300 طن مخزون السوريات من الذهب

ما زال «زينة وخزينة» للسوريين

TT

ارتفاع سعر الذهب لم يؤثر على مكانته لدى السوريين وفي عاداتهم، وما زال يشكل «زينة وخزينة» بالنسبة إليهم، رغم تبدل أنماط حياتهم مع انفتاح السوق في السنوات الماضية.

ويقول جورج صارجي، رئيس جمعية «الصياغة والمجوهرات» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «السوريين ما زالوا يشترون الذهب للادخار والزينة».

وبعدما قدر مخزون السوريات من المصاغ بنحو «300 طن من الذهب»، قال صارجي إن «سعر الذهب، ورغم ارتفاعه عالميا، يبقى أرخص في سورية، نظرا إلى انخفاض تكلفة الصياغة بالمقارنة مع الدول المجاورة».

وأشار إلى وجود مواسم لبيع الذهب، موضحا أن «البيع يكثر صيفا، نظرا إلى عودة المغتربين، وبخاصة المقبلين على الزواج، والذهب يحتل المرتبة الأولى بين الهدايا المقدمة».

من جهته، تحدث الصائغ لؤي حداد، الذي يدير متجرا في «سوق الصاغة» الشهيرة في دمشق عن تأثير ارتفاع أسعار الذهب على ذوق الناس، وتنوع الأذواق باختلاف الأسواق. وقال: «كان الذوق يميل سابقا إلى حجم المصاغ الضخم وإلى الحلي الكبيرة واللافتة للنظر والدالة على ثمنها الباهظ، أما اليوم فقد تغير المعيار».

وأضاف أن «ارتفاع الأسعار اليوم جعل من الصعب امتلاك القطع الكبيرة الحجم والثقيلة الوزن، فأصبح الناس يبحثون عن القطع الأصغر التي أصبحت على مر الأيام ذوقا سائدا». وتابع أن «أغلب المشترين يكترثون اليوم لشكل الحلية ولصياغتها».

لكن حداد قال إن «طبيعة المصوغات في الأسواق الشعبية تختلف عنها في الأسواق الحديثة»، موضحا أن «زبائن الأسواق الشعبية يميلون إلى المصوغات ذات الطابع التقليدي ذي الكلفة البسيطة والخالية من الأحجار الكريمة، بينما يميل زبائن الأسواق الحديثة إلى الذهب الأبيض والمرصع بالألماس والأحجار الكريمة التي تستوحي أشكالها من التصاميم الأجنبية».

من جهته، عزا الصائغ باسل دحدوح سبب هذا التغير في الأذواق إلى «الأثر الذي خلفه انفتاح السوق على جميع البضائع، إذ لم يعد بالإمكان ادخار المورد كما في الماضي وشراء الذهب».

وأضاف أن «بعض النساء يكتفين الآن بشراء القطع الصغيرة للزينة، ويبتعدن عن اقتناء القطع الضخمة للادخار»، موضحا أن «الأسواق الآن مفتوحة على كم هائل من البضائع الاستهلاكية التي تجذب الزبونة التي لم يعد بإمكانها ادخار المال الكافي وشراء الذهب بنفس الكمية التي كانت تشتريها في السابق».

وتابع أن المرأة «تميل أمام هذه المغريات إلى اتباع صيحات الموضة بشراء الملابس والمجوهرات التقليدية بدلا من ادخار الذهب».

وتقول سيدة كانت تبتاع مصاغا من أحد المحلات في سوق الصاغة: «بالنسبة إليّ يبقى المثل (خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود)، معاصرا اليوم أكثر من أي وقت مضى». وتضيف: «رغم المغريات الموجودة أفضّل شراء الذهب، لأنه يحتفظ بقيمته مع الوقت، وعندما أحتاج يوما ما إلى ثمنه ألجأ إلى بيعه». ويؤيد الصائغ مقولتها قائلا إن «زبونا اشترى مصاغا في 2005 بقيمة 87 ألف ليرة سورية (نحو 1850 دولارا)، إلا أنه عاد وباع المصاغ نفسه في أواخر 2009 بـ169 ألف ليرة (نحو 3600 دولار)، مما يعني أنه استفاد من المصاغ لمدة ثلاث سنوات، وباعه بعد ذلك بضعف ثمنه».

أما صفاء، التي تعمل موظفة في مصرف، فتقول «اعتدت شراء الذهب، لأنه يبقى رائجا وليس كالملابس، وكلما تمكنت من ادخار مال أشتري به قطعة ذهبية تكون كلفة مصاغها قليلة، وبذلك لا أخسر كثيرا عند بيعها».

وأشارت إلى أن ذلك أفضل «من ادخار المال لأنني لا أتمكن من الاحتفاظ بالمال لمدة كبيرة، إذ إن مغريات الشراء كثيرة، وهذه أفضل وسيلة لادخار المال».

ورغم ارتفاع أسعار الذهب، لم يتخلَّ المقبلون على الزواج وأسرهم عن عادة «التلبيسة»، أي إهداء العروس ذهبا حفاظا على التقاليد وعلى ماء الوجه.

وتقول سيدة ترافق ابنها لشراء هدية العروس «أختار خاتما وسوارا لأقدمهما هدية لخطيبة ابني»، مؤكدة أنها لن تتخلى عن تلبيسة العروس، «لأن ذلك تقليد لا يمكن الاستغناء عنه» وتضيف: «قد أضطر إلى التنازل قليلا في ما يتعلق بوزن وحجم المصاغ، إلا أنني لن أستغني عنه نهائيا، فهذا معيب».

ويؤكد الصائغ همام أن «الناس لم يتخلوا عن عادة شراء الذهب»، مشيرا إلى «حالات تكون فيها إمكانات المقبل على الزواج المادية محدودة فيأتي بطقم مقلد ليبحث عن خواتم مناسبة له».

ويضيف: «إلى الآن ما زال الذهب معيارا لتحديد مهر العروس، وإن قلت كميته بغلاء سعره»، مشيرا إلى «اختلاف المهر عن هدية العرس».

ويشير دحدوح من جهته إلى أن «الناس كانوا يشترون في السابق مصاغا للعروس بقيمة 250 ألف ليرة سورية (5500 دولار) على سبيل المثال تسمح لهم بشراء 6 سوارات، بينما لا يمكّنهم هذا المبلغ اليوم من شراء أكثر من 3 سوارات فقط».