لبنان «قلق» بعد ضمه للائحة الدول التي تشكل مخاطر أمنية.. ومصادر غربية تتحدث عن مخاوف من «نفوذ» حزب الله

مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط»: إجراءاتنا شملت شركاء يجهدون لتحسين المعايير الأمنية

TT

يعيش لبنان هاجس «التشدد الدولي» إزاء مواطنيه في الخارج، بعد اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات تتضمن «التفتيش اليدوي» للأمتعة، وإجراءات مشددة بحق المواطنين اللبنانيين والقادمين من مطار بيروت، وهو إجراء ربطته مصادر غربية بـ«نشاطات إرهابية» على الأراضي اللبنانية في ضوء التقارير المتوالية عن دخول عناصر من «القاعدة» إلى المخيمات الفلسطينية قادمين من دول عربية، بالإضافة إلى «الوجود القوي» لـ«حزب الله» الذي ترى فيه الولايات المتحدة «منظمة إرهابية». وأبدت المصادر قلقها من «النفوذ الموجود للحزب في المؤسسات الأمنية اللبنانية وفي المطار وغيرهما».

وما يزيد الأمور تعقيدا هو معلومات غير مؤكدة بعد عن نية فرنسية وبريطانية وألمانية للقيام بخطوات مماثلة. وقد أكد مصدر دبلوماسي فرنسي في بيروت لـ«الشرق الأوسط» وجود «إجراءات جديدة» في ما يتعلق بأمن المطارات الفرنسية، لكنه نفى وجود «بلدان محددة» على اللائحة ومن ضمنها لبنان. وقال المصدر إن فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية في مطاراتها، وهي طلبت رسميا من دول الاتحاد الأوروبي المزيد من التعاون في ضمان أمن الرحلات الجوية، لكنها لم تحدد بلدانا معينة لإخضاع مواطنيها لإجراءات تفتيش استثنائية.

وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن أي إجراءات محددة لم تُتخذ في ما خص المسافرين من لبنان إلى بريطانيا، مشيرا إلى أن بريطانيا تتبع نظاما شديد الصرامة في ما يتعلق بأمن الركاب والرحلات الجوية القادمة إليها والمغادرة منها يفوق المعايير التي يوصي بها الاتحاد الأوروبي. وقال: «أمن الركاب وطواقم الطائرات هو أولوية بالنسبة إلينا، ونحن نراجع دوريا الإجراءات المتخذة لمواجهة الإرهاب الدولي»، مشددا على أن لندن سوف تستمر في إجراءاتها، كما في النظر في أي متطلبات ومعايير إضافية لحفظ أمن المطارات والمسافرين بعد الحادثة الأخيرة التي حصلت في الولايات المتحدة.

وقال مسؤول الإعلام في السفارة الأميركية في بيروت ريان كليهان لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات أمنية في ما يتعلق بالرحلات التجارية لضمان سلامة وأمن كل الركاب القادمين إليها، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات «وقائية» وتهدف إلى حماية الركاب من كل الجنسيات، موضحا أن إدارة النقل الأميركية طبقت معايير جديدة على الركاب الذين يحملون جوازات سفر أصدرت من دول معينة أو يأتون إليها عبر مطارات ومرافئ هذه الدول.

وأوضح كليهان أن بعض هذه البلدان موضوع على لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهي إيران وسورية وكوريا الشمالية والسودان، بعد أن تم اعتبارها «مصادر محتملة لإرهابيين يستهدفون المواطنين الأميركيين»، مشيرا إلى أن «الكثير من الدول الأخرى التي سيخضع مواطنوها للإجراءات الجديدة هي دول نعتبرها شركاء أقوياء يعملون جاهدين على تغيير الظروف الأمنية التي تتهدد المسافرين بين الولايات المتحدة ودولهم المحترمة. ونحن سوف نواصل العمل مع شركائنا على العمل على تحسين الأوضاع الأمنية، على المستويين المحلي والدولي». وأشار إلى أن بلاده ترحب بالمسافرين الشرعيين القادمين إليها، لكنها في الوقت نفسه حريصة على ضمان أمن جميع المسافرين. ورفض كليهان الإجابة عن سؤال عن ارتباط الإجراءات الأميركية بما تردد عن «تزايد نشاطات المنظمات الإرهابية في لبنان»، معتبرا أن هذه الإجراءات اتخذت بعد حادثة محددة حصلت خلال فترة الأعياد، وهي محاولة تفجير طائرة بين هولندا والولايات المتحدة.

وأبدى الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس قلقه إزاء التدابير التي أعلنت الإدارة الأميركية أنها تنوي اتخاذها حيال المسافرين إليها من دول عدة ومن بينها لبنان، مشددا على أن «الإجراءات الأمنية المتخذة في المطار جيدة، وأن لبنان ينعم بأجواء الهدوء والاستقرار الأمني، وهو أثبت بإمكاناته الموجودة أنه الأنجح بين الدول في مكافحة الإرهاب»، مشيرا إلى أنه طلب من السفير اللبناني في واشنطن متابعة الموضوع ونقل وجهة النظر وقلق اللبنانيين إزاء هذا التوجه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى موضوع الحريات الإعلامية.

وخلال استقباله النائب الأميركي آلسي هاستينغز مع وفد من الكونغرس الأميركي، في حضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ميشيل سيسون، جدد سليمان تأكيده الحرص على الحريات الإعلامية والدفاع عنها، لافتا إلى أنه «أعطى التوجيهات اللازمة لوزير الإعلام لمتابعة هذا الموضوع عبر القنوات الملائمة». كما نوه سليمان بـ«جهود الأجهزة العسكرية والأمنية في توقيف أحد الإرهابيين من مسؤولي تنظيم (فتح الإسلام) ليل أول من أمس، واكتشاف وثائق ودلائل تشير إلى العزم على القيام بأعمال إرهابية جديدة».

الى ذلك أرسل رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة إلى رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، استغرب فيها إصدار مجلس النواب الأميركي «قانونا عابرا للحدود والقارات والمجتمعات والدول بينها لبنان يتعلق بمعاقبة الأقمار الاصطناعية التي تبث من خلالها محطات تلفزيونية فضائية مواد إعلامية بدعوى أنها تسبب الكراهية وتحرض ضد بلدكم».

ورأى بري أن هذا القانون «يشكل تجاوزا للقوانين الوطنية السيادية للدول المقصودة ومن بينها لبنان الذي يشكل منبرا حرا لمؤسسات الرأي العام الإعلامية الفضائية اللبنانية والعربية، خصوصا أن قانون الإعلام المرئي والمسموع في لبنان يمنع أساسا بث مواد إعلامية تؤدي إلى إثارة الغرائز، وضمنا الكراهية، أو مواد تحريضية تؤدي إلى الخلاف بين لبنان وسائر الدول والحكومات». وقال «إن جميع وسائل الإعلام التي تتخذ من بلدنا منطلقا لها تعرف وتقدر حرص لبنان على بناء أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية التي تستقبل جالية أميركية كبيرة من أصل لبناني. إلا أن القوانين الأميركية نفسها، كما القوانين اللبنانية، تؤكد احترام حرية التعبير التي تشكل أول الحقوق المقدسة للإنسان، والتي تمكنه من الاعتراض ورفض وإدانة السياسات الخارجية للدول، تلك السياسات التي تؤدي إلى الإضرار بمصالح الدول والشعوب والأفراد وحقوقها».

ورأى بري أن هذا القانون «يشكل انتقاصا من سيادتنا وسيادة الكثير من الدول، ومساسا بمبدأ الحرية وحرية التعبير والحقوق المدنية، ويؤدي إلى زيادة تعقيد العلاقات، ويسيء إلى صورة بلدكم الذي نريده مضيئا على تل والذي نريد لصورته أن تكون ناصعة وأنموذجا لتغليب المبادئ على المصالح».