محافظ «شبوة» اليمنية لـ «الشرق الأوسط»: عشرات المصريين والسعوديين منخرطون في تنظيم القاعدة

الأحمدي قال إن «القاعدة» تحالفت مع الحراك الجنوبي والحوثيين وفق قاعدة «عدو عدوي صديقي»

TT

كشف الدكتور علي حسن الأحمدي، محافظ شبوة اليمنية، التي تقول المعلومات إن مجاميع من عناصر تنظيم القاعدة، اتجهت إليها في الفترة الأخيرة، عن أن عشرات من المصريين والسعوديين منخرطون في نشاط «القاعدة» هناك، إضافة إلى عناصر «القاعدة» من اليمنيين القادمين من محافظتي مأرب وأبين، قائلا في حوار لـ «الشرق الأوسط» في القاهرة إن قيادات من «القاعدة»، منهم أنور العولقي، وفهد القصع، وناصر الوحيشي، ما زالوا على قيد الحياة، ويتنقلون في منطقة جبل كور، وأن عناصر التنظيم تخففت من الاعتماد على سيارات الدفع الرباعي أثناء التنقل في المناطق النائية، بين محافظتي شبوة وأبين، ولا يستقرون في مكان محدد، للهروب من الملاحقات الأمنية.

وقال محافظ شبوة الواقعة جنوب شرقي اليمن، إن عناصر تنظيم القاعدة أصبحوا يُقابلون بالطرد من جانب المواطنين، الذين يرفضون أن يبقوا بينهم، لكنه حذر من استمرار خطرهم، خاصة محاولات تجنيد الشباب من صغار السن ومن العاطلين عن العمل وغالبيتهم ممن لا تتجاوز أعمارهم 23 سنة، مشيرا إلى أن عناصر «القاعدة» تتلقى دعما من بعض الشخصيات من خارج اليمن، وقال إن قوة «القاعدة» في اليمن ترجع لترابط عناصر التنظيم والطبيعة الجغرافية ذات التضاريس الوعرة، والتحالف مع أعداء النظام، تحت شعار «عدو عدوي صديقي». وأضاف الأحمدي بقوله إذا لم يتم التعامل مع «القاعدة» بشدة، وإذا لم يتم إلقاء القبض عليهم، فربما يتسببون في إغواء الناس وإقناعهم بأنهم يجاهدون في سبيل الله، واستغلال الأوضاع في البلاد، خاصة بعد أن ظهر تعاونهم مع عناصر الحراك المطالب بانفصال جنوب البلاد عن شمالها، في بعض المهرجانات.

*يقدر عدد أعضاء تنظيم القاعدة في مناطق جنوب وشرق ووسط اليمن بنحو 350.. ما هو في تقديرك عدد عناصر التنظيم حاليا، سواء كانوا من أبناء محافظة شبوة أو غيرها؟

- بالنسبة للمعروفين بأنهم من أبناء شبوة، فإن عددهم لا يتجاوز سبعة أشخاص. لكن في الآونة الأخيرة، أي قبل الضربة (التي وجهها الطيران اليمني لموقع «القاعدة» في شبوة الشهر الماضي)، كانت هناك مجاميع تأتي من مأرب وأبين، ومن بينهم ربما عناصر أجنبية؛ سعوديون ومصريون.

*بحسب ما لديك من معلومات، كم يبلغ عدد المصريين والسعوديين في مجاميع «القاعدة» التي تحركت في اتجاه منطقتكم في الفترة الأخيرة؟ - بالعشرات.. يوجد مصريون وسعوديون، في تنظيم القاعدة باليمن، بالعشرات.. هذا إضافة إلى العناصر اليمنية القادمة من مأرب وأبين، وكذا العدد الذي ذكرته عن عدد المنضمين إليهم من أبناء شبوة.

*هل لديك ما يشير إلى أن هذه المجاميع ما زالت موجودة في تلك المناطق، خاصة جبل كور؟

- المعلومات تشير إلى أنهم ربما يوجدون في جبل كور، بين أبين وشبوة.

*هل لديك مؤشرات عن أن المصريين والسعوديين المنضوين تحت لواء «القاعدة» هنا، قد جاءوا من أفغانستان، ومن بعض الدول الأخرى مطاردين، بعد أن كانوا يشاركون في القتال هناك؟

- بالتأكيد.

*هل توجد لديك أي أسماء لعناصر مصرية من المنتمين لـ«القاعدة» هنا؟

- لا توجد أسماء لمصريين.. ولكن بالنسبة للسعوديين نعلم أن من بينهم (السجين السابق في معتقل غوانتانامو سعيد علي) الشهري، الذي كان يوجد بين منطقة المعجلة ومنطقة رفض، ومناطق في كور، قرب محافظة أبين. وهو ما زال موجودا هنا.

*يكثر الحديث حاليا عمن انضموا لعناصر تنظيم القاعدة باليمن، وكانت لهم علاقة بأعمال إرهابية على أهداف أميركية.. منهم أنور العولقي، وفهد القصع، وناصر الوحيشي.. كما يوجد جدل حول مصيرهم عقب الغارة اليمنية على تجمع لهم في شبوة 24 الشهر الماضي.. هل لديك معلومات عن هذه القيادات وعن مصيرها في الوقت الراهن؟

- أنور العولقي (يشتبه الأميركيون بأن له علاقة بكل من نضال حسن الذي قتل 13 جنديا في قاعدة فورت هود بأميركا، والنيجيري عمر الفاروق عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة أميركية عشية أعياد الميلاد) موجود حتى الآن في محافظة شبوة. ومعه أيضا فهد القصع (حوكم سابقا وأدين لعلاقته باستهداف المدمرة الأميركية كول في ميناء عدن عام 2000، ويعتبره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي المطلوب الثالث عالميا بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري)، ومعهم عناصر محدودة من أبناء شبوة. هم يتنقلون في بعض الجبال، ولا يستقرون في مكان محدد. وأينما ذهبوا يُقابلون بالطرد من جانب المواطنين، الذين يرفضون أن يبقوا بينهم. هناك مجموعة أخرى في منطقة جبل كور، وهم يتنقلون فيها مع مجموعة من أبين، وهم جميعا يتبعون تنظيم القاعدة. كما يوجد معهم ناصر الوحيشي (قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب)، وهو من محافظة أبين، وما زال على قيد الحياة، بعد أن نجا من الغارة اليمنية الأخيرة.

*لكن هناك من يرجح مقتل بعض القيادات خاصة فهد القصع.. ثم هل يشكل هذا الأخير أهمية في تنظيم القاعدة في حال كونه ما زال حيا؟

- أؤكد مجددا أن فهد القصع ما زال على قيد الحياة.. فهد القصع كان إلى وقت قريب مقيما في بيته، وكان لديه مسجد هنا، ولم يكن له نشاط.. كان يدعي أنه جالس في بيته فقط، لكن اتضح أنه يستقبل مجاميع من عناصر القاعدة، وأيضا عناصر ربما من خارج اليمن.. عندما بدأ نشاطه يزداد، بدأت أجهزة الاستخبارات تراقب وتتابع نشاطه، واتضح فعلا أن موقعه أصبح ملتقى لعناصر تنظيم القاعدة.

*هل هذه العناصر بالأساس من أبناء القبائل في جنوب اليمن؟ - نعم، هم من أبناء القبائل. ولكن فهد القصع كان يعيش في عدن. وكان متهما في قضية (استهداف المدمرة الأميركية) كول.. بينما كان العولقي يعيش في أميركا، وعاد (هاربا من أميركا قبل نحو 6 سنوات)، إلى اليمن.. كان العولقي ينشط نشاطا دعويا. وبرز نشاطه في الفترة الأخيرة كمنتمٍ لتنظيم القاعدة، خاصة بعد أن نُشرت صورته في وسائل الإعلام الأميركية، واتهم بأنه على صلة بالشخص الذي نفذ مذبحة الجنود الأميركيين، في قاعدة فورت هود في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

*قبل هروبه إلى الجبال، ما هو المستقر الذي كان يتخذه أنور العولقي في استقطاب الشباب لأفكاره المتشددة في محافظة شبوة.. يعني هل كان له مسجد معروف أو مكان يدعو من خلاله؟

- بالسبة لأنور العولقي، كان في البداية عقب عودته من أميركا إلى اليمن، هادئا جدا، ولا نشاط له على الإطلاق، فيما عدا إطلاق خطب باللغة الإنجليزية في شرائط كاسيت، وإرسال هذه الخطب إلى أميركا وبعض البلدان الأخرى. لم يكن له نشاط ظاهر في الحقيقة، وهو أصلا من شبوة. واستمر هذا نحو سنتين دون أي نشاط علني، إلا النشاط الدعوي العادي. وبعد أن ظهرت صورته في وسائل الإعلام الأميركية (بسبب قضية فورت هود) هرب إلى الجبال، وتواصل.. أو كان على تواصل مع مجموعة من «القاعدة» موجودة في منطقة رفض. طبعا هؤلاء استهدفتهم عملية عسكرية أطاحت بسبعة منهم. وفر الباقون. وطبعا المعلومات أنهم يوجدون في الجبال الواقعة بين محافظتي شبوة وأبين.

*بالنسبة إلى كونك تترأس السلطة التنفيذية والمحلية في محافظة شبوة.. ما مصدر القوة الذي يجعل مثل هؤلاء المسلحين يوجدون في تلك المناطق حتى الآن؟

- هم مترابطون.. تعرف أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، انتقل إلى اليمن، ولهذا هم مترابطون، ونشاطهم أو حركتهم كانت بين محافظة مأرب وشبوة وأبين، وأيضا بعض المحافظات الأخرى.

*فيما يتعلق بمتوسط أعمار المجاميع المنتمية لـ«القاعدة» هنا، هل غالبيتهم شباب؟

- بالنسبة لفهد القصع وأنور العولقي، تتجاوز أعمارهما الثلاثين سنة، ولكن الذين يستقطبونهم، كانوا من الشباب صغار السن ممن لا تتجاوز أعمارهم 23 سنة؛ هؤلاء من اليمنيين.. لكن أعمار المنتمين لـ«القاعدة» من المصريين والسعوديين في جنوب اليمن، ربما تكون أكبر.

*لكن هل تعتقد أنهم يستخدمون التقنية الحديثة أيضا؟

- بالتأكيد.. العولقي مثلا لديه موقع على الإنترنت، ويتعامل بتقنية تجعله يبعث ما يريد من معلومات إلى مختلف البلدان عبر الإنترنت، سواء كان خطبا أو دعاوى إرشادية، باللغة الإنجليزية. وبالنسبة للخبرة التقنية للقادة الآخرين في تنظيم القاعدة في اليمن، فأنا في الحقيقة ليس لدي فكرة عنها.

*ما تأثير عناصر «القاعدة» هنا على المواطنين، خاصة في شبوة؟

- يتسببون في إثارة قلق المواطنين، ولأن المواطنين ينبذونهم، فقد اتجه أعضاء تنظيم القاعدة للتنقل في مناطق نائية جدا.. في الجبال الموجودة جنوب غربي شبوة، حيث توجد مناطق نائية بعيدا عن الأنظار وكذا بسبب الطبيعة الجغرافية ذات التضاريس الوعرة.

*هل هذه العناصر ما زالت تشكل خطرا، خاصة بعد الضربة التي تلقتها في الرابع والعشرين من الشهر الماضي.. هل ما زال في إمكانها أن تزداد قوة في المرحلة المقبلة؟

- إذا لم يتم التعامل معهم بشدة، وإذا لم يتم إلقاء القبض عليهم، فربما يتسببون في استقطاب الشباب صغار السن، والعاطلين عن العمل.

*لكن هل يمكن للشباب صغار السن أن ينضموا لـ«القاعدة» لمجرد أنهم عاطلون عن العمل، أم لأسباب أخرى أيضا؟ - هناك أسباب أخرى، أهمها الجانب الآيديولوجي.. هؤلاء (القاعدة) يغوون الناس، ويقنعونهم أن يجاهدوا في سبيل الله.

*أي أن عناصر «القاعدة» لهم اتصالات مباشرة مع الأهالي.. هل هذا صحيح؟ - كان لهم اتصال مباشر مع الناس قبل أن يظهر انتماؤهم لـ«القاعدة»، خلال العامين الماضيين.. لأنهم كانوا يظهرون كرجال دين ودعوة، إلى آخره.

*وهل كانت دعوتهم للأهالي عن طريق مساجد بعينها في المنطقة؟

- لا.. بل كانوا موجودين بين الناس، لكن قبل أن يظهر انتماؤهم لـ«القاعدة».

*يتردد وجود تعاون بين عناصر «القاعدة»، وعناصر مَن يُطلق عليهم الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن السلطة المركزية في اليمن.. صحيح؟

- نعم.. إلى ما قبل الغارة الأخيرة يوم 24 الشهر الماضي. كان يوجد تعاون وظهور مشترك بين عناصر من «القاعدة» وعناصر الحراك، في بعض المهرجانات.. بالتأكيد يوجد تعاون بينهما، لكن قد لا يكون التعاون آيديولوجيا، لكن ربما ما يجمعهم هو العداء للنظام (الحاكم).

*يتردد أيضا وجود تعاون بين «القاعدة» والحوثيين في الشمال.. صحيح؟ - لا توجد معلومات في هذا الصدد.. لكن المثل يقول إن عدو عدوي صديقي.. التعاون بينهما لا يستبعد.

*في اعتقادك، من أين تحصل هذه المجاميع المنتمية لتنظيم القاعدة، على السلاح والدعم اللوجستي والطعام؟

- بالنسبة للأسلحة، كما تعرف، فهي في متناول اليد في اليمن، وبالذات الأسلحة الخفيفة. وبالنسبة للدعم، فهو يأتي من بعض الشخصيات ربما في دول الخليج.. ومن غير المستبعد أن تكون إيران تساعدهم هي الأخرى. لكن لا توجد أدلة على أن مجاميع «القاعدة» الموجوة هنا (قرب شبوة)، تتلقى دعما مباشرا من إيران.

*لا بد أن المناطق هنا تشهد تحركات أمنية ومظاهر بسط سلطان الدولة، خاصة على الطرق الهامة ومداخل المدن؟

- يوجد نقاط أمنية ودوريات، بشكل أكثر قليلا من السابق. عناصر «القاعدة» لديهم سيارات مثل سيارات اللاندكروزر وسيارات الدفع الرباعي، وأصبحوا يبدلونها بين وقت وآخر، خوفا من ملاحقة الأمن لهم، وأيضا لا تكون هذه السيارات دائما معهم.. بل توصلهم إلى المناطق التي يريدونها، وتذهب.. وهذا ما حال دون ضبطها.. لكن الحالة العامة التي خلقها تنظيم القاعدة، في جنوب البلاد، أثرت على النشاط الاقتصادي والاجتماعي والسياحي. لدينا في شبوة مثلا، كان يأتينا كثير من السياح، أصبحوا الآن لا يأتون إلى اليمن بسبب المعلومات عن الخطر الموجود.. وكذا بسبب بعض العمليات التي تمت في حضرموت واستهدفت بعض السياح وأيضا تأثرت الاستثمارات، خاصة في الآونة الأخيرة، حيث أصبحت محدودة.