مرتكبو حادث نجع حمادي بصعيد مصر يسلمون أنفسهم

الأنبا كيرلس: المجرمون مستأجرون لقتل المسيحيين على خلفية أحداث فرشوط

TT

سلم المتهمون بارتكاب مذبحة أمام كنيسة في مدينة نجع حمادي، جنوب مصر، أنفسهم للشرطة، أمس. في غضون ذلك، أدانت الجماعة الإسلامية في مصر الاعتداء، في بيان صدر عنها أمس.

وقتل في هذا الحادث، الذي أطلق فيه مسلحون النار من سيارة على مجموعة من الأقباط كانت خارجة لتوها من مراسم أعياد الميلاد بمطرانية الأقباط، أول من أمس، 7 أفراد، بينهم 6 مسيحيين وشرطي مسلم كان مكلفا بالحراسة، بينما أصيب فيه 9 آخرون.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية توصلها لثلاثة متهمين بارتكابهم الجريمة، مشيرة إلى أنهم سلموا أنفسهم طواعية للأمن. وقال بيان صادر عن الوزارة، تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نتيجة لإحكام أجهزة الأمن الحصار على المنطقة الزراعية بين مركزي فرشوط ونجع حمادي، وإغلاق طريق الهروب المؤدي إلى الجبل الغربي، وتضييق الخناق على المتهمين، قام صباح اليوم (أمس) كل من محمد أحمد حسن الكموني، وقرشي أبو الحجاج محمد علي، وهنداوي السيد محمد حسن، بتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن»، وأخضعتهم النيابة العامة للتحقيق الفوري.

وقالت الشرطة إن المتهمين الثلاثة اعترفوا في تحقيقات النيابة بارتكابهم للجريمة، فتقرر حبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيق.

وكان النائب العام المصري، المستشار عبد المجيد محمود، قد انتقل، صباح أمس، إلى نجع حمادي، وأجرى معاينة للحادث، كما أشرف على التحقيقات بعد أن سلم المتهمون أنفسهم، وأمر بسرعة استكمال التحقيقات، لمعرفة ظروف الحادث وملابساته، من أجل تقديم المتهمين إلى محاكمة جنائية عاجلة.

واستمعت نيابة سوهاج لأقوال ستة من المصابين في الحادث، وهم: شنودة منير (20 عاما)، وإبرام ميشال (17 عاما)، وجوزيف صومائيل (19 عاما)، ووجدي شنودة (25 عاما)، وأبانوب نشأت (18 عاما)، وكيرلس وجيه (16 عاما).

وأوضح الدكتور محمد علم الدين، مدير مستشفى سوهاج الجامعي، أن الحالات الصحية لجميع المصابين مستقرة، وأنهم يتماثلون للشفاء.

من جانبه، قال اللواء عدلي فايد، مساعد أول وزير الداخلية للأمن العام، إن الوزارة بذلت جهودا مكثفة لتحديد الجناة، كما تمت مطاردتهم في الأماكن التي توجهوا إليها، في منطقة تقع ما بين نجع حمادي وفرشوط، وهي عبارة عن منطقة زراعية بها مساحات كبيرة من زراعات القصب، متاخمة لمنطقة جبلية.

وأشار فايد إلى أن شهود عيان قاموا بتحديد هوية المتهمين، وأكدوا التحريات التي قامت بها الأجهزة الأمنية، لافتا إلى أن التحريات لم تتوصل إلى وجود شركاء للمتهمين في الحادث، بالإضافة إلى أن اعترافات المتهمين أيضا لم تشر إلى وجود شركاء آخرين لهم.

كما شدد اللواء محمود جوهر، مدير أمن قنا، على عودة الأمور لطبيعتها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المتهمون الثلاثة سلموا أنفسهم دون مقاومة، والمدينة تشهد هدوءا تاما، وقد عادت الأمور لطبيعتها».

وفي السياق ذاته، قال اللواء مجدي أيوب، محافظ قنا، إن الهدوء قد عاد إلى مدينة نجع حمادي، وجميع القرى والنجوع التابعة لها، مشيدا بالجهود التي بذلتها، وتبذلها، كافة الجهات والمؤسسات الدينية والسياسية والأمنية لاحتواء هذه الواقعة، مشيرا إلى أن وفدا من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، والمجالس المحلية والشعبية، والحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، قد قدم واجب العزاء إلى مطران نجع حمادي داخل المطرانية.

وفند الأنبا كيرلس، أسقف نجع حمادي، الشكوك التي أبداها البعض عن إمكانية عدم تورط الموقوفين في الجريمة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من قبض عليهم الأمن مستأجرون من قبل أطراف على علاقة بأحداث فرشوط.. البعض قال لهم: نفذوا جريمتكم، وسنخرجكم من القضية زي الشعرة من العجين.. ».

وكانت مدينة فرشوط، القريبة من نجع حمادي بمحافظة قنا، قد شهدت صدامات طائفية منذ شهرين، إثر اتهام شاب مسيحي باغتصاب طفلة مسلمة عمرها 12 عاما، وتم على أثرها تدمير محلات تجارية للمسيحيين.

ولفت كيرلس إلى أن الأوضاع قد هدأت تماما، أمس الجمعة، في نجع حمادي، بعد وجود مكثف للأمن، مضيفا «بعد اجتماعي مع القيادات الأمنية، قلت لأعضاء مجلسي الشعب والشورى: أنتم من تستطيعون فرض الأمن.. لو اجتمعتم بالعائلات، واتفقتم مع كبارها على تهدئة الأمور».

وقال كيرلس إن الأمر الآن بيد القضاء، وستظهر الحقائق كاملة خلال أيام. لكن القس بيمن بهيج، راعي كنيسة مار يوحنا التي تبعد عن مكان المطرانية التي شهدت الحادث نحو 200 متر، شدد على أن «النيران لا تزال تحت الرماد»، وأن الهدوء يرجع فقط لوجود الأمن بكثرة.

وأشار بهيج إلى أن أغلب مسيحيي نجع حمادي تغيبوا عن الصلاة في الكنائس، صباح أمس، بسبب الخوف من الاعتداءات، خاصة أن المحلات قد نهبت قبل الصلاة بساعات أثناء الليل.

وقال بهيج إنه تلقى أنباء من كاهن تفيد تحرك بعض الأهالي الغاضبين من خارج نجع حمادي للهجوم على مسيحييها، لكن وجود الأمن بكثرة يمنع حدوث الصدامات.

وبحسب بهيج، فإن المتهم الأول بارتكاب الحادث مشهور بين أهالي نجع حمادي بالبلطجة، ويستأجره بعض مرشحي مجلس الشعب لحماية مقراتهم، وهو يملك من الجرأة ما يتيح اعترافه بالجريمة، لو كان هو مرتكبها.

على الجانب الآخر، أدان المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر جريمة الاعتداء على المسيحيين في نجع حمادي، وعبر رئيسه، الدكتور بطرس غالي، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، عن تعاطفه مع أسر الضحايا والمصابين، معلنا التضامن مع حملة لكل المصريين لرعاية أسر ضحايا العنف، أيا كان مصدره.