أوروبا: نهج جديد لمعالجة الحالة الأمنية للطيران

نشر الماسحات الضوئية في المطارات

طفل يرفع يديه أمام جهاز المسح الضوئي في مطار سخيبهول في هولندا (رويترز)
TT

بعد أسبوعين على محاولة النيجيري عبد المطلب تفجير طائرة «نورث ويست» الأميركية، في رحلتها من أمستردام إلى ديترويت، قررت فرنسا البدء في الأيام القليلة القادمة في اختبار استعمال أجهزة الماسحات الضوئية في مطاري العاصمة الرئيسيين «أورلي» (جنوب باريس) و«رواسي شارل ديغول» (شمالها).

وأعلن وزير الدولة لشؤون النقل، دومينيك بوسيرو، الذي أذاع الخبر أمس، أن أجهزة الماسحات الضوئية التي ستركب في الأسبوعين القادمين «ستخصص في المرحلة الأولى لتفتيش المسافرين المتجهين إلى الولايات المتحدة الأميركية في بعض الرحلات الحساسة» التي لم تعين اتجاهاتها بالضبط، وحرص الوزير الفرنسي على تأكيد أن استخدام الأجهزة في المرحلة الأولى هو «اختباري»، ويعود السبب في ذلك إلى أن رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، طلب الثلاثاء الماضي خلال اجتماع كرس لدراسة أمن المطارات والنقل الجوي، تشكيل لجنة أمنية فنية يتعين عليها تقديم توصيات خلال مهلة قصيرة لا تتجاوز نهاية الشهر الحالي بخصوص أجهزة الماسحات الضوئية والتدابير الوقائية الإضافية. وقد بدأت اللجنة أعمالها هذا الأسبوع. لذا لن تقر وزارتا الداخلية والنقل، بالتعاون مع هيئة مطارات باريس وهيئة الطيران المدني أي إجراءات «نهائية» إلا بعد أن تكون اللجنة قد أصدرت توصياتها. وفي انتظار ذلك، سيتم في مرحلة أولى تركيب ستة أو سبعة أجهزة، علما أن فرنسا قامت بتجريب أجهزة الماسحات الضوئية في أواخر عام 2008 في مطار «نيس» الدولي. وعمدت باريس إلى تشديد الإجراءات الأمنية في مطاراتها. وأكد وزير الداخلية، بريس هورتفو، أن كل المسافرين إلى الولايات المتحدة يخضعون لـ«تفتيش منهجي». وتمت تعبئة رجال شرطة المطارات وعززوا بألف من رجال الشرطة ورفعت درجة التعبئة في إطار الخطة الأمنية الفرنسية. وعززت الدوريات في المطارات، بالإضافة إلى ذلك، قرر الوزير الفرنسي توسيع لائحة البلدان التي سيخضع مواطنوها لتدابير خاصة، بحيث ستضم اللائحة ثلاثين بلدا بدلا من سبعة الآن. غير أن قرار استخدام أجهزة الماسحات الضوئية بشكل منهجي يثير اعتراضات وتساؤلات تندرج تحت سياقين: الأول صحي، ويتناول تأثير الأشعة الكهرومغناطيسية التي يبثها جهاز الماسحات الضوئية على صحة المسافر. أما السياق الثاني فهو أخلاقي، إذ إن الجهاز «يعري» المسافر تماما، مما يعني انتهاكا لحرمة المسافر الجسدية. ويرد المسؤولون الفرنسيون على ذلك بتأكيد أن أجهزة الماسحات الضوئية لا تؤثر على صحة المسافر بما في ذلك السيدات الحوامل. أما بالنسبة للموضوع الأخلاقي، فثمة تدابير يمكن استخدامها بحيث لا يرى رجل الأمن صورة المسافر العارية، بل ستتم معالجة الصورة في مكتب آخر من قبل رجال أمن لا يرون المسافر. من التدابير الممكنة الفصل بين الرجال والنساء و«التشويش» على الأجزاء الحساسة من الجسم واستخدام أجهزة لا تحتفظ بالصور بل تتخلص منها في الحال، بحيث يستحيل استخدامها لاحقا. ويشدد المجلس الوطني للمعلومات والحرية، على أهمية ألا يتمتع الجهاز بوظيفة نقل الصور التي يجمعها أو بوظيفة تخزينها. إلى ذلك، أصدر الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ببروكسل بيانا في ختام اجتماعات اللجنة التنظيمية لأمن الطيران المدني في الاتحاد الأوروبي، التي انعقدت لتقييم الوضع الأمني في المطارات عقب محاولة التفجير الفاشلة لطائرة متوجهة من أمستردام إلى مدينة ديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقالت اللجنة في البيان، إنها تلقت تقريرا من السلطات في هولندا والولايات المتحدة بشأن هذا الحادث الخطير. وأضاف البيان أن اللجنة شددت بالإجماع على ضرورة اتباع نهج جديد لمعالجة الحالة الأمنية للطيران، بما في ذلك استخدام أجهزة فحص الجسم لفحص الركاب. يذكر أن المفوضية الأوروبية تدرس مبادرة بشأن تكنولوجيا التصوير لتعزيز أمن المسافرين مع معالجة ظروف استخدام مثل هذه التكنولوجيا واحترام الخصوصية وحماية البيانات وما يتعلق بالصحة. وكانت هولندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي استخدمت ماسحات الجسم في مطار «سخيبهول» في أمستردام، كما أن هيئة المطارات البريطانية طلبت وضع الماسحات الضوئية في مطاراتها. وعرفت لاهاي دعوات من نواب البرلمان الهولندي والطيارين وخبراء شركات الطيران، بأن يتم «تجهيز مطار (سخيبهول) بأحدث الأجهزة الأمنية». ودعا اتحاد الطيارين الهولنديين إلى تجهيز المطار بماسحات ضوئية متطورة لكامل الجسم، وهو مطلب يدعمه كثير من النواب. وعلى الرغم من وجود 15 منها بالفعل، فإنها تستخدم فقط على الرحلات المتجهة إلى جزر الأنتيل الهولندية للكشف عن مهربي المخدرات. كما أن المفوضية الأوروبية، ولحين إجراء تحقيق حول «المخاطر الصحية» و«مسائل متعلقة بالخصوصية» لهذه الأجهزة، قد أوقفت استخدامها على نطاق واسع، (وإن سمحت ببعض الاستثناءات لاستخدامها). وأعرب المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دي كورشوف، عن معارضته تعميم استعمال أجهزة المسح الضوئي في المطارات الأوروبية، وذلك في مقابلة مع صحيفة ألمانية نشرتها أمس. وقال المسؤول الأوروبي لصحيفة «فايننشيال تايمز دوتشلاند» «لسنا مضطرين بالضرورة إلى استعمال الأجهزة بشكل منتظم مع جميع الركاب وعلى جميع الخطوط الجوية. يمكن أن نختار بعض الرحلات ونستخدم أجهزة المسح الضوئي لتصوير ركابها، وربما فئة أخرى من المسافرين».