تلسكوب كبلر يكتشف 5 كواكب جديدة

جميعها أكبر من الأرض.. وتشير إلى مميزات غريبة

بعض العلماء يقولون إن الحياة في الأنظمة الشمسية الأخرى أمر مستبعد؛ نظرا لأن معظم النجوم الأخرى أكثر حركة وأقل استقرارا من الشمس (واشنطن بوست)
TT

في إطار مساعيهم للعثور على كوكب يماثل كوكب الأرض، ما زال علماء الفلك يكتشفون أغرب الأشياء، فقد اكتشفوا كوكبا له كثافة الإسفنج الصناعي، كما وجدوا كوكبين لهما سطح أكثر سخونة من الحمم البركانية الحارقة، بالإضافة إلى شيئين يماثل حجم كل منهما الكوكب؛ ولكن لهما سطح أكثر سخونة، لسبب غير معروف، من النجوم التي يدوران في فلكها، وهو الشيء الذي لم يرَ العلماء مثله من قبل.

هل يعرف أحدكم ماهية هذه الأشياء؟ هذا السؤال طرحه عالم الفلك بجامعة «هارفارد» ديفيد لاثام وهو يقف على خشبة المسرح في قاعة الفلكيين يوم الاثنين الماضي بفندق ماريوت بواشنطن.

وذلك حيث يجتمع نحو 3300 من علماء وطلبة الفلك في واشنطن، في ملتقى سنوي يعقد في الشتاء لرابطة الفلكيين الأميركيين؛ يتم فيه مناقشة الكثير من القضايا، بدءا من سبب انفجار النجوم ووصولا لكيف يستطيع الفلكيون الحصول على وظيفة، وكانت الأخبار المتعلقة بكبلر، التلسكوب الجديد الذي أطلقته «ناسا» في مارس (آذار) لكي يبحث عن الكواكب الشبيهة بالأرض، تهيمن على الملتقى في اليوم الأول.

وكانت النتائج الأولية مربكة؛ حيث قال الفلكيون إنهم قد اكتشفوا 5 كواكب جديدة، جميعها أكبر حجما من كوكب الأرض، بالإضافة إلى ما يقارب 100 إشارة أخرى يعملون حاليا على تحليلها، والتي ربما تشير إلى كواكب أخرى، كما كشف التلسكوب الجديد عن أن الشمس ليست ساكنة، بشكل مخالف للمعايير المجرية، وهو يخالف المعتقدات السابقة؛ مما يعزز من احتمالات وجود حياة ببعض الأنظمة الشمسية الأخرى.

وقد تجنب ويليام بوركي، كبير فريق علماء كبلر، والذي قضى عقودا في محاولة حشد «ناسا» لتمويل تلك المهمة طوال يوم الاثنين التعقيدات من خلال إعلانه فقط عن اكتشاف الكواكب الـ5 التي ظهرت في الأسابيع الـ6 الأولى من الرصد، وما زال الفريق يعمل على تحليل 8 أشهر أخرى من البيانات المأخوذة من عمليات رصد لتلك الكواكب من خلال أجهزة تلسكوب أرضية.

ومن جهة أخرى، يقول سيمون بيت وردن، مدير مركز أبحاث أميس بـ«ناسا»: «كل تلك المعلومات مثيرة للغاية، ولكننا لا نستطيع إضافة أي شيء آخر حولها»، مضيفا أنه إذا تم العثور على كوكب مشابه للأرض، فإن الرئيس والكونغرس سيتم إعلامهما بالأمر قبل إصدار إعلان عام.

يذكر أن هناك سباقا محموما بين العلماء الأوروبيين والأميركيين لاكتشاف «الأرض» الأولى، كوكب يماثل كوكبنا حجما بالإضافة إلى أن المسافة التي تفصل بينه وبين أحد النجوم تسمح بوجود حياة على سطحه حيث يقع الكوكب في غولديلوكس، وهو موقع ليس ساخنا أكثر من اللازم أو باردا أكثر من اللازم؛ مما يجعله ملائما لأن تظل المياه الموجودة على سطحه سائلة.

وقد أثارت تلك المعلومات اهتمام العلماء المهتمين بوجود حياة على كواكب أخرى خارج نطاق نظامنا الشمسي، كما أن هناك دليلا على أن الجزء المركب الضروري لوجود حياة متوافر في العالم من حولنا، بالإضافة إلى أنه من الواضح أن العالم من حولنا لديه الكثير من الطرق لتشكيل الأنظمة الشمسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالكواكب فإن التباين ربما يكون هو القاعدة.

ومن جهة أخرى، يقول لاثام: «إذا كان العالم من حولنا مؤهلا لوجود حياة مثلما نعرفها، فلماذا توجد كل تلك الكواكب الغريبة؟» ويعتقد لاثام «أن الطبيعة منتجة بطبعها، وبالتالي فإنها سوف تفعل أي شيء تستطيعه».

يذكر أنه تم اكتشاف نحو 400 كوكب منذ اكتشاف أول كوكب عام 1995 على يد فريق من الفلكيين السويسريين؛ ولم يكن أي من تلك الكواكب يبشر بوجود حياة على سطحه من الفحص الأولي، فمعظم هذه الكواكب ساخنة هائلة الحجم، وتدور في مدارات فلكية قريبة من النجم بما يكفي لكي يهتز النجم ذهابا ومجيئا؛ مما يجعل الضوء الصادر عنه يبدو متذبذبا كما يظهر من التلسكوبات الموضوعة على الأرض.

ولكن تلسكوب كبلر يستخدم تقنية مختلفة؛ وهي التقنية التي تمكنه من قياس أقل درجة إعتام في ضوء النجم، خلال مرور الكوكب أمامه، كما تسمح تلك الطريقة للفلكيين ليس فقط برصد حركة الكوكب، ولكن بتقدير حجمه وكثافته كذلك، وقد تم تصميم ذلك التلسكوب الذي يدور في مدار حول الشمس؛ لكي يفحص نحو 150 ألف نجم في المجرة في جزء من السماء التي تعلو سطح المجرة، وعلى مقربة من مجموعة « Cygnus » أو كوكبة الطائر، ويقتضي ذلك النوع من البحث حسن الحظ والعمل الدقيق؛ وذلك حيث إن معظم الكواكب، خاصة الصغيرة منها، هي عبارة عن أجسام صخرية مثل الأرض، في العادة يكون مدارها شديد البعد عن النجم الذي تدور في فلكه، مما يجعل من الصعب على التلسكوب أن يصل إلى النجم مرورا بمدارات تلك الكواكب، ولكن العلماء يستطيعون وضع تقديرات حول إمكانية رؤية كوكب بحجم معين ونوع معين ومدار معين، وبالتالي يمكن استقراء أي اكتشافات جديدة في ضوء تلك البيانات الإحصائية، مما يعني أن اكتشاف كبلر لعدة كواكب تشبه الأرض، ربما يعني أن هناك الكثير من الكواكب الأخرى في عالمنا.

يقول نيل ديغراس تيسون الفلكي بمتحف التاريخ الطبيعي الأميركي: «في الوقت الراهن، ما زلنا نرصد قائمة الموجودات في العالم، وهو ما استطعنا رصده إلى حد كبير بالنسبة للنجوم، ولكن تلك القائمة ما زالت في بدايتها بالنسبة للكواكب». ولا تقتصر مهمة كبلر على اكتشاف الكواكب، حيث يكتشف ذلك التلسكوب الكثير من أسرار النجوم بصفة عامة.

ومن أهم اكتشافاته حتى الآن، هو أن الشمس ليست ساكنة إلى ذلك الحد المعروف عنها، وفقا للأنماط المجرية الأخرى، وذلك حيث كان بعض العلماء يقولون إن الحياة في الأنظمة الشمسية الأخرى أمر مستبعد؛ نظرا لأن معظم النجوم الأخرى أكثر حركة وأقل استقرارا من الشمس، فيما يؤكد كبلر عكس ذلك.

فتقول ناتالي باتالها من أعضاء فريق كبلر والفلكية بجامعة «سان جوز ستيت»: «نعلم الآن أنه يوجد الكثير من النجوم المشابهة للشمس».

ومن جهة أخرى، قالت الفلكية كاثرين بلاشوفسكي من جامعة «إنديانا» إن الهدوء النسبي لمعظم النجوم في المجرة أمر طيب بالنسبة لأبناء هذه الأرض، «فأنا سوف أنام نوما عميقا الليلة إذا ما أخبرني أحد ما بأننا نحيا في مكان آمن».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»