جمعية النحالين تطالب بوقف رش مبيدات البعوض والذباب بعد كارثة جدة

«النحالون» وحدهم من استفادوا من كارثة السيول.. وحذروا من العسل «الكشميري» المغشوش

أكثر من مليون خلية نحل في السعودية يديرها نحو 5 آلاف شخص («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت جمعية النحالين التعاونية السعودية أن أسراب النحل في السعودية وقعت ضحية المبيدات الحشرية المستخدمة في القضاء على «البعوض» و«الذباب»، مما أدى إلى قتلها، باعتبار أن النحل كائن «حساس جدا» تجاه المبيدات، وهو ما أضعف إنتاج العسل في المناطق الساحلية في البلاد.

وأكد أحمد الخازم، رئيس مجلس إدارة جمعية النحالين التعاونية، إن السوق السعودية تحوي نحو مليون خلية نحل، ويزاول 5 آلاف شخص هذه المهنة، وينتجون نحو 9 آلاف طن عسل، فيما يتم استيراد 10 آلاف طن أخرى لتلبية احتياجات السوق المحلية سنويا، «ومازلنا بحاجة إلى توفير كمية كبيرة من العسل، على الرغم من أن استيرادنا للعسل يفوق كما إنتاجنا المحلي، إذ تصل نسبة العسل المستورد إلى 60 في المائة مقابل 40 في المائة للعسل المنتج محليا».

وأبان الخازم أن النحالين هم الوحيدون الذين استبشروا خيرا بأمطار جدة الأخيرة، لأن لها تأثيرات زهرية كبيرة على سوق العسل في السعودية، لكن سعي جهات حكومية للقضاء على الذباب والبعوض تسبب في قتل أسراب النحل.

إلى ذلك، أكدت الجمعية أن 60 في المائة من عسل السيارات المنتشرة على الخطوط السريعة في المناطق السعودية هو عسل مغشوش، طبقا لنتائج التحاليل المخبرية التي تم عملها على عينات جمعت عشوائيا من 180 سيارة لبيع العسل.

وكشف الخازم أن العسل المباع في السيارات المنتشرة على الخطوط السريعة لا يحمل من العسل إلا اسمه، و«هو عسل كشميري يصور على أنه عسل بلدي بخلاف الحقيقة، وتغذيته بالكامل على السكر، خاصة في هذه الأيام، في ظل تكاثر النحل في مناطق الساحل في السعودية».

وأضاف الخازم «أجرينا دراسة جمعنا فيها 180 عينة، وركزنا فيها على العسل الذي نتوقع أن يكون مغشوشا، وكانت دراسة متحيزة لتوقعنا مسبقا أنها مغشوشة، وبالفعل بعد إجراء التحاليل المخبرية على تلك العينات، وجدنا أن 60 في المائة من ذلك العسل تم التلاعب به، وأدخلت عليه عناصر مغشوشة، نعتبرها نسبة كبيرة، وهو ما أكد فرضيتنا في هذا الجانب».

وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية النحالين التعاونية أن «باعة العسل المغشوش يشترون عسل النحل الكشميري، وقيمته تتراوح في حدود سبعة دولارات، ويباع بقيمة 120 دولارا، ويوهمون الناس بأسعار مغرية وتخفيضات كبيرة للعسل».. موضحا أن هؤلاء الباعة يعملون على تغذية العسل بالسكر ومن ثم بيعه بمبالغ كبيرة، متأسفا من أن الموكلين بتلك المهام هم من طبقة «العمال»، وهي في الغالب تهدف إلى جني الأرباح بغض النظر عن القيمة الفعلية للعسل.

وحول المساحات الجغرافية التي يفترض وجود العسل الحقيقي فيها، قال «إنها تمتد من المدينة المنورة خاصة في جبالها شمالا، إلى أقصى الجنوب في جازان، مرورا بالطائف والباحة والنماص وعسير، خصوصا في المناطق الجبلية، وهي المناطق الفعلية لتربية النحل، والأصل أن فيها عسلا ممتازا».

وعن الزهور التي يتغذى عليها النحل في موسم الشتاء، أوضح رئيس جمعية النحالين أن النحل يتغذى في مناطق «الخبت»، أي المناطق الساحلية، على نبتة تسمى «العرفجة»، وهي تحتوي على حبوب اللقاح، وفيها مصدر بروتين وتكاثر النحل، وبعد ثلاثة أشهر من تغذية النحل بشكل كاف ينتقل النحل ليتغذى على نبتة «السمرة» و«السلم»، وهي التي يأتي عسلها بعد السدر، مشيرا إلى أن العسل يتوافر بشكل جيد هذه الأيام في المناطق الساحلية، بسبب وجود وتفتح الكثير من الأزهار التي يتغذى عليها النحل.

وأشار الخازم إلى أن العدو اللدود للنحل هذه الأيام في المناطق الساحلية هو «المبيدات الحشرية» التي ترشها الجهات المسؤولة هذه الأيام عن طريق «طائرات الرش»، وهي مشكلة سنوية، وزاد «النحل حشرة حساسة وتتأثر بشكل مباشر وسريع بالمبيدات الحشرية، وأي مبيد كيميائي يتسبب على الفور في قتل أسراب النحل».

وطالب في هذا السياق بالتنسيق المباشر بين النحالين والجهات المسؤولة عن أعمال الرش، وعدم تنفيذ تلك الأعمال إلا في أوقات معينة، مع ضرورة إنباء النحالين بالمناطق التي سيتم رشها مسبقا، لأنه لو صادفت عملية الرش تجمعات النحل فسيقضي عليها بالكامل. وحول حجم الخسائر التي تلحق بالنحالين جراء رش تلك المبيدات، أوضح رئيس جمعية النحالين أن المبيدات إن لم تقتل المناحل والخلايا فإنها تؤدي إلى ضعف الموسم على النحال، وتؤدي كذلك إلى فقده لأكثر من 50 في المائة من حجم إنتاجه، وهو ما يضعف في المجمل المعدل العام للإنتاج.

وفي ما يتعلق بثقة غالبية الناس في العسل المستورد من أوروبا وأستراليا أكثر من العسل المحلي، اعتبر أن اكتساب الناس الثقة في العسل المستورد جاء بسبب توافر الأزهار وعدد الخلايا الكبير في بلدان عدة، من بينها تركيا، حيث لا يحتاج النحل إلى السكر، على غرار ما يحدث في السوق المحلية، بحكم غلاء أسعار العسل، إذ يضطر معظم الباعة إلى التحايل والغش.

وحول دور الجمعية التعاونية في إثبات محاولات الغش في المناحل السعودية، قال الخازم «قدمنا استشارات في هذا المجال، ولدينا موقع إلكتروني تم تدشينه أخيرا، إلا أننا نتطلع إلى دور أكبر من وزارة الزراعة في الكشف عن المتلاعبين في تجارة العسل، وإلى إحداث فروع للوزارة في جميع المناطق، تحوي نحالين متخصصين للكشف عن أولئك التجار في مناطق تربية النحل». مضيفا «نحن نتعاون أيضا مع جميع وسائل الإعلام المختلفة، ونمارس دورا إرشاديا، وتوجد مناحل استرشادية ومتخصصون في هذا المجال، يساعدون الباحثين عن العسل الحقيقي».

وكشف رئيس جمعية النحالين أن «منطقة الباحة ستشهد إنشاء أول مختبر لجهة تعاونية تختص بالنحل في السعودية، ستعمل الجمعية من خلاله على الكشف عن أهلية العسل الموجود في السوق، ونسعى إلى إطلاق بادرة جديدة لجعل منطقة الباحة أول منطقة سعودية خالية من العسل المغشوش». وأكد أن سن قوانين للحد من تجارة العسل المغشوش أمر وارد «متى ما تعاونت وتضافرت جهود الجهات الحكومية المعنية».