«النقد الدولي» يؤكد تعرضه لمزيد من ضغوط الحكومات خلال الأزمة المالية

تحليل: السياسات الداخلية تعرض للخطر خطط الصندوق في أوروبا

دومينيك ستراوس كان رئيس صندوق النقد الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد صندوق النقد الدولي في تقرير نشر أمس أن موظفيه تعرضوا مع الأزمة الاقتصادية، إلى مزيد من الضغوط من قبل الدول الأعضاء لتصحيح أو شطب فقرات من تقاريره حول اقتصادات هذه البلدان. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الصندوق في تقرير هو الأول منذ 2005 حول شفافية نشاطاته ونشراته إن «الأزمة المالية العالمية سببت مؤخرا صعوبات إضافية في تطبيق سياسة الشفافية».

ويفترض أن تخضع الدول الـ186 الأعضاء في الصندوق مبدئيا لفحص سنوي مستقل من قبل الهيئة الدولية حول أوضاعها وسياساتها الاقتصادية والنقدية. لكن بعض البلدان مثل الأرجنتين ترفض ذلك، وأخرى تقبل به مع معارضتها نشر التقرير المتعلق بها. وقال الصندوق إن «الأسواق أصبحت أكثر تقلبا والدول أصبحت أضعف أمام الأخبار السيئة لذلك ازدادت طلبات إدخال تغييرات (على التقرير) (...) هناك مؤشرات تدل على أن هذا التوتر ازداد خلال الأزمة». وتابع التقرير أن هذه الدول تريد إلغاء أرقام أو تقديرات في التقرير وتشير إلى الطابع الحساس للأسواق مما يجعل إصدار «الأحكام صعبا». تهدد السياسات الداخلية والاستياء الشعبي في البلدان الأوروبية من أوكرانيا إلى آيسلندا خطط صندوق النقد الدولي لإنقاذ الاقتصادات في تلك البلدان مما يثير قلق المستثمرين الذين يرون أن هذه السياسات ضرورية للإنعاش المالي. ووعدت كثير من الحكومات في ذروة الأزمة العالمية بسياسات تقشفية مؤلمة في مقابل قروض من صندوق النقد الدولي ولكن ثبت أن إقناع الناخبين بهذه الإصلاحات الاقتصادية أمر صعب. وبحسب تحليل لـ«رويترز» يترك ذلك الدول في مواجهة أزمات مع الصندوق، الأمر الذي قد يصيب الأسواق بالذعر ويترك الحكومات من دون أموال للمرتبات العامة وسداد الديون السيادية. قالت فانيسا روسي وهي باحثة كبيرة من مركز أبحاث «تشاثام هاوس» في لندن: «كان هناك كثير من التوقعات غير الواقعية في العام الماضي حول مدى السهولة التي يمكن من خلالها حل الأزمات». ومضت تقول: «لكنها كأي مفاوضات بشأن الديون، ستكون عملية صعبة ومرتبكة وستعاني من إخفاق من حين لآخر. وستستمر لعدة سنوات. ولا يمكننا تجاهل العملية الديمقراطية». واكتنفت الشكوك في الأسبوع الماضي حزمة المساعدات الاقتصادية لآيسلندا عندما رفض الرئيس مشروع قانون لسداد أكثر من خمسة مليارات دولار لبريطانيا وهولندا خسرها المدخرون بعد أن انهار قطاعها المصرفي في عام 2008. وعارض مشروع القانون 70 في المائة من الآيسلنديين الذين شكوا من أنه يحملهم تكلفة أخطاء البنوك. ولكن رفض مشروع القانون قد يضر بجهود الانضمام للاتحاد الأوروبي والدعم المالي من دول بحر الشمال، وشريان للحياة يقدمه صندوق النقد الدولي. وخفضت وكالات التصنيف مستوى آيسلندا بعد الرفض. وستجري معظم البلدان الأوروبية ذات الاقتصادات الأكثر انكشافا للمخاطر لا سيما أوكرانيا ولاتفيا والمجر انتخابات رئيسية في عام 2010 مما يعني أن الأهداف السياسية قصيرة الأجل سيكون لها الأولوية على الأرجح على تلبية مطالب صندوق النقد الدولي. وجرى بالفعل تعليق اتفاق أوكرانيا مع صندوق النقد الدولي إلى ما بعد انتخابات رئاسية تجري في 17 يناير (كانون الثاني) الحالي التي قد لا تنهي أشهرا من الشلل السياسي والخلافات الداخلية التي عرقلت الإصلاحات. واستطاعت حكومة لاتفيا تمرير ميزانية مقلصة بشدة وتخفيضات في المعاشات من خلال البرلمان لترفضها المحكمة الدستورية وتعيدها لطاولة التفاوض مع المقرضين. والانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى في وقت لاحق من هذا العام قد تسبب توترا أو قد تؤدي إلى انهيار الائتلاف الحاكم مما يعرض للخطر من جديد كلا من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعملة لاتفيا وفشلها قد يشكل تهديدا للأسواق في أرجاء أوروبا. وتأجلت في العام الماضي أحدث خطة يقودها الصندوق لإنفاق 20 مليار يورو في رومانيا قبل الانتخابات، لكن الصندوق يقول إنه يأمل في استئناف المدفوعات بعد تمرير مشروع ميزانية حكومة الوسط الائتلافية الجديدة في البرلمان ربما في 15 يناير (كانون الثاني). وقالت المجر إن الاتفاق مع صندوق النقد لا يزال في المسار لكنه قد يتعطل بسبب الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار). وإذا لم تتبع الدول سياسات صندوق النقد الدولي سيتعين على الصندوق أن يقرر ما إذا كان سينسحب ويخاطر بتركها تنهار وتتخلف مما قد يسبب اضطرابا أوسع نطاقا في الأسواق، أم سيقلل من تشدده في مطالبه.