كلينتون تلتقي معارضين إيرانيين وتبحث خيارات الملف النووي دون الإضرار بـ«الثورة الخضراء»

واشنطن تدرس عقوبات ضد شركات وأشخاص على صلة بالحرس الثوري.. ونجاد: لن نتراجع أمام الضغوطات

TT

يحضّر البيت الأبيض عقوبات مالية جديدة ضد كيانات وشخصيات إيرانية معظمها على علاقة مباشرة بعمليات القمع التي استهدفت المعارضة في إيران.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلا عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم، إن خبراء الاستراتيجية في وزارة الخزانة الأميركية يركزون بالفعل على الحرس الثوري الإيراني الذي بات يمثل القوة الاقتصادية والعسكرية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والرئيس محمود أحمدي نجاد.

لكن في الأسابيع القليلة الماضية، وضع عدد من المنشقين الإيرانيين البارزين، ممن تحدثوا في مراكز أبحاث كبيرة في واشنطن، لائحة من الشركات المرتبطة بالحرس الثوري اقترحوا استهدافها بعقوبات.

وتشمل لائحة الأسماء أكبر مزود للاتصالات في إيران «شركة اتصالات إيران» المملوكة في غالبيتها للحرس الثوري الإيراني، و«شركة ألمنيوم إيران»، وفقا للصحيفة.

ويرسم الدبلوماسيون الأميركيون مقارنة بين الاضطرابات التي تشهدها المدن الإيرانية الآن، والتي تقودها المعارضة، والثورة الإيرانية التي أطاحت بشاه إيران رضا بهلوي عام 1979.

ومنذ انطلاق حركة المعارضة الإيرانية التي تصاعدت مع وفاة رجل الدين الإصلاحي آية الله حسين علي منتظري، يقول خبراء إيرانيون يقيمون في الولايات المتحدة إن بعض المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية يجرون اتصالات بهم لفهم إن كانت المعارضة الإيرانية تشكل تهديدا أكبر، على النظام في إيران، مما كان يعتقد.

وقال أحد الخبراء الإيرانيين الذين التقوا مسؤولين أميركيين: «لقد تغيرت نبرة الحوار»، وأضاف: «الآن هناك إدراك أكبر لما يمكن أن تحمله الاضطرابات».

وفي مؤشر على الاهتمام المتزايد للبيت الأبيض بالاضطرابات السياسية في إيران، دعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أربعة خبراء أكاديميين إيرانيين كبار إلى مقر وزارتها، حيث نوقش الحراك الحالي.

ومن المسائل التي بحثت، كيفية رد الولايات المتحدة في حال أعربت طهران فجأة عن رغبة في التوصل إلى تسوية في الموضوع النووي، حسب ما قالته الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن كلينتون سألت عن احتمال توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق من دون أن تضر بفرص المعارضة. وأضافت الصحيفة أن ردود حلفاء الولايات المتحدة مختلفة حيال هذا الأسلوب الجديد.

فقد قال مسؤول عربي بارز إنه أبلغ مسؤولي وزارة الخارجية هذا الأسبوع أنهم واهمون إن اعتقدوا أن إيران تقترب من اختبار ثورة تذكر بالإطاحة بالشاه.

وقالت «وول ستريت» إن إسرائيل تعتقد أن عقوبات واسعة فقط يمكن أن تكون فعالة في قلب القيادة السياسية الحالية في طهران.

ونقلت الصحيفة عن السفير الإسرائيلي، مايكل اورين، قوله إن «الكثير من الخبراء الإسرائيليين توصلوا إلى أن عقوبات واسعة من شأنها تعميق الشرخ بين الحكومة الإيرانية وشعبها».

وأكد مسؤولون أميركيون كبار هذا الأسبوع أن الرئيس باراك أوباما لا يسعى إلى تبديل سياسته باتجاه تغيير النظام في إيران بل تبقى واشنطن ملتزمة بنهج من مسارين يتمثلان باتباع حوار يهدف إلى إنهاء البرنامج النووي الإيراني مع فرض عقوبات مالية متزايدة في حال فشل المحادثات.

ويحترس كل من الإدارة الأميركية والمعارضين الإيرانيين من إجراء اتصالات مباشرة، خشية أن تمنح تلك الاتصالات ذريعة للنظام الإيراني لتشويه صورة المعارضة.

وفي تطور لاحق، أمس، قال الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، إن مزيدا من العقوبات الدولية لن تثني إيران عن مواصلة برنامجها النووي المثير للجدل. وأكد الرئيس المتشدد أن إيران لن تتراجع «قيد أنملة» أمام الضغوط الدولية بوجه برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يخفي برنامجا لتطوير أسلحة، فيما تنفي طهران ذلك.

وقال أحمدي نجاد في خطاب في جنوب إيران بثه التلفزيون الحكومي مباشرة: «أصدروا قرارات كثيرة وفرضوا عقوبات على إيران (...) يعتقدون أن الإيرانيين سيركعون بسبب ذلك لكنهم مخطئون»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف مخاطبا القوى الكبرى التي تسعى إلى وقف الطموحات النووية للدولة الإسلامية وتقودها الولايات المتحدة «لا نريد نزاعات (لكنكم) تطالبون باستمرار بأشياء». وأكد: «يجب أن لا يعتقدوا أن بإمكانهم وضع عراقيل أمام الإيرانيين... أؤكد للشعب أن الحكومة ستدافع بكل عزم عن حقوق إيران، ولن تتراجع قيد أنملة».

وأصدر مجلس الأمن ثلاثة قرارات فرض بموجبها عقوبات على إيران بسبب رفضها تعليق عمليات التخصيب، محور المخاوف الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي. والعملية التي يتم بموجبها إنتاج وقود نووي يمكن أيضا أن تستخدم لتصنيع النواة الانشطارية لقنبلة ذرية.

وأمهلت الدول الكبرى إيران حتى نهاية 2009 لقبول خطة برعاية الأمم المتحدة يتم بموجبها نقل غالبية اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى خارج إيران لتحويله في روسيا وفرنسا إلى وقود للمفاعلات. لكن إيران تجاهلت المهلة مما أثار الحديث مجددا عن عقوبات ضد الجمهورية الإسلامية.

وأصرت إيران من جانبها على مقترحها الذي يقضي بعملية تبادل على مراحل ليورانيوم منخفض التخصيب مقابل وقود لمفاعلاتها النووية.

إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء «فارس» عن وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، أن بلاده ما زالت في انتظار رد المجموعة الدولية حول المهلة التي منحتها طهران لتأمين الوقود لمفاعل طهران. وقال: «إننا وجهنا خطابا إلى الطرف الآخر، وقد وصل إلى أسماعهم بشكل جيد ما يعني أننا ننتظر إجابة عملية من مجموعة التفاوض في فيينا». ويذكر أنه لم يتبق للمهلة الإيرانية سوى 20 يوما.