رئيس الوزراء الصومالي: علاقة «حركة الشباب» بمتمردي اليمن لم تعد مسألة تكهنات

العلاقة بين مسلحي الصومال واليمن تحت الأضواء.. بعد إعلان «الشباب» إرسال مقاتلين إلى اليمن لمناصرة «القاعدة»

صومالية تتلقى معونات غذائية عبارة عن وجبة طعام في معسكر بجنوب مقديشو (رويترز)
TT

أثار إعلان حركة الشباب المجاهدين الصومالية الأسبوع الماضي عزمها إرسال مقاتلين إلى اليمن لمناصرة مقاتلي «القاعدة» هناك، مخاوف إقليمية ودولية كبيرة وقلقا متزايدا بشأن العلاقة بينها وبين فرع تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وتحديدا في اليمن، فهل هذا الإعلان حقيقة أم أنها مجرد شعارات؟ وهل من قدرة مقاتلي هذه الحركة عبور مياه خليج عدن والوصول إلى اليمن لمؤازرة عناصر «القاعدة»؟ وعلى الرغم من أن حركة الشباب قد أعلنت في وقت سابق ولاءها لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في تسجيل صوتي أصدرته بمناسبة عيد الفطر، والذي جاء تحت عنوان «لبيك يا أسامة» وكان هذا الشريط على ما يعتقد ردا على دعوة بن لادن حركة الشباب إلى إسقاط حكومة الرئيس شريف؛ فإن إعلان الحركة إرسال بعض مقاتليها إلى اليمن يعد الأول من نوعه.

وترى الحكومة الصومالية أن هناك علاقة قوية بين حركة الشباب والمتمردين في اليمن، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شرماركي «إن صلة حركة الشباب المتمردة بمتمردي اليمن لم تعد مسألة تكهنات»، وأضاف شرماركي في تصريح أدلى به «إن الجماعات المتشددة تسعى لتحقيق أهدافها عن طريق القتال جنبا إلى جنب، إنها شبكة إرهابية لها نفس الأفكار العقائدية، إذا هزموا في اليمن جاءوا إلى الصومال ليواصلوا زعزعة الاستقرار في العالم». وذكر شرماركي أيضا أن العمل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان يزيد الضغوط على مجموعات «القاعدة» هناك، الأمر الذي يزيد جاذبية الصومال كملاذ آمن لهؤلاء المتشددين على حد تعبيره.

وتعتقد الحكومة الصومالية أيضا أن هناك من بين المقاتلين الأجانب في صفوف «الشباب» مقاتلين من أصول يمنية، يمثلون جزءا كبيرا من الجهاديين الأجانب في الصومال، حيث يوفرون لهم خبرة في صناعة القنابل والمتفجرات وغير ذلك. وكان القيادي البارز من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي قد قاتل في الصومال كما أظهرت عدة تقارير استخباراتية، وكتب كثيرا عن الحاجة لدعم المتمردين في الصومال. وقاسم الريمي واحد من متشددي «القاعدة» الذين فروا من سجن في اليمن عام 2006 ومضى لتشكيل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ووفقا لتصريحات مسؤولين في الحكومة الصومالية فإن هناك المئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات مختلفة ربما يبلغ عددهم ألف مقاتل يقاتلون في صفوف حركة الشباب. أما بالنسبة لعدد مقاتلي الحركة فلا يعرف بالضبط عددهم الحقيقي، ويعتقد أن عددهم قد يصل إلى عدة آلاف.

وزادت المخاوف الإقليمية والدولية بشأن العلاقة بين متمردي حركة الشباب وفرع تنظيم القاعدة في اليمن عندما اتهم وزير الدولة بوزارة الدفاع الصومالية الشيخ يوسف محمد سياد تنظيم القاعدة في اليمن بإرسال حمولة من الأسلحة إلى مقاتلي حركة الشباب، وقال سياد في تصريحات أدلى بها إن حركة الشباب حصلت مؤخرا على أسلحة من المتمردين في اليمن، وأضاف أن «لدى الحكومة الصومالية معلومات حول وصول سفينة تحمل شحنة أسلحة أرسلت من اليمن إلى مدينة كيسمايو (500 كيلومتر جنوب مقديشو) التي تسيطر عليها الحركة، وأن تلك السفينة رست في ميناء كيسمايو خلال الأيام القليلة الماضية، مؤكدا أن حركة الشباب لها علاقات مع الجماعات المتمردة في اليمن، ويتبادلان الخبرات والسلاح والمقاتلين. وكانت اليمن على مدى السنوات الماضية مصدرا للأسلحة التي تذهب إلى الصومال، وأصبحت السواحل اليمنية في الفترة الأخيرة تشهد نشاطا لافتا لتهريب الأسلحة المتنقلة بين اليمن والصومال، حيث إن المياه الإقليمية اليمنية مثلت البوابة الواسعة لتهريب السلاح، بسبب أنها مفتوحة لعمليات التهريب الخطرة، إضافة إلى أن شواطئ الصومال كانت هي الأخرى مفتوحة لهذه العمليات منذ سنوات عدة، لذا فإن عمليات نقل الأسلحة غير الشرعية بين الصومال واليمن ليست وليدة اللحظة، فبعض الأسلحة التي تتدفق إلى الصومال منذ فترة كانت تأتي من اليمن، وهذا ما أشارت إليه عدة تقارير لهيئة مراقبة الأسلحة التابعة للأمم المتحدة التي شكلت لتسجيل انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال عام 1992. وقال خبراء أمنيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الكشف عن هويتهم «إن هناك قواسم مشتركة لكل من متمردي حركة الشباب ومتمردي القاعدة في اليمن، حيث يقود كل منهما تمردا إسلاميا ضد دولة منهارة وأخرى ضعيفة». وأضاف الخبراء: «في الوقت الذي يسعى فيه تنظيم القاعدة في اليمن إلى إسقاط الحكومة اليمنية وإقامة دولة إسلامية هناك، فإن حركة الشباب المجاهدين الصومالية تسعى لهذا الغرض نفسه، حيث تحارب من أجل إسقاط حكومة شريف شيخ أحمد الضعيفة المدعومة من الغرب، ثم إقامة دولة إسلامية تحل محلها، وهذا هو الهدف الجوهري للحركة». لكن بعض الخبراء أشاروا إلى أن حركة الشباب ربما تستخدم قضية اليمن في محاولة تكتيكية لدعم موقفها. وعن قدرة مقاتلي حركة الشباب على الوصول إلى اليمن يرجح الخبراء أن هذا ليس بالأمر السهل، وأن عبور مقاتلين من حركة الشباب بشكل جماعي إلى اليمن أمر صعب للغاية، وذلك بسبب الأساطيل الدولية التي تعمل في مهمة مكافحة القرصنة والتي تجوب مياه خليج عدن وتقوم بدوريات روتينية، وعلى الرغم من ذلك تتحرك مئات القوارب التي تحمل مواد محظورة في هذه المياه وتتردد بين الموانئ الصومالية واليمنية، دون أن تكتشف، كما يواصل القراصنة الصوماليون جوب البحار واحتجاز السفن للحصول على فدى.

وبسبب نشاط تهريب البشر من الصومال إلى اليمن عبر القوارب المتهالكة، الذي كان قائما منذ انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، فإن الخبراء لم يستبعدوا أيضا إمكانية أن يستغل المتمردون هذا الأمر، وأن بإمكانهم التسلل عبر المهاجرين غير الشرعيين. وكانت اليمن قد أعلنت أكثر من مرة وجود مقاتلين صوماليين يحاربون في صفوف المتمردين في اليمن، وتم إلقاء القبض على عدد منهم، كما أعلنت السعودية عن ضبط صوماليين يهربون أسلحة بهدف إيصالها إلى المتمردين اليمنيين. هذه الأمور كلها تشير إلى أن هناك جهات صومالية متورطة في القتال الدائر في اليمن؛ رغم ما يقال عن أن معظم هؤلاء ربما كانوا مهاجرين غير شرعيين في طريقهم إلى المملكة العربية السعودية، أجبرتهم جماعات يمنية متمردة على القتال إلى جانبها.