بغداد وطهران تتفقان على تطبيع الأوضاع.. واجتماعات لحل مشكلات الحدود

زيباري: التوغل الإيراني أحرجنا كحكومة >متقي: قواتنا أمرت بالعودة إلى مكانها الأصلي

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مستقبلا نظيره الإيراني منوشهر متقي في مطار بغداد الدولي أمس (رويترز)
TT

اتفق العراق وإيران أمس على «تطبيع الأوضاع الحدودية» بينهما عبر اجتماعات للجان الفنية من أجل ترسيم الحدود، في خطوة من شأنها إزالة التوتر الذي شاب العلاقات بين بغداد وطهران إثر قيام قوة إيرانية باحتلال بئر نفطية في حقل «الفكة» العراقي الحدودي. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري للصحافيين عقب استقباله نظيره الإيراني منوشهر متقي: «اتفقنا على تطبيع الأوضاع الحدودية وعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقا»، في إشارة إلى الانسحاب من حقل الفكة في محافظة ميسان الجنوبية. وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «اللجان الحدودية ستجتمع الأسبوع المقبل»، موضحا أن «اللجنة الفنية لترسيم الحدود على طول الحدود الإيرانية ستعقد اجتماعا، كما اتفقنا على أن تجتمع اللجنة الفنية المتعلقة بترسيم الحدود المائية في خورمشهر» البلدة الحدودية الإيرانية. ويبلغ طول الحدود بين البلدين 1458 كلم. وأكد زيباري «تحديد الأشخاص ورصد الأموال اللازمة لبدء أعمال اللجنة الأولى».

من جهته، أكد متقي «الاتفاق على لقاء للجنة الحدود بين البلدين». وأضاف: «في الأسبوع التالي ستكون هناك اجتماعات للجنة الفنية في منطقة قصر شيرين (معبر حدودي مقابل محافظة ديالى العراقية) وبعد ثلاثة أسابيع ستجتمع اللجنة الفنية بخصوص الحدود المائية». وتابع الوزير الإيراني: «كان هناك تجاوز من بعض قوات الحدود سابقا (...) وأعيدت القوات العراقية إلى مكانها الأصلي وتم إصدار الأوامر للقوات الإيرانية بالرجوع إلى مكانها الأصلي».

وكان مسؤولون محليون في محافظة ميسان وكبرى مدنها العمارة (365 كلم جنوب بغداد)، أعلنوا في 22 ديسمبر (كانون الأول) أن عسكريين وتقنيين إيرانيين سيطروا على البئر رقم 4 في حقل الفكة على الحدود بين البلدين. وانسحب هؤلاء من البئر التي تبعد مسافة خمسين مترا عن الحدود مع إيران، لكنهم ظلوا داخل الأراضي العراقية.

وأكد متقي: «لا بد من الإسراع في العودة إلى أوضاع سليمة وقانونية»، مشيرا إلى أن «الحدود شهدت خلال السنوات الماضية حربا وظروفا خاصة ساعدت في أن تكون المناطق مفتقدة إلى بعض العلامات الحدودية التي ليست في وضع مناسب». وتابع: «إنها فرصة في الواقع أن ننجز العمل الذي لا بد لنا من إكماله في ما يتعلق بالعلامات». وأكد أن «هناك مصالح مشتركة بين البلدين في مكافحة الإرهاب وتوفير الأمن». ورأى أنه «أمر مقدر ومكتوب من الله وجود الحقول النفطية في المناطق الحدودية ونعتبرها فرصة ومجالا جديدا للاستثمار المشترك».

والأزمة التي سببها حادث الفكة هي الأولى بين بغداد وطهران منذ الإطاحة بالنظام السابق عام 2003. وتصر طهران على أن تنفذ بغداد اتفاقية الجزائر التي وقعها البلدان في مارس (آذار) 1975، لكن المسؤولين العراقيين يبدون تحفظاتهم حيالها. وتنص الاتفاقية التي وقعها صدام حسين نائب الرئيس العراقي آنذاك وشاه إيران محمد رضا بهلوي برعاية الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، على أن خط القعر (النقطة الأعمق في مياه شط العرب) يشكل الحدود بين الدولتين. لكن صدام ألغى الاتفاقية عام 1980 بعد سقوط حكم الشاه وتسلم الثورة الإسلامية الحكم؛ الأمر الذي أشعل حرب الخليج الأولى (1980 - 1988).

وقال زيباري الشهر الماضي خلال جلسة سرية للبرلمان إن «موقفهم (الإيرانيون) كان: لن نتفاوض ما لم تقروا اتفاقية الجزائر». وأوضح أن «الموقف الحكومي الرسمي، وخلال الحكومات الثلاث المتعاقبة (في العراق منذ 2004) هو التحفظ على الاتفاقية» لكنه استدرك قائلا أن ذلك «لا يعني أن العراق غير ملتزم»، من دون مزيد من التوضيح. وتابع أن الإيرانيين «يقولون: إذا كنتم لا تقرون اتفاقية الجزائر فنحن لن نتعاون معكم في أي مشكلة». لكنه أقر أمس بأن ما حدث في حقل الفكة تسبب بـ«إحراج للحكومة العراقية. فقد تأثرنا بالتجاوز الأخير الذي وتر الأوضاع بيننا، ونحن كحكومة أصبنا بالحرج، واتخذنا موقفا سريعا من خلال الاتصال المباشر بالجانب الإيراني». وأكد أن «الاتصالات المباشرة أثمرت؛ بحيث أنزلت القوات الإيرانية العلم عن البئر النفطية وتراجعت». وختم زيباري قائلا: «ورثنا من النظام السابق تركة ثقيلة من القضايا مع إيران تحتاج إلى معالجات جذرية، بعيدا عن التهويل والصخب».

واستقبل الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي كل على انفراد وزير الخارجية الإيراني. وقال المالكي بعد لقائه متقي عن التوغل الإيراني: «نحن نستغرب من الخطوة الأخيرة غير المبررة، وأي إجراء أو قرار يتخذ من طرف واحد لن يساعد على تثبيت الأمن والاستقرار»، مؤكدا أن أجواء الحوار ستكون مقبولة بعد عودة الأمور على الحدود إلى وضعها السابق، لتأخذ اللجان الفنية المشتركة الفرصة لبحث المشكلات الحدودية. وأكد المالكي، أن «العراق يريد الأمن والاستقرار له ولجيرانه، ويتطلع إلى إزالة التوترات وتطوير علاقاته مع إيران وباقي دول الجوار وزيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري».