مغربي يضرب عن الطعام احتجاجا على رفض طلبه اللجوء السياسي في إسبانيا

منظمات حقوقية تساند الحداد بعد تبرئته من المشاركة في تفجيرات قطارات مدريد

TT

يخوض محمد الحداد، وهو مغربي برأه القضاء الإسباني من المشاركة في حادثة تفجير قطارات في مدريد عام 2004 الإرهابية، في إضراب عن الطعام منذ عشرة أيام، احتجاجا على رفض السلطات الإسبانية قبول طلب اللجوء السياسي الذي قدمه لها، ومطالبته بالعودة إلى المغرب.

وكان التعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال مكافحة الإرهاب قد تكثف في أعقاب اكتشاف ضلوع مغاربة في تفجيرات قطارات مدريد التي أودت بحياة 191 شخصا. واعتبرت جمعيات حقوقية أن هذا الحداد ضحية لسياسة مكافحة الإرهاب. وقال محمد الحداد لـ«الشرق الأوسط» إن سببه إضرابه عن الطعام مرده إلى رفض السلطات الإسبانية ملف اللجوء السياسي الذي قدمه لها، إذ اعتبره يتوفر على كل الوثائق والإجراءات لقبوله، وهو ما كان سيسمح له بالحصول على البطاقة الصفراء لزيارة عائلته في إسبانيا.

وأضاف الحداد أنه طعن أيضا في قرار أصدرته السلطات الإسبانية يدعوه إلى مغادرة التراب الإسباني والعودة إلى المغرب، في حين أنه يتمسك بحرية اختيار البلد الذي يشاء اللجوء إليه، على أساس أن المغرب لم يطالب له بحقوقه من الدولة الإسبانية، ولأنه لم يستطع الاندماج وممارسة حقوقه الدستورية، خاصة الترشح في الانتخابات المحلية، إذ إنه ما زال في نظر السلطات المغربية متهما بقضايا الإرهاب، لهذا طلب الحداد من السلطات الإسبانية إنصافه، لأنها هي التي اتهمته بجريمة الإرهاب.

وكان بيان لعائلة محمد الحداد أعلن أن الحداد دخل في إضراب عن الطعام منذ 22 ديسمبر (كانون الأول) من السنة الماضية، بمقر اللاجئين في مدينة سبتة (شمال المغرب) الخاضعة للسلطات الإسبانية، وذلك لمعاناته التي تشرف على عامها السادس، إذ اعتبر البيان أن حداد تعرض لحملات شرسة من طرف الإعلام الإسباني خصوصا اليميني وسياسييه، الذين استغلوا قضيته أبشع استغلال للضغط على الحكومة، وتصفية حساباتهم السياسية على حساب سمعته، وبشكل - يضيف البيان – يجعل اسمه «لا يزال لصيقا بأحداث 11 مارس (آذار) وبتهمة الإرهاب».

كما أوضح البيان أن السلطات المغربية اختطفت محمد الحداد يوم 17 من الشهر نفسه، بعد أن كان يقضي عطلته في المغرب، رغم نفيها ذلك، وتأكيدها عدم علمها بمصيره، وأنه بعد 45 يوما من البحث عنه من طرف عائلته المؤازرة من طرف جمعيات حقوقية، تم الإفراج عنه، بعد أن كان محتجزا، حسب البيان دائما، في المعتقل السري لـ«تمارة» في العاصمة الرباط.

وكشف البيان أنه رغم أن السلطات المغربية أطلقت سراحه، فإنه ظل عرضة للتحقيقات المخابراتية، إلى أن تمت تبرئته من تهمة الإرهاب بعد تحليل للحمض نووي، كما حجز جواز سفره، وهو ما حرمه من الدفاع عن براءته في إسبانيا ومن العيش رفقة زوجته وأبنائه، إذ لم يعد له جواز سفره، كما يؤكد البيان، إلا بعد أسبوع من نهاية صلاحية إقامته الدائمة في إسبانيا. وكشف البيان أن محمد حداد اجتمع بالقنصل الإسباني في تطوان (شمال المغرب)، لإيجاد حل لوضعه الاستثنائي، خاصة أن قانون الهجرة الإسباني يمنح الحق في تجديد بطاقة الإقامة 90 يوما بعد انقضاء مدة صلاحيتها، لكن القنصل الإسباني حسب البيان حرمه من هذا الحق وطلب منه تقديم طلب التأشيرة لزيارته عائلته في إسبانيا، وهو ما استجاب له حداد وقدمه داخل المدة القانونية لتمديد إقامته، لكن كان مصيره الرفض.

كما أضاف البيان أن الحداد تعرض لمضايقات رجال المخابرات المغربية، بعد أن تقدم بترشيحه في الانتخابات الجماعية، التي جرت في شهر يونيو (حزيران) من السنة الماضية، لإرغامه على سحب ترشيحه، بحكم أنه سبق اتهامه في قضية للإرهاب. لهذا، طالب الحداد، حسب البيان، باللجوء السياسي إلى السلطات الإسبانية في سبتة يوم 13 يونيو من السنة الماضية، إذ عولج ملفه بشكل استثنائي ولم تسلم له البطاقة الصفراء التي تسمح لطالبي للجوء، حرية التنقل في التراب الإسباني، وبعد انتظار دام ستة أشهر رفض طلبه يوم 2 ديسمبر من السنة الماضية، في وقت يقول البيان إنه تزامن مع حالة انشغال الصحافة المحلية والدولية بإسقاط الجنسية عن الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر، إذ عللت السلطات الإسبانية قرارها، كون الحداد كانت له علاقة بشخص يمثل خطرا على أمن إسبانيا، وهو ما اعتبره البيان تنافيا مع حكم القاضي «ديل أولمو» الذي أكد براءته من هذه التهمة.

ومن جهة أخرى، قالت خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن محمد حداد ضحية لسياسية مكافحة الإرهاب في إسبانيا والمغرب، وإنه ما زال يدفع ثمن هذه التهمة رغم أن القضاء الإسباني برأه منها، مؤكدة أنهم في الجمعية راسلوا رئيس الحكومة الإسبانية عبر سفارة بلاده الموجود في المغرب، من أجل السماح له بالعودة إلى الديار الإسبانية.

وأضافت الرياضي أن قرار حداد بطلب اللجوء السياسي والدخول في إضراب عن الطعام، جاء نتيجة لقرارات تعسفية مارستها عليه السلطات المغربية، منها حرمانه من جواز سفره، مشيرة إلى أنه لا يزال مهددا بأن تمارس عليه انتهاكات جديدة في ظل غياب أي تحقيق حول عملية الاختطاف التي تعرض لها في المغرب. واتصلت «الشرق الأوسط» بالسفارة الإسبانية بالعاصمة الرباط لمعرفة موقفها حول هذه القضية، إلا أن الجواب كان أنه ليس لدى السفارة ما تقوله في هذا الموضوع.