مصادر إسرائيلية: مستوطنون ينفذون جريمة بحق الفلسطينيين والجيش لم يحرك ساكنا

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية يحاول إقناع نتنياهو بالتعاون مع نتائج تقرير غولدستون

TT

في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأميركية مساعدة إسرائيل على الخروج من المأزق الذي وضعها فيه تقرير لجنة غولدستون حول جرائم الحرب التي ارتكبتها إبان حربها العدوانية على قطاع غزة، كشف النقاب أمس عن جريمة جديدة، حيث أعلنت منظمات حقوق الإنسان أن الجيش والشرطة الإسرائيليين أغلقا ملفات التحقيق مع المستوطنين الذين نفذوا مذبحة في قرية عصيرة القبلية القريبة من مدينة نابلس. وكانت هذه الجريمة قد نفذت في 13 سبتمبر (أيلول) 2009. حين دخل شاب فلسطيني من قرية عصيرة القبلية قضاء نابلس إلى مستوطنة يتسهار القائمة على أراضيها وأشعل النار في أحد البيوت الفارغة ثم طعن فتى يهوديا بالسكين. ورد المستوطنون بهجوم شرس على القرية، وراحوا يعتدون على كل من يصادفونه فيها وحطموا نوافذ البيوت والسيارات وكسروا أنبوب المياه الرئيسي وقطعوا المياه عن القرية وقذفوا عدة قنابل فلفل داخل البيوت وأطلقوا الرصاص باتجاه عدد منها.

وتمكنت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية «بتسيلم» من توثيق قسم من هذا الاعتداء بشريط فيديو صورته إحدى الفتيات في القرية. وكشفت فيه أن الجيش الإسرائيلي، المسؤول عن الأمن في المنطقة، شاهد هذا الاعتداء من بداياته ولكنه لم يحرك ساكنا لمنعه. بل وقف الجنود يتفرجون وقتا طويلا. فتوجهت المنظمة مع حركة سلام أخرى مؤلفة من رجال دين يهود معتدلين تدعى «يوجد عدل»، بطلب التحقيق في هذا الاعتداء، الذي اعتبرته مذبحة ضد الفلسطينيين. وبدأ التحقيق فعلا، ولكنه انتهى بلا نتيجة. وأغلقت الملفات ضد المجرمين. وفي تحقيق صحافي أجرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ونشرت نتائجه أمس، تبين أن التحقيقات الرسمية كانت سطحية وصورية. وغير جادة. وأن السلطات الإسرائيلية غطت عمليا على هذه الجريمة، وأضافت ملفا آخر من ملفات جرائم الحرب إلى رصيدها. يذكر أن إسرائيل تواجه مأزقا كبيرا بسبب تقرير لجنة غولدستون الصادر عن المجلس العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي يتهمها بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية إبان الحرب العدوانية على قطاع غزة. وكشف النقاب في تل أبيب، أمس، أن الحكومة الإسرائيلية تنوي التعاقد مع سبعة من كبار المحامين في العالم، ليدافعوا عن ضباطها ومسؤوليها أمام المحاكم الأوروبية ليحولوا دون اعتقالهم بسبب تلك الجرائم وغيرها. وحسب التقديرات في وزارة القضاء الإسرائيلية فإن هناك 35 شخصية يهودية تواجه خطر الاعتقال في عدة دول، مثل بريطانيا وإسبانيا، بينها رئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ورئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي، وضباط آخرون. وهناك شخصيات أخرى متهمة بقضايا أخرى قبل حرب غزة، مثل قادة الحرب على لبنان والقادة المسؤولين عن اغتيال صلاح شحادة، القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس. وفي السياق ذاته، وصل إلى إسرائيل، أمس، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون حقوق الإنسان، مايكل فوزنر، للبحث في سبل إنقاذ إسرائيل من مأزق غولدستون. وفوزنر مثل غولدستون، رجل قانون يهودي من أنصار حقوق الإنسان. ويذكرون له في إسرائيل أنه قام بجمع تبرعات سخية لتمويل منظمة «بتسيلم» المذكورة أعلاه. وعرف عنه التأييد الكبير لإسرائيل، ولكن من باب «الحرص عليها كدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتحاكم العناصر الإسرائيلية التي لا تحترم حقوق الإنسان».

وحسب مصدر مقرب من فوزنر، فإنه جاء لمساعدة إسرائيل وليس ضدها. وهو يحمل ملفات حول مقتل 773 فلسطينيا في غزة خلال الحرب، يعتقد أنهم أبرياء. ويريد إجراء تحقيق يوضح ظروف مقتلهم ويخرج إسرائيل من قفص الاتهام بشأنهم. وقال هذا المصدر إن هناك مشكلة كبرى لإسرائيل تتعلق بخمس حالات، تبدو فيها تهمة ارتكاب جريمة حرب راسخة ويمكن إثباتها. وهو سيحاول إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإجراء تحقيق قضائي جاد بشأنها ومحاكمة المسؤولين عن ارتكابها، مؤكدا أن تحقيقا نزيها بشأن هذه الحالات سينجي إسرائيل من التهمة. وسيجهض تقرير غولدستون. ونقل عن فوزنر قوله إن تقرير غولدستون يعاني من ضعف شديد في العديد من اتهاماته لإسرائيل. ولكن هذا لا يعني أنه غير نزيه. وفيه عدة براهين جادة على ارتكاب جرائم حرب من طرف جيشها وكذلك من طرف حماس. والسبيل الوحيدة لإخراج إسرائيل من قفص الاتهام وإبقاء حماس في هذا القفص يكمن في إجراء تحقيق حول الحالات الخمس واستنفاذ الإجراءات القضائية بشأنها حتى النهاية.