمل جميع الأمراض».

ومضى أغماني قائلا حول ما تحقق من مكاسب للعاملين «استطعنا أن نصل إلى توافق تام ما بين الاتحاد العام للمقاولات والنقابات والحكومة، إزاء إنشاء «صندوق التعويض عن فقدان العمل»، فهذا مشروع اجتماعي يوفر نوعا من الضمانات الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص، وهو الصندوق الذي بمقتضاه، سيسمح للأجير (العامل)، إذا فقد عمله، لأي سبب من الأسباب، باستثناء الاستقالة أو ارتكاب خطأ جسيم، أن يستفيد من تعويض مدته ستة أشهر، يستفيد خلالها من التغطية الطبية له ولأطفاله، وتبقى له التعويضات العائلية الممنوحة له وكل المنافع الاجتماعية».

وقال أغماني إن الزيادات في رواتب صغار الموظفين تصل إلى حدود 500 درهم خلال هذه السنة بعد حذف الدرجات الدنيا في القطاع الحكومي وشبه الحكومي (من الدرجة الأولى إلى الرابعة). وقال إن هناك أيضا قرارا يقضي بتعويض موظفي رجال التعليم والصحة العاملين في الأماكن النائية، حيث ستمنح لهم تعويضات تصل إلى 700 درهم. كما ستجري مراجعة الضرائب على دخل العاملين في الدولة والقطاع الخاص، وسيتم إعفاء 53 في المائة من أداء أي ضريبة دخل».