مستثمر يتوقع انهيارا اقتصاديا في الصين

جيمس كانوس بنى واحدة من أكبر الثروات عبر التنبؤ بانهيار كثير من الشركات الضخمة منها «إنرون»

جيمس كانوس («نيويورك تايمز»)
TT

بنى جيمس كانوس واحدة من أضخم الثروات في وول ستريت عبر التنبؤ بانهيار شركة «إنرون» والشركات الأخرى الضخمة التي كان يصعب تصديق تلك الروايات بشأنها. والآن يعمل كانوس، المستثمر في صندوق تحوط ثري، على دحض أسطورة الشركة أضخم على الإطلاق وهي الصين. ففي الوقت الذي يراهن فيه العالم على اضطلاع الصين بمهمة مساعدة الاقتصاد العالمي في الخروج من الأزمة يحذر كانوس من أن اقتصاد الصين المفرط في النشاط يتوجه نحو الانهيار بدأ بالازدهار المدعوم الذي يتوقعه غالبية الاقتصاديين. فقطاع العقارات الصيني المندفع بقوة والمدعوم بطوفان من رأس المال المضارب يبدو مثل دبي 1.000 مرة بل وربما أسوأ، حتى إنه يتوقع أن بكين تعبث بتقارير للتظاهر بالوصول بمعدلات النمو إلى أكثر من 8%.

وقال في مقابلة على قناة «سي إن بي سي»: «قد يكون أفضل تعريف للفقاعات هو الإفراط في منح قروض لا إفراط التقييم. ولا يوجد إفراط في منح القروض أكثر من الموجود حاليا في الصين». ويخطط كانوس لإلقاء كلمة في وقت لا حق من الشهر الحالي في جامعة أكسفورد للتأكيد على وجهة نظره. لكن في الوقت الذي تشكل فيه الولايات المتحدة أبرز بائع على المكشوف - يراهن بأموال ضخمة على أن استراتيجية الشركات ستفشل - تبدو رواية كانوس مناقضة للاعتقاد الشائع بشأن الصين، حيث يتوقع كل الاقتصاديين والحكومات أن يستمر زخم النمو في الصين هذا العام يعززه في ذلك ما تبقى من برنامج الحوافز الحكومي الذي بلغ 586 مليار دولار والذي بدأ العام الماضي وهو ما يعني رفع الصادرات والاستهلاك بين الصينيين.

بيد أن الرهان ضد الصين لن يكون سهلا، لأن الأجانب ممنوعون من الاستثمار في البورصات المدرجة داخل الصين. وقال كانوس إنه يبحث عن سبل أخرى لتأكيد رهاناته، بما فيها التركيز على الإنشاءات والبنية التحتية المتعلقة بالشركات التي تبيع الأسمنت والفحم والصلب وخام الحديد.

كانوس، الذي يبلغ من العمر 51 عاما، صاحب صندوق «كينيكوس أسوشيتس» الذي يتخذ من نيويورك مقرا له والذي يدير ستة مليارات دولار، قد لا يكون المتشكك الوحيد بشأن الصين، لكنه دون شك الأكثر شهرة والأعلى صوتا.

ومع كل التوقعات المستقبلية التي يتمتع بها - إضافة إلى توقع انهيار شركة «إنرون» وتوقعه اقتراب مشكلات «تايكو إنترناشيونال» وسلسلة مطاعم «بوسطن ماركت» وبعض شركات العقارات وأضخم البنوك في العالم - يقول منتقدوه إنه لا يعلم سوى القليل أو ربما لا شيء على الإطلاق عن الصين أو اقتصادها وأن صرخاته التحذيرية يجب تجاهلها. ويقول جيم روغرز الذي شارك في تأسيس صندوق كوانتم فاند مع جورج سوروس ويعيش في الوقت الحالي في سنغافورة: «أجد من الشائق أن يصبح الأشخاص الذين لم يكن بمقدورهم تهجي اسم الصين قبل عشر سنوات أن يصبحوا خبراء بشأن الصين. لكن الصين ليست في فقاعة». ويعترف رفاق كانوس بأنه لم يشرع في دراسة الاقتصاد الصيني بحماسة إلا الصيف الماضي وأرسل الكثير من رسائل البريد الإلكتروني يطلب فيها آراء الخبراء. لكنه يرى أدلة متزايدة على أن خطة التحفيز الصينية والقروض البنكية الضخمة تشكل طلبا زائفا ما يرفع المخاطر بحدوث موجة من القروض غير الفاعلة. وقال جيم غرانت، صديق ومحرر مجلة «غرانتس إنترست ريت أوبزرفر» والمتشائم أيضا بشأن الصين: «يبدو أنه يتنبأ بالتجاوزات للسلطة الثالثة والرابعة التي كان يهاجمها كل تلك العقود. فهو يقصد التجاوزات في الأسواق والأرباح منها، فقد كانت تلك أسهمه وتجارته».

وقد رفض كانوس إجراء مقابلة معه متعللا بمواصلة أبحاثه بشأن الصين، لكنه يقوم بالفعل على نشر وجهة نظره بأن معجزة الصين تعمي المستثمرين إلى حد المجازفة وأن البلاد تنتج أكثر مما ينبغي.

وحذر في مقابلة أُجريت معه في نوفمبر (تشرين الثاني) لموقع بوليتكو من أن: «الصينيين في خطر إنتاج كميات ضخمة من البضائع والمنتجات التي لن يتمكنوا من بيعها».

وفي مقابلة له في ديسمبر (كانون الأول) مع قناة «سي إن بي سي» ناقش كيف بدأ في البيع على المكشوف أملا في الاستفادة من انهيار الصين.

وكان عدد كبير من المحللين وبعض المسؤولين الصينيين قد حذروا خلال الشهور الأخيرة من احتمال ظهور فقاعة الأصول في الصين، إذ ضخ برنامج التحفيز الضخم والإقراض البنكي في البلاد الذي تشير التقديرات إلى وصوله إلى الضعف تقريبا العام الماضي عن عام 2008، ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد، وهو ما يعني إعادة انتعاش النمو. لكن بعض المحللين الآن يقولون إن المال إضافة إلى التدفقات الأجنبية الضخمة من رأس المال المضارب تم توجيهها إلى أسواق الأسهم والعقارات. وأشاروا إلى أنه نتيجة لذلك ارتفعت الأسعار وعاد البناء لينتعش من جديد الذي كان قائما في عام 2008، والذي سماه كانوس وآخرون إسرافا وإفراطا.

وقال غوردون تشانغ الذي حذر في كتابة «الانهيار القادم للصين» من وقوع تلك الكارثة: «ستكون أزمة كبيرة». ويقول أصدقاء وزملاء كانوس إنه يراهن بثقة ضد الجميع حتى إن كان من بينهم شخصيات مثل وارن بافت وويلبر إل روس اللذين يعدان شخصيتين بارزتين في عالم الاقتصاد.

يُجري كانوس، المتوقع المعاكس، أبحاثه على الشركات ويدرس الاكتتاب العام لاستبعاد المعلومات المحاسبية المخادعة والمضللة ومن ثم يقرر إذا ما كانت الأسهم تم فحصها بعناية ومستعدة للسقوط. ويتوافر لدى كانوس طاقم عمل مؤلف من 26 موظفا في مكاتب الشركة في نيويورك ولندن يبحثون عن المعلومات المتعلقة بالصين.

وقال بايرون واين نائب رئيس شركة بلاكستون للخدمات الاستشارية إن «سجله رائع لكنه مشعوذ لا يمكن الوثوق به، وأنا متفائل بشأن الصين». كانوس الذي نشأ في ميلووكي هو أحد ثلاثة أبناء وُلدوا لمالك سلسلة محلات للتنظيف الجاف. والتحق بجامعة يال لدراسة الطب لكنه تحول إلى دراسة الاقتصاد بسبب ما وصفه بالشغف بالصورة التي تعمل بها السوق.

وقد اكتشف فلسفته الموجهة في كتاب يدعى «المستثمر في الاتجاه المعاكس» بحسب رواية عن حياته في كتاب «أذكر الرجال في الغرفة» الذي يؤرخ لنهضة «إنرون» وسقوطها. بعد التخرج في الجامعة عمل في وول ستريت حيث عمل لدى عدد من شركات سمسرة المنازل قبل أن يبدأ شركته الخاصة عام 1985 نتيجة لما سماه الإحباط من الطريقة التي يروج بها سماسرة وول ستريت الأسهم. وقد كوّن في كينكوس أسوشيتس شركة تركز على المراهنة على أسعار الأسهم الهابطة. وقد لخصت نظرياته في شهادته التي قدمها أمام لجنة الطاقة بمجلس النواب الأميركي عام 2002 بعد معضلة «إنرون». وقال عن شركته إنها تبحث عن الشركات التي يبدو أنها تمت المبالغة في تقييم دخولها مثل «إنرون» والتي كانت ضحايا لخطة عمل معيبة مثل الكثير من شركات الإنترنت أو تورطت في عملية احتيال صريح.

وأشار إلى أن النظر بصورة سيئة إلى البائعين على المكشوف في وول ستريت وماين ستريت كان أمرا يقلقه على الدوام. فقد أُلقيَ اللوم على البائعين على المكشوف في تكثيف مبيعات السوق في خريف 2008 قبل أن يتم حظر هذه الممارسة بصورة مؤقتة. ويحاول المنظمون الآن تقرير ما إذا كانوا سيقيدون هذا النوع من الأعمال أم لا. غالبا ما يردّ كانوس على منتقدي البيع على المكشوف بالإشارة إلى الدور المعياري الذي لعبوه في إبراز مشكلات «إنرون» وبوسطن ماركت والكوارث المالية الأخرى عبر السنوات.

وقال: «إنهم في الأغلب أولئك الأشخاص الذين يقومون بدور الأشخاص الطيبين عندما يتعلق الأمر بالبحث عن الأشخاص السيئين وتحديدهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»