وكيل وزارة الزراعة العراقي: سنطرح الأراضي الزراعية للاستثمار الخاص المحلي والأجنبي

قال لـ «الشرق الأوسط»: نسمع عن قيام الدول المانحة بمشاريع داخل العراق وحتى الآن لا نعلم مكانها

ما زالت الزراعة العراقية تعتمد على الوسائل التقليدية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف وكيل وزارة الزراعة العراقي غازي العبودي، عن أن القطاع الزراعي يعاني الكثير من المشاكل التي تتعلق بقلة مياه الري والتصحر وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة «واعتماد سوقنا في كل شيء على دول الجوار وبشكل يهدد أمننا الغذائي، وتراجع أعداد النخيل من 31 مليونا لأقل من 8 ملايين، وكل هذه المشاكل لن تحل إلا عبر إعلان أراضينا للاستثمار الخاص المحلي والأجنبي».

وبين العبودي في حوار مع «الشرق الأوسط»ن وبشأن خطوة إعلان العراق أراضيه للاستثمار الأجنبي، أن «هذا المشروع بدأنا التفكير به، ليس الآن، بل منذ سنوات، وأعدت بحوث كثيرة حوله ترجمت لمقترحات وقدمت لرئاسة الوزراء، وتمت الموافقة أخيرا على المشروع الذي ستعلن عنه الوزارة بداية الشهر المقبل في مؤتمر عالمي كبير»، مشيرا إلى أن العراق سيحقق عدة غايات بهذه الخطوة من أهمها الأمن الغذائي، «وهي مشكلتنا الأكبر، فبعد أن كان البلد مصدرا للأغذية والمحاصيل وبخاصة الاستراتيجية، أصبحنا مستوردين حتى لأبسط أنواع الخضراوات، والأمر الآخر هو القضاء على البطالة التي يعاني منها سكان الريف خاصة إذا ما علمنا أنهم يشكلون ثلث عدد نفوس العراق، وبدأوا وبسبب سياسات النظام السابق في هجرة الريف والعمل بقطاعات أخرى، ومن الصعب جدا الآن عودتهم، ناهيك عن جلب رؤوس أموال أجنبية القطاع الزراعي بحاجة لها وأيضا الخبرات العالمية».

وأشار العبودي بشأن المساحات التي ستقدم للاستثمار، إلى أن «جميع الأراضي صالحة الاستثمار لكننا صنفناها كمرحلة أولى إلى ثلاثة أصناف، وهي مشكلات من دون مشكلات مع جهات أخرى، وثانية مشكلات بسيطة يمكن حلها من خلال التنسيق مع الحكومة، والصنف الثالث يعاني من مشكلات لا يمكن معها البدء باستثمارها، وهنا سيعرض الصنف الأول والثاني». وأكد أن عروضا استثمارية واسعة جدا وردت للوزارة من مستثمرين عرب وأجانب ومحليين أيضا.

وبشأن استثمارات عراقية زراعية خارج العراق حيث توجد معلومات عن شراء العراق في زمن النظام السابق لأراض واسعة في دول أخرى، قال الوكيل «نعم هناك استثمارات عراقية في دول كثيرة لكنها تدار من قبل وزارتي الخارجية والتجارة، مثل مشروع زراعة الشاي في فيتنام ومزارع المطاط.. بالمقابل هناك مشاريع استثمارية على شكل مساهمة بين العراق ودول عربية وأجنبية، وهي تعمل حاليا بشكل طبيعي وتمتاز بواردات مالية جيدة».

وعن مشكلة التصحر قال «إن العراق يفقد 5% من أراضيه كل عام نتيجة زحف الصحراء وارتفاع ملوحة المياه، وتجربتنا حديثة لعلاج هذه المشكلات، وفتحنا آفاقا مع العالم لمساعدتنا في الأمر كونها مشكلة دولية، وبعض الدول رحبت بالأمر لكن دخولها للعراق أمر ليس بيسير».

وعن موضوع المياه مع دول الجوار وتأثير ذلك على تقليل الزراعة، قال «إنه موضوع معقد جدا لأن تركيا لديها اتفاقيات مع كل الدول المتشاطئة معها عدا العراق، وهذه مشكلة قديمة منذ نشوء الدولة العراقية، وكذلك مشكلتنا مع إيران، كوزارة زراعة عقدنا مذكرة تفاهم منتصف العام الماضي مع سورية للإدارة الرشيدة لنهر الفرات، فلدينا معلومات أن المياه تأتي من سورية فيها نسب تلوث عالية، ومع مصر بحثنا معهم تجربتهم للتقليل من استخدام المياه ومع الجانب الأردني كذلك».

وبشأن طلب تركيا الاستثمار الزراعي في العراق مقابل زيادة الحصص المائية، قال «إنها ورقة رابحة نحن نقدمها ونقدم مغريات لتركيا وغير تركيا، ولا ضير بذلك، فلتأت تركيا وتستثمر في الأراضي الزراعية مقابل زيادة المياه».

كما أشار العبودي إلى أهمية موضوع زيادة الوعي عند الفلاح العراقي الذي لا يزال غير مقتنع بأهمية ترشيد استهلاك المياه باستخدام التقنيات الحديثة، و«أنأ شخصيا تحدثت مع جزء كبير منهم وأخبروني أن مد فكرة شبكات ري بالتنقيط غير مقتنعين بها، وهذه مشكلة أخرى يجب حلها، وفعلا توجهنا حاليا لتصحيح بعض المعلومات لدى الفلاح العراقي، وبدأ في استخدام آليات متطورة، ونأمل بداية العام المقبل أن يكون استخداماتها (أي وسائل الري الحديثة) أكثر انتشارا في العراق، إضافة لتوجهنا لاستخدام بدائل بسبب قلة واردات المياه من تركيا وإيران وسورية، منها الاعتماد على الآبار والمياه الجوفية، وتقدم باحث عراقي بجهاز لتحليه المياه ودعمت وزارة الزراعة مشروعه لإنهاء مشكلة ملوحة المياه».

وبشأن تراجع أعداد النخيل قال «إن العراق كان يحوي أكثر من 31 مليون نخلة حاليا تبقى منها 8 ملايين فقط، وأغلبها هزيل وغير منتج كما الأول نتيجة الحروب والتجريف والإهمال، وهنا عملنا على التشجيع على زراعة النخيل فقمنا بإطلاق مبادرة شراء التمور بأسعار مضاعفة، ورئيس الوزراء نوري المالكي قال: اشتروا التمور من الفلاح حتى وإن لم تجدوا مكانا لخزنها. لكن النتائج فاقت التوقع، وارتفع الطلب على التمور العراقية خارج العراق، وبدأنا كوزارة في عملية تصدير التمور وإعادة تصنيعها عبر تجار وصناعيين، وأعطينا لهم قروضا، وهذه تسمى فلسفة المبادرة الزراعية وهي بخلق جسور ثقة بين الحكومة والفلاح.

أما مشكلة وزارة الزراعة مع الجمعيات الفلاحية، ولماذا استبعدت هذه الجمعيات، فقال عنها «نحن لم نستبعدها على العكس هناك تعاون معها، وهي منظمة مجتمع مدني، لكن استنادا لتوجيهات مجلس الوزراء فإنه حدد العمل مع المسجلة فعلا ضمن منظمات المجتمع المدني، وأحيانا يطلبون بعض المسائل ويتصورون نتيجة ظرف العراق السابق أنهم بديل عن الحكومة، ويتحدثون بعقلية الموظف، وهنا وجهناهم بأن يعيشوا كمنظمة، وألا يصبحوا ثقلا على وزارة الزراعة، وأن يمر كل شيء في طريقه، بل أنتم موحدون للجهود وكحلقة وصل بين الحكومة والفلاح وتحقيق التعاون.

ماذا عن التخصيصات الأميركية للزراعة العراقية، منها تخصيصات منظمة الوكالة الأميركية للتنمية التي ذكرت أنها أنفقت في العراق ثلاثة مليارات دولار.. عن هذا الأمر قال «إن هذه المنظمات صحيح قدمت عملا في العراق، لكنه ليس بالحجم المذكور، كونها منظمات تعمل بسياقات وشروط، وعندما يأتون فإنهم يعملون بعقليات بعيدة عن الواقع العراقي الذي يصطدمون به، كما أتوقع أن المجتمع العراقي عشائري، ويرفض الفلاح العراقي أن يأتي أميركي أو إيطالي وبريطاني وأن يوجه من قبله، لكن لا ننكر أنهم تعاونوا معنا في دراسات وأبحاث وتمويل لكن ليست ضخمة، ونحن فتحنا أبواب الوزارة لهم وتحقيق التعاون».

وأضاف «الحكومة العراقية أعطت اهتماما كبيرا لهذا القطاع لسبب واحد مهم جدا وهو الأمن الغذائي، وهنا جرى الاهتمام بالزراعة وإطلاق المبادرة الزراعية منذ عام 2008، وخُصصت لها 500 مليون دولار، كما تم إطلاق عمليات الإقراض للفلاحين والمزارعين وبتسهيلات كبيرة هي الأضخم في جميع العالم، وهي قروض من دون فوائد، والتسديد على فترات طويلة وبروتين بسيط، وبدأنا نزود الفلاح بالأسمدة بكل أنواعها وبأسعار مدعومة من الحكومة، أي أقل من كلفة شرائها، ناهيك عن الميكنة الزراعية وبيعها بالأقساط ومن دون تحميل عبء على المزارعين، وحتى وزعنا آلات مجانا وقمنا بتجهيز دور وقنوات الري وإنشاء حقول تربية الحيوانات وعمليات مكافحة الآفات مجانا وحملات تطعيم وتلقيح.. بشكل مختصر إن دعم الحكومة الحالية للفلاح أكبر بكثير من دعم الأنظمة السياسية السابقة، الآن الدعم مطلق، ولا يوجد شيء يتعلق بالزراعة غير مدعوم، وحتى شراء المحاصيل نقوم بشراء المنتجات من الفلاح بأسعار مضاعفة عن السوق، وسجلنا نجاحات في عمليات شراء التمور من الفلاح والحنطة والشعير والرز.