«حمى الخرمة» في السعودية: ممنوع لمس «الخراف» بعد اليوم

عقب إعلان «صحة جدة» أمس للمسمى الصحيح

يحذر الأطباء من لمس رؤوس الماشية تحوطا مما بات يعرف باسم حمى الخرمة («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن عشاق الأغنام والخراف في السعودية سيفتقدون عنصرا مهما من إجراءات «تقليب المواشي»، بعدما حذرت الشؤون الصحية في جدة أمس من لمس المواشي والأغنام احترازا من الإصابة بالمرض، مصححة مسمى مرض «حمى الخمرة» إلى «حمى الخرمة» نسبة إلى ظهوره لأول مرة في مدينة جدة عن طريق خراف قدمت من محافظة الخرمة.

وفي عام 1994 سجلت وزارة الصحة 6 حالات مصابة بالمرض الذي جاء من الخراف التي قدمت من الخرمة، التي تقع شمال شرقي محافظة الطائف (غرب السعودية)، وتبعد عنها بنحو 230 كيلومترا، وهي تتبع إداريا لمنطقة مكة المكرمة. وبحسب مؤرخين فإن هناك روايات كثيرة في تسمية المحافظة بهذا الاسم، إذ يقال إنه نُسب إلى الخرائم وهي جمع خريمة، بينما يأتي قول آخر بأنها مشتقة من نبات «الخرمة»، وهو نبات عشبي طويل يتراوح طوله بين 30 إلى60 سم، ويقال أيضا إن الخريم هو الوادي الذي يمر بالمحافظة من جهة الحجاز إلى نجد، حيث يخرم الجبال والغابات ويتكوّن على إثره مجرى تكثر حوله الواحات والمزارع، وهي تشتهر بالزراعة وتربية المواشي وتجارة المواشي والتجارة العامة.

وتقول كتب التاريخ إن الخرمة انضمت تلقائيا مع الملك عبد العزيز في عام 1326هـ، وبعد سنة من انضمامها عُين خالد بن لؤي أميرا عليها، عقب أن أعلن ولاءه للملك عبد العزيز آل سعود، الذي أرسل عام 1329هـ حملة لمساعدة أهالي الخرمة ضد حملات حاكم الحجاز بقيادة سعد بن عبد الرحمن.

ويعود الدكتور سامي باداود مدير صحة جدة بالقول: «تأكدت إصابة 11 حالة أخرى في منطقة الخمرة (جنوب جدة) خلال الفترة من 1994 وحتى 1999. ومن ثم عاود المرض الظهور مرة أخرى في عام 2001، تحديدا خلال موسم الحج في مكة المكرمة، إذ أصيب 4 أفراد، وتم تأكيد 20 حالة في الفترة ما بين 2001 إلى 2003 في مكة المكرمة».

واستطرد: «كما اكتُشفت مؤخرا أربع حالات للمرض، في آخرها جزار يعمل في أحد المسالخ، ورصدها المختبر الإقليمي التابع لوزارة الصحة من خلال سلسلة الفحوصات الفيروسية للحميات النزفية التي يجريها المختبر على عينات اشتباه الحميات النزفية، كحمى الخرمة، والشيكونقونيا، وحمى الوادي المتصدع، وحمى وادي النيل، وفيروس حمى الضنك».

وأكد باداود عدم وجود علاقة بين كارثة السيول التي اجتاحت جدة في الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومرض «حمى الخرمة النزفية». وأشار إلى أن الفيروس المسبب لهذا المرض ينتمي إلى مجموعة من الفيروسات المعروفة بالمصفرة «فيروسات فلاقي»، وهي قريبة في تركيبتها الجينية من فيروس آخر يسبب مرضا مشابها لحمى الخرمة ويعرف بفيروس «غابة كياسانور» في الهند.

وأكمل مدير الشؤون الصحية في جدة: «إن الخراف والأغنام والجمال هي من ينقل المرض إلى الإنسان»، مشيرا في الوقت نفسه إلى عدم الخطورة من الحيوانات الأليفة كالقطط والأرانب، إضافة إلى عدم الخطورة من البعوض.

ومن أهم أعراض حمى الخرمة، ظهور حمى وآلام في الجسم مع صداع لمدة 3 إلى 8 أيام، فضلا عن احتمال ظهور أعراض نزيف دموي على شكل طفح تحت الجلد أو رعاف، أو نزيف في أماكن الكدمات البسيطة، أو من خلال ظهور الدم في البول أو البراز.

وأشار باداود إلى احتمال تأثر وظائف الكبد مع ملاحظة يرقان، وهو «اصفرار في العين والأطراف» في بعض الحالات المصابة بحمى الخرمة، إضافة إلى ظهور أعراض عصبية في حالات نادرة، نتيجة حدوث التهاب في الجهاز العصبي مثل تغير حالة الوعي والغيبوبة أو التشنجات أو تيبس العنق.

وتتجلى طرق الوقاية من الإصابة أو انتقال العدوى في التأكد من سلامة الماشية، وتجنب الاحتكاك غير الضروري معها ومع منتجاتها، وضرورة التعامل بحذر مع الماشية المريضة بارتداء القفازات عند التعامل مع اللحوم النيئة في المنازل عند إعداد الطعام، إضافة إلى الكشف الدوري على المواشي للتأكد من خلوها من «القراد» واستعمال المبيدات الحشرية المناسبة غير الضارة على الحيوانات، ويجب تحاشي شرب أي نوع من الحليب أو اللبن غير المبستر والمأخوذ مباشرة من المواشي.

ودعت الشؤون الصحية في جدة من يشعر بظهور الأعراض إلى المسارعة بمراجعة أقرب مركز صحي، وأخذ مشورة الطبيب، مع ضرورة إبلاغه بتفاصيل أي تعامل مع الحيوانات، خصوصا المواشي أو اللحوم النيئة غير المطهوة تسهيلا لعمل الطبيب أو المرفق الصحي من اتخاذ كافة الوسائل الاحتياطية.