أنغولا ومالي تفتتحان بطولة كأس الأمم الأفريقية اليوم وسط هواجس أمنية

مقتل 3 في الاعتداء على حافلة منتخب توغو وانسحاب منتخبها يعكران صفو البطولة

TT

تفتتح اليوم بطولة كأس الأمم الأفريقية الـ27 لكرة القدم بلقاء المنتخب الأنغولي المستضيف ونظيره المالي، وسط أجواء أمنية متوترة إثر حادث الاعتداء على حافلة المنتخب التوغولي على الحدود بين الكونغو وأنغولا.

وعكر هذا الاعتداء صفو الاحتفالات والاستعدادات القائمة على قدم وساق في أنغولا، وتحول الحديث عن حظوظها ومدى نجاحها في استضافة هذا الحدث القاري، إلى شك وحيرة بخصوص قدرتها على ضمان الأمن والسلامة لضيوفها، الذين تساوي قيمتهم مئات الملايين من الدولارات، خاصة بعد انسحاب توغو من البطولة.

وتضاربت الأنباء والتقارير بشأن عدد أفراد المنتخب التوغولي الذين لقوا حتفهم بين اثنين وثلاثة، وكذلك 5 إصابات خطيرة، نتيجة الاعتداء الذي تعرضت له حافلة الفريق لدى وصولها إلى مقاطعة كابيندا الأنغولية استعدادا للمشاركة في النهائيات.

وتعرضت حافلة المنتخب التوغولي لإطلاق نار عندما وصلت إلى الحدود بين الكونغو وأنغولا، فتسبب في إصابة تسعة من أعضاء البعثة، بينهم لاعبان هما: حارس المرمى كودجوفي أوبيلالي المحترف بفريق بونتيفي الفرنسي، والمدافع سيرجي أكاكبو المحترف بفريق فاسلوي الروماني، أصيب الأول برصاصة في ظهره، والثاني برصاصة في إحدى كليتيه وفقد الكثير من الدماء.

وذكر أن إيمانويل أديبايور نجم مانشستر سيتي والمنتخب التوغولي اجتمع مع زملائه أمس وقرروا الانسحاب من البطولة، وعدم خوض مباراتهم الأولى التي كانت مقررة غدا أمام منتخب غانا، وأنهم يتوجهون الآن نحو بلدهم من أجل عائلاتهم. وصرح كوسي أغاسا حارس مرمى الفريق للإذاعة الفرنسية بأن المدرب المساعد للفريق، وكذلك المتحدث باسم الفريق، لقيا حتفهما أمس نتيجة الإصابات التي تعرضا لها أمس. وأشارت التقارير إلى أن محاولات الإنقاذ فشلت مع المدرب المساعد للفريق أبالو أميليتي، وكذلك المسؤول الصحفي المرافق للبعثة ستانيسلاس أوكلو ليلقى الاثنان حتفهما، ويرتفع عدد الوفيات نتيجة الاعتداء إلى ثلاث حالات، قبل أن تعلن البعثة أن سائق الحافلة ما زال على قيد الحياة، وأن الوفيات تقتصر على المدرب المساعد والمسؤول الصحفي.

وكانت الأنباء قد تضاربت حول قرار انسحاب الفريق حيث أكدته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وكذلك مواقع الصحف البريطانية الإلكترونية، بينما أشار الاتحاد الأفريقي إلى محاولات للضغط على المنتخب التوغولي للبقاء مع نقل مبارياته خارج هذه المقاطعة.

بينما صرح لاعب خط الوسط التوغولي أليكسيس روماو نجم فريق غرينوبل الفرنسي قائلا: «إن الفريق ينتظر بالفعل في المطار من أجل العودة إلى العاصمة التوغولية لومي، وإننا نتحدث أيضا مع باقي المنتخبات في مجموعتنا (بالدور الأول للبطولة) في محاولة لإقناعهم بمقاطعة البطولة أيضا».

وقال لاعب المنتخب التوغولي توماس دوسيفي :«كنا نهم بعبور الحدود (بين الكونغو ومنطقة كابيندا حيث ستلعب توغو مبارياتها في البطولة)، أنهينا المعاملات، والشرطة كانت تحيط بنا. كل شيء كان على ما يرام، ثم سمعنا رشقا ناريا قويا والجميع أصبح تحت مقاعد (الحافلة). ردت الشرطة (على مصدر النيران). أصيب مدرب حراس المرمى والطبيب. بعضهم في وضع حرج. لا نملك أي أخبار جديدة عنهم، إنهم في مستشفي في كابيندا». وقال المدير الفني فيلود الذي تعرض لإصابة في ذراعه إن رجال الأمن «أنقذوا حياتنا».

ويخشى النجوم الكبار على حياتهم، وربما كان أول المستهدفين هو نجم مانشستر سيتي الإنجليزي إيمانويل أديبايور الذي كاد، في رمشة عين، أن يذهب هو وزملاؤه ضحية هجوم متمردين ينتمون إلى منظمة تحرير ولاية كابيندا التي ستقام عليها مباريات المجموعة الثانية. وأوضح ساملان المكلف بالإعلام في بعثة توغو أن كلا من المسؤول عن الاتصال في بعثة المنتخب التوغولي ستانيسلاس أوكلو والمدرب المساعد أبالو إميليتي قد لقيا حتفهما. وبخصوص انسحاب توغو من البطولة، قال ساملان: «لم نخطر رسميا والأمر وارد إلى أن يثبت العكس».

وكان رهان أنغولا على النجاح في استضافة البطولة لتكون أفضل مرآة للقارة السمراء عموما، وجنوب أفريقيا على الخصوص، لأن الأخيرة ستستضيف نهائيات كأس العالم للمرة الأولى الصيف المقبل، بيد أن الاعتداء سيطرح أكثر من علامة استفهام حول قدرة هاتين الدولتين على ضمان الأمن والسلامة في العرسين الأفريقي والعالمي على التوالي.

وعلى الرغم من الحادث فقد أكد الاتحاد الأفريقي أن كأس الأمم الأفريقية ستقام في موعدها، وقال المسؤول الإعلامي في الاتحاد الأفريقي سليمان حبوبا «خوفنا الكبير هو على اللاعبين، لكن البطولة مستمرة». وأشار حبوبا إلى أن نائب رئيس الاتحاد الأفريقي سافر مباشرة من العاصمة الأنغولية لواندا إلى كابيندا من أجل معرفة ما حصل تماما، مضيفا «علينا أن نعرف كافة الوقائع، لا يمكننا أن نعطي ردود فعل كاملة استنادا إلى التقارير التي حصلنا عليها من وسائل الإعلام». وتساءل حبوبا عن السبب الذي دفع منتخب توغو، وخلافا للمنتخبات ال15 الأخرى، إلى السفر برا، مضيفا «قوانين الاتحاد الأفريقي واضحة، على المنتخبات أن تسافر جوا وليس برا».

وبعيدا عن هواجس الأمن، ينظر الخبراء إلى البطولة الحالية على أنها أفضل النسخ في تاريخ النهائيات القارية، وذلك بسبب حجم المنتخبات المشاركة فيها وقيمتها، وكذلك كثرة عدد المرشحين لنيل لقبها بدءا من: ساحل العاج والكاميرون وصيفة بطلة النسخة الأخيرة، مرورا بمصر حاملة اللقب في النسختين السابقتين وغانا، وصولا إلى نيجيريا والجزائر ومالي. وما يزيد النسخة الحالية أهمية كونها تشكل بروفة أمام الممثلين الخمسة للقارة السمراء في العرس العالمي الصيف المقبل (الجزائر ونيجيريا والكاميرون وغانا وساحل العاج) وبالتالي فإن جميع هذه المنتخبات تسعى إلى تحقيق نتائج جيدة لرفع معنوياتها قبل المونديال.

ومن إيجابيات النسخة الحالية في أنغولا أن العيون ستكون مركزة بشكل كبير على النجوم الكبار في القارة السمراء، أبرزهم: دروغبا الساعي، هو ومنتخب بلاده، إلى تعويض خيبة الأمل في نهائي النسخة قبل الأخيرة في مصر أمام منتخب البلد المضيف بركلات الترجيح، والنسخة الأخيرة في نصف النهائي أمام الفراعنة أيضا 1-4، والكاميروني صامويل إيتو الذي يطمح إلى إعادة منتخب بلاده إلى سكة الألقاب والتتويج للمرة الثالثة بعد عامي 2000 و2002، والمالي فريديريك كانوتيه ومواطناه سيدو كيتا ومحمدو ديارا الذين يرغبون بدورهم في فك نحس المركز الرابع الذي لازمهم عامي 2002 و2004 ومعانقة اللقب.

والأمر ينسحب أيضا على النيجيري المخضرم نوانكوو كانو الطامح إلى ختم مسيرته الدولية بلقب ثان بعد الأول عام 1994، والثالث في تاريخ البطولة بعد عام 1980، والغاني مايكل إيسيان الذي يمني النفس بقيادة منتخب بلاده إلى تعويض خيبة أمل النسخة الأخيرة، ونيل اللقب الخامس في تاريخها، والأول الذي تلهث وراءه منذ عام 1982.

وبقدر ما سيكون التركيز على النجوم، فإن الأمر سيكون كذلك من خلال الكاشفين عن الوجوه الصاعدة والواعدة، التي فرضت نفسها بإلحاح في العامين الأخيرين.

وتطمح أنغولا إلى الدفاع عن سمعتها واستعادة بريقها الذي خفت هذا العام بفشلها في التأهل إلى الدور الثالث الحاسم المؤهل إلى نهائيات كأس العالم. وكانت أنغولا فجرت مفاجأة من العيار الثقيل قبل 4 أعوام عندما حجزت بطاقتها إلى مونديال ألمانيا على حساب أحد أعرق المنتخبات القارية وأقواها، وهو نيجيريا، بنجومها: جاي جاي أوغوستين أوكوتشا ونوانكوو كانو وإيغبيني ياكوبو وسليستين بابايارو.

وتعاقد الاتحاد الأنغولي مع المدرب البرتغالي المحنك مانويل جوزيه الذي حقق إنجازات باهرة مع النادي الأهلي المصري، وذلك طلبا لخبرته ودرايته الكبيرة بكرة القدم الأنغولية التي تشبه كثيرا أسلوب اللعب البرتغالي، على اعتبار أن البلاد كانت مستعمرة برتغالية، وأغلب لاعبيها محترفون في البرتغال. وتعتمد أنغولا على قوتها الضاربة في الهجوم بقيادة نجم الأهلي المصري سابقا والشباب السعودي حاليا فلافيو أمادو، الذي كان صاحب الهدف الوحيد لأنغولا في مونديال ألمانيا 2006.

وقال جوزيه: «حظوظ أنغولا وافرة للذهاب بعيدا في النهائيات. سنؤكد للجميع أن ما حصل في التصفيات كبوة فارس وأن أنغولا عائدة إلى توهجها الذي منحها بطاقة المونديال قبل 4 أعوام».

ويبقى طموح الأنغوليين في تكرار إنجاز النسخة الأخيرة عندما بلغوا الدور ربع النهائي لأنهم يدركون جيدا أن مشوارهم في البطولة تقف في وجهه صعوبات كبيرة ستبدأ من ربع النهائي بملاقاة أحد العملاقين العاجي أو الغاني. من جهته، يدخل المنتخب المالي إلى النهائيات واضعا نصب عينيه إحراز اللقب بحسب قائده لاعب وسط ريال مدريد الإسباني محمدو ديارا. وقال ديارا: «نحن مطالبون بإحراز اللقب بعد خيبة أمل التصفيات. كنا نأمل في إسعاد جماهيرنا بالتأهل إلى المونديال للمرة الأولى في التاريخ، لأن الجيل الحالي لا يعوض، لكن الرياح جرت بما لا نشتهي، وأمامنا فرصة ذهبية في أنغولا للتعويض ومعانقة اللقب القاري للمرة الأولى». وتلهث مالي وراء اللقب القاري منذ عام 1972 عندما حلت ثانية، وقد حلت رابعة 3 مرات أعوام 1994 و2002 و2004.

وتملك مالي نجوما عدة في صفوفها محترفين في أقوى الأندية الأوروبية، وهم، فضلا عن ديارا: سيدو كيتا نجم برشلونة الإسباني صاحب السداسية التاريخية العام الماضي، ومحمد سيسوكو لاعب وسط يوفنتوس الإيطالي، وهداف أشبيلية الإسباني فريديريك كانوتيه. ويقود مالي في النهائيات القارية المدرب النيجيري المدافع الدولي السابق ستيفن كيشي الذي قاد توغو إلى مونديال 2006. وقال كيشي «إنه تحد جديد بالنسبة إلى مالي منتخب أفريقي كبير، وحان الوقت ليتذوق طعم الكأس القارية».